[Page 137]
[Page 138]
امّا من جهة الكمية فمنها كلية ومنها جزئية ومنها مهملة؛
وأما من جهة الكيفية فمن قبل ان كل واحدة من هذه اما موجبة واما سالبة:
فالكلية الموجبة هي ما أوجب فيها المحمول لكل الموضوع، مثل قولنا. ⟪كل
انسان حيوان⟫؛ والسالبة الكلية هي ما سلب فيها المحمول عن كل الموضوع، مثل
قولنا: ⟪ولا انسان واحد حجر⟫.
والجزئية الموجبة هي ما أوجب فيها المحمول لبعض الموضوع، مثل قولنا: ⟪بعض
الحيوان انسان⟫؛ والجزئية السالبة هي: اما سلب المحمول عن بعض الموضوع، مثل
قولنا: ⟪بعض الحيوان ليس بانسان⟫، واما سلب الكلية عن الموضوع، مثل قولنا:
⟪ليس كل حيوان انسانًا⟫. فان السالبة الجزئية لها عبارتان: احداهما رفع
البعض، والثانية رفع الكل الموجود فيها. والمهملة هي التي لا يقرن بها سور
اصلاً لا كلي ولا جزﺋﻲ، مثل قولنا: ⟪العلم بالاضداد واحد⟫ و ⟪اللذة ليست بخير⟫
فهذه هي اقسام المقدمة من جهة الصورة، اعني الاقسام النافعة في معرفة
القياس باطلاق. واما انقسام المقدمة من جهة المادة فمنها برهانية ومنها جدلية، الى
غير ذلك من الأقسام التي يلحقها من جهة المواد المستعملة في الصنائع المنطقية،
على ما سنبيّن بعد من هذه الصناعة. والمقدمة البرهانية والجدلية يفترقان بأشياء
احدها ان المقدمة البرهانية هي احد جزﺋﻲ النقيض وهو الصادق؛ واما المقدمة
الجدلية فقد تكون كل واحدة من جزﺋﻲ النقيض اذ كانت انما تؤخذ متسلمة من
المجيب، والمجيب فقد يجيب بكل واحد من جزﺋﻲ النقيض اذ كان السائل يفوّض
اليه في هذه الصناعة عند السؤال ان يجيب بأي جزﺋﻲ النقيض احب. وليس
الفرق الذي بين المقدمة البرهانية والمقدمة الجدلية مما له تأثير في وجود القياس
عنها، بل ليس بينهما في ذلك فرق اصلاً؛ فان المبرهن والجدلي قد يقيس كل
واحد من هؤلاء قياسًا صحيحًا اذا اخذ شيئًا محمولاً على شيء أو غير محمول
عليه، اعني اذا وضع مقدمة من المقدمات، فتكون المقدمة القياسية التي هي
كالجنس للمقدمة البرهانية و الجدلية، وهي التي ينظر فيها في هذا الكتاب، هي
قول موجب شيئًا لشيء أو سالب شيئًا عن شيء. وأما المقدمة البرهانية فهي
التي تكون من المعلومات الأول بالطبع؛ واما الجدلية: اما للقايس فمن المشهورات،
[Page 139]
وأما للسائل فمن المتسلمات المشهورة. والفصول التي تنفصل بها هذه المقدمات
بعضها من بعض هي مستوفاة في ⟪كتاب البرهان⟫ و ⟪كتاب الجدل⟪، والنظر فيها
من هذه الجهة هو هنالك، وكذلك فصول سائر المقدمات هي مستوفاة في
الصنائع الخاصة بها، مثل المقدمات السوفسطائية والخطبية والشعرية. وأما ها هنا
فيكفي من معرفة فصول المقدمات هذا القدر الذي ذكر.
[Page 140]
ضروري وهي الاستقراء والمثال والمقاييس التي تنتج السلب مرة والايجاب اخرى.
وقوله: ⟪بذاتها⟫ أراد به ان يكون القياس تامًا وهو الا ينقصه شيء يكون به
قياسًا. وقوله: ⟪لا بالعرض⟫ تحفظًا من الاشكال التي قد تنتج في بعض المواد على
ما سيبيّن بعد، مثل الانتاج من موجبتين في الشكل الثاني اذا كانت المحمولات
مساوية للموضوعات في الحمل. وبعض ما اخذ في هذا الحدّ هو بيّن بنفسه، اعني
وجوده للقياس، وبعضه سيبيّن وجوده، وذلك ان كون القياس قولاً جازمًا هو
بيّن بنفسه اذ كان القول الجازم هو الذي يصدق أو يكذب. وكذلك ما قيل فيه
من ان يكون اللازم عنه ﺷﻴﺌًﺎ غير المقدمات وان يكون اللزوم ضروريًا هو بيّن
بنفسه. وكذلك يكون اللزوم بذاته لا بالعرض هو أيضًا امر بيّن بنفسه، اعني ان
القياس يجب ان يكون بهذه الصفة. والذي بقي ان يبيّن هو ان الواجب ان يوضع
فيه اكثر من مقدمة واحدة، وذلك سيبيّن فيما بعد اذا تبيّن ان كل قياس فانما
يأتلف من مقدمتين لا أكثر ولا أقل.
والقياس منه كامل ومنه، كما قلنا، غير كامل. والكامل هو الذي لا يحتاج في
ظهور ما يلزم عنه من النتيجة الى استعمال شيء آخر غيره مما يبيٌن به انتاجه. وغير
الكامل هو الذي يحتاج في بيان ما يلزم عنه من النتيجة الى استعمال شيء آخر وأشياء
اخر مما هو لازم عن المقدمات التي وضعت فيه. وذلك ان القياس بالجملة يجب
ان يكون تامًا، وهو الّا ينقصه شيء يكون به قياسًا؛ ثم هذا ينقسم قسمين:
فمنه ما ينقصه شيء يبيّن به انه قياس، وهو الذي يخص ها هنا باسم غير
الكامل، ومنه ما لا ينقصه شيء يبيّن به انه قياس وهو الكامل.
[Page 141]
من الحيوانات فهو جسم، بل كل واحد من الحيوانات وكل ما يتصف بكل واحد
منها فهو جسم. وهذا هو الفرق بين المقول على الكل المستعمل مبدأ في هذا
الكتاب وبين المقدمة الكلية. وكذلك ⟪المقول ولا على واحد⟫ انما يعني به اذا لم
يوجد شيء في كل الموضوع الا ويسلب عنه المحمول حتى يكون المحمول مسلوبًا عن
كل الموضوع وعن جميع الأشياء الموجود فيها الموضوع، اعني الأشياء التي يتصف
بها الموضوع.
فهذه هي الأشياء التي يجب ان تتقدم معرفتها قبل النظر في اصناف
المقاييس، أي صنف كان.
[Page 143]
[Page 144]
المقدمة الى اقسام الوجود أو الى اقسام المعارف الأول الموجودة لنا بالطبع في
المقدمات وسيبيّن هذا من قولنا بعد.
[Page 145]
يبيّن من ذلك انه انما لزم من قبل المادة، اعني من قبل مادة المثال الموضوع فيه
لا من قبل الأمر في نفسه، مثل ان نضع بدل
ا
⟪حيوانًا⟫ وبدل ب ⟪حجرًا⟫.
فأقول انه اذا كان قولنا: ولا شيء من
ا ب
صادقًا، فانه يجب ضرورة ان يكون:
ولا شيء من
ب ا
صادقًا؛ لأنه ان لم يكن قولنا: ولا شيء من
ب ا
صادقًا،
فنقيضه هو الصادق، على ما تبيّن في الكتاب المتقدم، وهو قولنا: بعض
ب ا
.
فلنفرض ذلك البعض شيئًا محسوسًا، وهو
ﺟ
مثلاً، فتكون
ﺟ
التي هي بعض
ب
موجودة بالحس في
ا
، فهي بعض
ا
، فيكون بعض
ا
ب
موجودًا بالحس في ،
وقد كنا فرضنا انه: ولا شيء من
ا
هو
ب
صادقًا، وذلك خلف لا يمكن. فاذن
قولنا: بعض
ب ا
كاذب، واذا كذب هذا صدق قولنا: ولا شيء من
ب ا
،
وهو الذي قصدنا بيانه.
وأما
الموجبة الكلية المطلقة فانها تنعكس، كما قلنا، جزئية. وذلك انه ان كان
كل
ب ا
صادقًا، فأقول انه يجب ضرورة، وفي كل مادة، ان يكون بعض
ا ب
صادقًا. برهان ذلك انه ان لم يكن قولنا: بعض
ا ب
صادقًا، فنقيضه هو الصادق
وهو قولنا: ولا شيء من
ا
هو
ب
. واذا كان هذا صادقًا فعكسه أيضًا صادق على
ما تبيّن قبل من ان السالبة الكلية تنعكس، وهو قولنا: ولا شيء من
ب ا
، وقد
كنا فرضنا ان كل
ب ا
، هذا خلف لا يمكن. فاذن قولنا: ولا شيء من
ا
هو
ب
هو كاذب، واذا
كذب هذا صدق نقيضه وهو قولنا: بعض
ب ا
.
وأما
الموجبة الجزئية فأقول أيضًا انها تنعكس جزئية، وذلك انه لما كان بعض
ب ا
صادقًا، فبعض
ا ب
صادق ضرورة، لأنه لم يكن صادقًا فنقيضه هو الصادق
وهو: ولا شيء من ا ب، واذا صدق هذا فعكسه ايضًا صادق وهو قولنا:
ولا شيء من
ب ا
، وقد كنا فرضنا بعض
ب ا
، هذا خلف لا يمكن. فاذن قولنا:
ولا شيء من
ا ب
كاذب ضرورة، فنقيضه هو الصادق وهو قولنا:
بعض اب
.
وأما
الجزئية السالبة فانها لا تنعكس دائمًا. ومثال ذلك ان جعلنا في موضع
ب
⟪حيًا⟫ وفي موضع
ا
⟪انسانًا⟫، فصدق قولنا: ⟪ليس كل حي انسانًا⟫، لم يصدر
عكسه وهو قولنا: ⟪ليس كل انسان حيًا⟫، وهذا كافٍ في الابطال كما قلنا.
فهذه هي المقدمات المنعكسة وغير المنعكسة في المادة المطلقة.
[Page 147]
[Page 148]
صادقًا لأنه ان كان بعض
ا ب
بامكان لا باضطرار، وجب ان يكون بعض
ب ا
بامكان، وذلك ببيان الفرض المتقدم المستعمل في الوجودية. وذلك انّا اذا
فرضنا بعض ب، الذي هو موجود في ا بامكان، شيئًا محسوسًا، كان ذلك الشيء
بعض
ا
وبعض
ب
فيكون اذن بعض
ب ا
بامكان، وقد كنا وضعنا كل
ب ا
باضطرار، وهذا خلف لا يمكن. فاذن واجب ان يكون الصادق مع قولنا:
كل
ب ا
باضطرار، ان بعض
ا ب
باضطرار.
وأما
الموجبة الجزئية الاضطرارية فانها تنعكس ايضًا جزئية ضرورية، لأنه ان
كانت بعض
ب ا
باضطرار، فواجب ان يكون شيء من
ا
باضطرار هو
ب
، والا
لم يكن شيء من ب باضطرار هو
ا
.
فهذه هي المقدمات المنعكسة في المطلقة والاضطرارية، وهذا البيان الذي
نسقناه هو البيان الذي اعتمده ارسطو فيها، وبه تنحل الشكوك التي شككها
القدماء في هذا الباب عليه.
[Page 149]
القضايا التي ليس فيها جهة. وكما ان القضية التي لا يقرن حرف السلب فيها بالكلمة
الوجودية وانما يقرن بالمحمول هي موجبة، مثل قولنا: ⟪زيد يوجد لا خير⟫ أو
⟪يوجد لا ابيض⟫، كذلك هذه القضايا لما كان حرف السلب لا يقرن فيها بالجهة
وانما يقرن بالمحمول، مثل قولنا: ⟪هذا ممكن الاّ يكون في شيء من هذا⟫
و ⟪ممكن الا يكون في بعض هذا⟫ وسنبيّن هذا فيما بعد بيانًا أكثر.
[Page 151]
[Page 152]
[Page 153]
[Page 154]
أو سالبة. وأما هذين الضربين ينتجان في المواد مرة موجبة صادقة، ومرة سالبة
صادقة، فذلك ظاهر متى جعلنا حدود المقدمتين الكليتين اللتين الكبرى منهما موجبة
والصغرى سالبة، مرة: الحي والانسان والفرس، على ان الحى هو الحد الأكبر،
والأوسط الانسان، والاصغر الفرس؛ ومرة: الحي والانسان والحجر. فاذا قلنا:
ولا فرس واحد انسان، وكل انسان حي، انتج موجبًا كليًا، وهي ان: كل فرس
حي؛ واذا قلنا: ولا حجر واحد انسان، وكل انسان حي، انتج سالبًا كليًا، وهي
قولنا: ولا حجر واحد حي. واذا كان هذا التركيب مرة ينتج السالب ومرة ينتج
الموجب، فليس يلزم عنه شيء آخر من الاضطرار ودائمًا على ما اخذ في حدّ
القياس، واذا كان ذلك كذلك فليس بقياس. وكذلك الحدود التي تنتج الموجب في
المقدمتين السالبتين الكليتين هي: النطق والفرس والانسان، والتي تنتج السالب هي:
النطق والفرس والحمار. وذلك انه: ولا انسان واحد فرس، ولا فرس واحد ناطق،
ينتج: كل انسان ناطق؛ وأيضًا: ولا حمار واحد فرس، ولا فرس واحد ناطق،
ينتج: ولا حمار واحد ناطق. فاذن هذا التأليف مرة ينتج الموجب ومرة السالب،
فليس بتأليف قياسي.
فهذه حال المقاييس التي تأتلف من مقدمتين كليتين في هذا الشكل، اعني ان
اثنين منها منتج واثنين غير منتج. الاّ انه ينبغي ان نعلم ان الذي من كليتين سالبتين
في هذا الشكل ليس ينتج اصلاً شيئًا من الأشياء، لا بقياس صناعي ولا بقياس
طبيعي، وهو الذي تأتي به الفكرة من غير رويّة. وأما التي الصغرى فيه سالبة
فقد يظن به انه ينتج سالبة جزئية اذا عكسنا المقدمات، لكن هذا النوع من
الانتاج ليس هو عن قياس تقع عليه الفكرة بالطبع، وانما كان يكون منتجًا لو
كان هذا النوع من الشكل الأول قياسًا طبيعيًا، والمقصود ها هنا كما قلنا انما هو
احصاء المقاييس التي تقع عليها افكار الناس بالطبع.
[Page 155]
وكانت موجبة، فانه يكون عن ذلك قياس منتج كامل. مثال ذلك انه متى وضعنا
ان بعض
ﺟ
هو
ب
، وكل
ب
هو
ا
، فانه يجب ان يكون بعض
ﺟ
هو
ا
؛ وذلك
بيّن من معنى ⟪المقول على الكل⟫ لأن معنى قولنا: كل
ب
هو
ا
، كما قلناه غير
ما مرة، هو كل ما يوصف
بب
وصف ايجاب فهو
ا
، وبعض
ﺟ
وضع موصوفًا
بب
، فواجب ان يكون ذلك البعض موصوفًا بكل
ا
.
[Page 156]
وذلك: ان كل جهل قنية، وبعض القنية خير، ولا جهل واحد خير. وهذا هو
أيضًا غير منتج بالطريق الطبيعي. وكذلك متى وضعنا انه ولا شيء من
ﺟ
هو
ب
،
وبعض
ب ا
أو بعض
ب
ليس هو
ا
، فانه لا ينتج نتيجة محفوظة الكيفية؛ وذلك
بيّن ايضًا من معنى ⟪المقول على الكل⟫ ومن المواد. فمثال حدود المقدمات التي تنتج
الموجب، مما الكبرى فيه موجبة جزئية والصغرى سالبة كلية، الأبيض والفرس
والققنس؛ وذلك انه: ولا ققنس واحد فرس، وبعض الفرس ابيض، ينتج: كل
ققنس ابيض؛ والحدود التي تنتج سالبة صادقة: الأبيض والفرس والغراب، وذلك
انه: ولا غراب واحد فرس، وبعض الفرس ابيض، ينتج: ولا غراب واحد
ابيض، وهو سالب صادق. واذا تبيّن في امثال هذه المقاييس انها تنتج الموجب
الكلي مرة والسالب الكلى مرة، فبيّن انه ليس ينتج سالبًا جزئية ولا موجبًا جزئيًا؛
وذلك ان من جهة انها قد تنتج الموجب الكلي فليس يمكن فيها ان تنتج دائمًا
سالبًا جزئيًا، ومن جهة انها تنتج السالب الكلي فليس يمكن فيها ان تنتج دائمًا لا
موجبًا كليًا ولا جزئيا. وهذه ليست مقاييس بالاضافة الى ما ينتج بطريق طبيعي.
وكذلك يلفى الأمر ان اخذ ها هنا بدل الجزئية مهملة اذ كانت قوتهما واحدة.
وكذلك
ايضًا متى كانت المقدمة الكبرى كلية موجبة كانت أو سالبة، وكانت
المقدمة الصغرى جزئية سالبة، فانه لا يكون أيضًا قياس ينتج المطلوب بطريق
طبيعى، لأن الطرف الأصغر لما كان ليس يوجد فيه الحدّ الأوسط، أعني ليس هو
محمولاً عليه بايجاب على الشريطة المفروضة في ⟪المقول على الكل⟫، امكن ان
يوجد الطرف الأكبر فيه والاّ يوجد في شيء منه. ومثال ذلك انّا اذا وضعنا
ان بعض
ﺟ
غير موجودة لشيء من
ب
، وكل
ب ا
، فانه يمكن ان ينتج ان
ا
موجودة مرة لبعض
ﺟ
ومرة غير موجودة. ومثال حدود ذلك من المواد: الحي
والانسان والأبيض؛ وذلك ان: بعض الأبيض ليس بإنسان، وكل انسان حي، فان
كان قولنا: بعض الأبيض ليس بانسان، وهي السالبة الجزئية تصدق مع السالبة
الكلية، وهي قولنا: ولا واحد من الأبيض انسان، كان القياس مؤتلفًا من مقدمتين
صغراهما سالبة كلية وكبراهما موجبة كلية. وقد تبيّن ان هذا غير منتج من جهة
الحدود التي تنتج المتضادين. وان كانت لا تصدق مع قولنا: بعض الأبيض ليس
بانسان السالبة الكلية، فيكون بعض الأبيض ضرورة هو انسان وبعضه ليس بانسان.
[Page 157]
فاذن لا يوجد في هذا الوضع حدود تنتج المتضادين، اعني السالب والموجب اذ
كان يجب ان يكون بعض
ﺟ
هو
ا
، لأنه اذا صدق مع قولنا: بعض الأبيض ليس
بانسان قولنا ان بعض الأبيض انسان، كان اللازم عن هذا التأليف تأليفًا منتجًا،
وهو الذي يكون من موجبة صغرى جزئية وكبرى كلية، وقد تبيّن انه ينتج ولا
بد موجبة جزئية. فلذلك لا يصح ان يوجد في مثل هذه المادة سالب كلي لأنه
نقيض للموجب الجزئي، لكن يبيّن في مثل هذه المادة، اعني اذا كانت المقدمة
الجزئية السالبة صادقة مع الموجبة الجزئية، وهي التي تسمى جزئية بالطبع، ان هذا
التأليف غير منتج. فانه يمكن ان نجد في ذلك البعض، الذي سلب عنه الانسان،
ما يصدق عليه الحيوان وما يكذب عليه، وذلك ان بعض الأبيض الذي ليس
بانسان. اذا فرضنا انه الثلج مثلاً، صدق قولنا: ولا ثلج واحد حيوان، واذا
فرضناه الققنس مثلاً، صدق قولنا: ان كل ققنس حيوان. فمن هذه الجهة قد
يظهر لنا ان هذا التأليف مرة ينتج موجبًا كليًا صادقًا، ومرة سالبًا كليًا صادقًا وهما
المتضادان. وقد يمكن ايضًا ان يقال ان هذا الشكل غير منتج من جهة انه انما
يطلب ها هنا المنتج دائمًا لا بحسب مادة من المواد.
[Page 158]
غير نام، وان ققنس الذي هو الطائر نام، فنجد هذا التأليف ينتج المتقابلين معًا.
واذا
كانت المقدمتان المأخوذتان في هذا الشكل كلتاهما جزئية أو مهملة، أو
احداهما مهملة والثانية جزئية، فانه لا يكون من ذلك قياس، موجبتان كانتا معًا
أو سالبتان معًا، أو احداهما موجبة والأخرى سالبة؛ وذلك بيّن من انه ليس
يوجد فيها معنى ⟪المقول على الكل⟫ اذ كان ذلك يقتضي شرطين: احدهما ان تكون
الكبرى كلية كيف ما كانت في كيفيتها، اعني موجبة أو سالبة، والثانية ان تكون
الصغرى موجبة ولا بد كيف ما كانت في كميتها، اعني كلية أو جزئية. وقد تبيّن انه
غير منتج من الحدود التي تنتج المتضادات في جميع هذه التأليفات والحدود العامة
لها. اما فيما ينتج الموجب الكلي: فالحي والأبيض والانسان، اعني ان يكون الحي
هو الطرف الاعظم، والأبيض الأوسط، والانسان الاصغر؛ وذلك انك تجد في
هذه الحدود جميع اصناف تلك التأليفات، وكلها تنتج موجبًا. وذلك: ان بعض
الانسان ابيض، وبعض الأبيض حي، وبعض الانسان ليس بأبيض، وبعض
الأبيض ليس بحي. وكلها يلزم عنها ان الانسان حي. واما الحدود العامة لها التي
ينتج فيها السالب الكلي فالحي والأبيض والحجر، اعني ان يكون الحي هو الأكبر،
والأبيض الأوسط، والأصغر الحجر.
فقد تبيّن المنتج في هذا الشكل من غير المنتج، وان المنتج منها اربعة فقط،
وهو الذي يكون من موجبتين كليتين، ومن موجبة كلية كبرى وموجبة جزئية
صغرى، ومن كلية سالبة كبرى وجزئية موجبة صغرى، ومن كلية سالبة كبرى وكلية
موجبة صغرى؛ وانه ينتج اصناف القضايا، اعني انه ينتج موجبة كلية، وموجبة
جزئية، وسالبة كلية، وسالبه جزئية؛ وان المقاييس المنتجة في هذا الشكل كاملة،
ولذلك سمي بالشكل الأول. وما ظن القدماء من ان الثلاثة الاصناف التي في هذا
الشكل قد تنتج نتيجتين، اعني ان الصنف الذي ينتج السالبة الكلية قد ينتج
عكسها، وكذلك الذي ينتج الموجبة الجزئية والذي ينتج الموجبة الكلية، اعني انهما
ينتجان ايضًا عكسيهما وهي موجبة جزئية، فذلك جهل بغرض ارسطو ها هنا،
وذلك ان ارسطو انما قصد أن يعدّد ها هنا اصناف النتائج الموجودة بالذات
وأولأ للمقاييس الطبيعية، لا الموجودة بالقصد الثاني وعلى غير مجرى الطبع القياسي.
[Page 159]
[Page 160]
[Page 161]
في المواد ينتج المتضادين معًا. ومثال الحدود التي تنتج الموجب: الانسان والخط
والحي. وذلك انه ولا انسان واحد خط، ولا حي واحد خط، وكل انسان حي.
ومثال الحدود التي تنتج السالب الكلي: الحجر والخط والحي. وذلك انه: ولا حجر
واحد خط، ولا حي واحد خط، ينتج ولا حجر واحد حي. فيوجد هذان التأليفان
مرة ينتجان الموجب، ومرة ينتجان السالب فليسا بقياس.
فقد تبيّن من هذا القول، اذا كانت المقدمتان كليتين متى يكون قياس في
هذا الشكل ومتى لا يكون، وان القياسات المنتجة في هذا الشكل ليست بكاملة اذ
كانت انما تبيّن 2انها منتجة بغيرها لا بنفسها.
[Page 162]
الكذب فهو كذب، والكذب انما لزم عن وضعنا ان كل
ج ا
، فقولنا:كل
ﺟ ا
كذب، فنقيضه اذن صادق وهو قولنا: بعض
ﺟ
ليس
ا
، وذلك ما اردنا
بيانه .
وأما
اذا كانت المقدمة الكبرى في هذا الشكل هي الجزئية والصغرى هي
الكلية، وكانت احداهما مخالفة في الكيفية للثانية، فانه لا يكون ايضًا عن ذلك
قياس. فلتكن اولاً الكبرى جزئية سالبة والصغرى موجبة كلية. مثال ذلك ان يكون
كل
ﺟ
هو
ب
، وبعض
ا
ليس هو
ب
. وبيان ذلك انها توجد تنتج في المواد
المختلفة المتضادين معًا. فالحدود التي تنتج الموجب: الغراب والحي والجوهر،
والغراب هو الأصغر، والحي هو الأوسط؛ فان كل غراب حي، وبعض الجوهر
ليس بحي، فينتج: كل غراب جوهر، وهو موجب صادق. وأما الحدود التي
تنتج السالب فهي: الغراب والحي والأبيض؛ وذلك ان كل غراب حي، وبعض
الأبيض ليس بحي، فينتج: ولا غراب واحد ابيض، وذلك صادق. وكذلك
أيضًا لا يكون قياس اذا كانت الكبرى موجبة جزئية والصغرى سالبة كلية. ومثال
ذلك من الحروف: ولا شيء من
ﺟ
هو
ب
، وبعض
ا
هو
ب
. والحدود
التي تنتج الموجب في هذا التأليف هي: الحجر والحي والجوهر، والحجر هو
الأصغر، والحي هو الأوسط؛ وذلك انه ولا حجر واحد حي، وبعض الجوهر
حي، تكون النتيجة: كل حجر جوهر. والحدود التي تنتج السالب هي: العلم والحي
والجوهر، والعلم هو الأصغر بحسب ترتيبنا، والحي هو الأوسط، وذلك ان العلم
ليس بحياة وبعض الجواهر حية، والنتيجة: العلم ليس بجوهر.
فقد تبيّن، اذا كانت المقدمة الكلية في هذا الشكل مخالفة للجزئية في كيفيتها،
متى يكون قياس ومتى لا يكون.
وأما
اذا كانت الكلية والجزئية متوافقتين في الكيفية، اعني اما سالبتين معًا
أو موجبتين معًا، فلا يكون منهما قياس البتة. فلتكن أولاً سالبتين، ولتكن
الكلية هي المقدمة الكبرى والجزئية الصغرى. ومثال ذلك ان تكون ب ليست
في كل
ﺟ
، ولا شيء من
ا
هو
ب
. وبرهان ذلك ان قولنا:
ب
ليست في كل
ﺟ
[Page 163]
هو غير محدود، فقد تصدق معه السالبة الكلية، وقد تصدق معه الموجبة الجزئية.
فاذا صدقت معه السالبة الكلية لم يكن منتجًا على ما تبيّن، ووجدت حدود تنتج
الحدود الموجبة، واذا صدقت معها الموجبة الجزئية، لم توجد حدود تنتج موجبة
كلية. وذلك انه لو وجدت حدود تنتج ان كل
ﺟ
هو
ا
، وقد كان معنا: ولا شيء
من
ا
هو
ب
، لقد كان يجب ان يكون: ولا شيء من
ﺟ
هو ب، فتكون الجزئية
السالبة سالبة بالوضع لا بالطبع، وقد كنا فرضناها سالبة بالطبع، وهي التي يصدق
معها: بعض ج هو ب، هذا خلف لا يمكن. لكن بيّن ان هذا التأليف غير
منتج من قبل ان تلك السالبة الجزئية غير محدودة، اعني انها مرة تكون جزئية بالطبع
ومرة بالوضع، فتكون مرة تنتج ومرة لا تنتج؛ وما كان مرة ينتج ومرة لا ينتج، لم
يعدّ قياسًا، اذ القياس هو الذي ينتج نتيجة واحدة دائمًا وباضطرار. وقد يمكن ان
يستعمل في هذا البيان المتقدم الذي استعمل في نظير هذا من الشكل الأول، بأن
يؤخذ من ذلك البعض شيء يصدق عليه محمول المطلوب، وشيء يكذب عليه.
مثال ذلك ان نقول: بعض الأبيض ليس بحي، ولا حجر واحد حي؛ ثم نأخذ
من بعض الأبيض ما يكذب عليه الحجر، وهو الثياب البيض مثلاً، وما يصدق
عليه الحجر هو الرخام. ولكن هذا البيان قوته قوة النقل الى السالبة الصغرى
الكلية، وذلك ما يظن ان ارسطو اضرب ها هنا عنه.
ولتكونا
أيضًا موجبتين، وتكون الكلية هي الكبرى والجزئية الصغرى، مثل ان
يكون: بعض
ج ب
، وكل
ا ب
، فانه أيضًا لا يكون عن ذلك قياس. وذلك
انه ان صدقت مع الموجبة الجزئية الموجبة الكلية، كان ذلك غير منتج على ما
تبيّن، ووجدت حدود تنتج الموجب فيها والسالب؛ وان صدقت معها السالبة
الجزئية لم توجد هنالك حدود تنتج الموجب الكلي للسبب الذي قلناه في الذي يكون
من سالبتين، لكن بيّن انه غير منتج بذلك الوجه بعينه الذي تبيّن به ذلك.
وأما
ان كانتا جميعًا سالبتين، وكانت المقدمة الكلية هي الصغرى والكبرى
هي الجزئية، مثل ان يكون: ولا شيء من
ج ب
، وبعض
ا
ليس
ب
، فانه
لا يكون عن ذلك قياس. والحدود التي تنتج الموجب الكلي فيه هي: الغراب
والأبيض والحي، والغراب هو الأصغر، والأبيض هو الأوسط، والحدّ الأكبر هو
[Page 164]
الحيّ؛ والتي تنتج السالب: الغراب والأبيض والحجر، والغراب هو الأصغر،
والأبيض الأوسط، والحجر الأكبر.
وكذلك
لا يكون قياس وان كانتا موجبتين معًا، وتكون المقدمة الكلية هي
الصغرى والجزئية هي الكبرى، لأنه ينتج المتضادتين . فمثال الحدود التي تنتج
الموجب: الققنس والأبيض والحي، والققنس هو الأصغر، والأبيض الأوسط؛
وذلك ان كل ققنس ابيض، وبعض الحي ابيض، والنتيجة: كل ققنس حي؛
والتي تنتج السالب الكلي: الثلج والأبيض والحي؛ وذلك ان كل ثلج ابيض،
وبعض الحي ابيض، والنتيجة: ولا ثلج واحد حي.
فقد تبيّن انه اذا كانت المقدمتان متشابهتين في الكيفية ومختلفتين في الكمية،
انه لا يكون في هذا الشكل قياس.
واما
اذا كانت كلتاهما جزئية او مهملة، او احداهما جزئية والثانية مهملة، فانه لا
يكون ايضًا منهما قياس، كانتا موجبتين معًا او سالبتين معًا، او احداهما موجبة
والثانية سالبة، لأن جميعها تنتج في المواد المختلفة الموجبة تارة والسالبة تارة. والحدود
العامة التي تنتج الموجب في جميعها هي: الانسان والابيض والحي، والانسان هو
الاصغر، والابيض الأوسط، والحي الاكبر، ولن يخى عليك تأليفها، وكلها تنتج
ان الانسان حي. والحدود العامة لجميعها التي تنتج السالب: غير النامي والابيض
الحي، والاصغر هو غير النامي، والأوسط الأبيض، وكلها تنتج ان غير النامي ليس
بحي.
فقد تبيّن من هذا القول انه اذا وجد في هذا الشكل قياس منتج، فمن
الاضطرار ان تكون المقدمات على ما وضعنا، اعني ان تكون الكبرى كلية، والثانية
مخالفة لها في الكيفية؛ وانه اذا وجدت المقدمات بهذه الصفة، من الاضطرار ان
يكون في هذا الشكل قياس. وتبيّن مع هذا ان كل قياس يكون في هذا الشكل
فهو غير كامل، اذ كان انما يبيّن فيه انه قياس اذا زيد فيه اشياء اخر: اما من
الأمور اللاحقة باضطرار لمقدماتها، مثل انعكاسها ورجوعها الى الشكل الأول؛ وأما
باستعمال بيان الخلف في ذلك. وهو بيّن انه لا يكون في هذا الشكل نتيجة موجبة،
وانما تكون سالبة كلية أو جزئية.
[Page 165]
[Page 166]
كذب؛ وأما بالافتراض فبأن نفرض بعض
ب
هو
ز
، ولأن
ﺟ
في كل
ب
،
ز
و
هو جزء من
ب
، ﻓ
ز
ضرورة جزء من
ﺟ
؛ ولأن
ا
في كل
ب
، و
ز
جزء من
ب
، ﻓ
ز
ضرورة جزء من
ا
، وقد كانت جزءًا من
ﺟ
، فبعض
ﺟ
هو
ا
.
[Page 167]
[Page 168]
الكبرى والموجبة هي الصغرى، فقد يكون قياس. مثال ذلك انّا نفرض أولأ ان
السالبة الكبرى هي الجزئية، والموجبة الصغرى هي الكلية، مثل ان يكون: كل
ب
هو
ﺟ
، وبعض
ب
ليس
ا
، فأقول انه ينتج ان بعض
ﺟ
ليس هو
ا
، وذلك
بسياقة الكلام الى المحال؛ وذلك ان لم يكن صادقًا قولنا: بعض
ﺟ
ليس
ا
،
فليكن الصادق نقيضه وهو كل
ﺟ
هو
ا
، فاذا اضفنا الى هذه المقدمة الصغرى
وهي ان كل
ب ﺟ
، انتج لنا ان كل
ب
هو
ا
، وذلك محال لأنه نقيض المقدمة
الكبرى، لأنّا قد كنا وضعنا ان بعض
ب
ليس
ا
، فنقيضه هو الصادق وهو ان
بعض
ﺟ
ليس
ا
. وقد يبيّن ذلك بالفرض اذا فرض ب شيئًا محسوسًا، وليكن مثلاً
ز
، فيكون معنا: ولا شيء من
ز
هو
ا
، وكل
ز
هو
ﺟ
، لأن
ز
جزء من
ب
،
فيعود الى الصنف المنتج من هذا الشكل، اعني الذي من كليتين: الكبرى سالبة
والصغرى موجبة، وينتج بعض
ﺟ
ليس
ا
. وهذا الصنف ليس يتبيّن بالانعكاس.
[Page 169]
الموجبة الجزئية، فيكون بعض
ب
هو
ﺟ
، وكل
ب
هو
ا
، فبعض
ﺟ
اذن هو
ا
.
فاذن ليس يصدق ولا شيء من
ﺟ
هو
ا
. لكن هذا الصنف يعدّ في غير المنتج من
قبل انه انما ينتج في بعض المواد، وهي المادة التي تصدق فيها مع السالبة الجزئية الموجبة
الجزئية.
وكذلك
اذا كانت الصغرى هى الكلية والكبرى هي الجزئية. مثال ذلك ان
يكون: ولا شيء من
ب
هو
ﺟ
، وبعض
ب
هو
ا
، فأقول انه غير منتج.
فالحدود التي تنتج الموجب: المائي والانسان والحي؛ وذلك انه: ولا مائي واحد
انسان، وبعض المائي حي، وكل انسان حي، وهي النتيجة. والحدود التي تنتج
السالبة: المائي والعلم والحي؛ وذلك انه: ولا مائي واحد له علم، وبعض المائي
له حياة فلا علم واحد حياة.
وكذلك
أيضًا لا يكون قياس اذا كانتا سالبتين معًا، اعني الكلية والجزئية.
ومثال الحدود التي تنتج السالب، اذا كانت الصغرى هي الكلية، النامي والعلم
والحي، والنامي هو الأوسط، والعلم هو الأصغر، والحي الأعظم؛ وذلك ان النمو
ليس بعلم، وبعض النمو ليس بحياة، والعلم ليس بحياة، وهي النتيجة: ومثال
الحدود التي تنتج الموجب: المائي والانسان والحي؛ وذلك ان المائي ليس بانسان،
وبعض المائي ليس بحيوان، وكل انسان حيوان، وهي النتيجة. والحدود التي تنتج
السالب، اذا كانت المقدمة الكبرى هي الكلية، البياض والثلج والغراب؛ وذلك ان
بعض الأبيض ليس بثلج، ولا ابيض واحد غراب، والنتيجة: لا ثلج واحد غراب.
وأما الحدود التي تنتج الموجب فيه فليس يوجد للعلة التي تقدمت، اعني لأنه قد
يصدق فيه مع السالبة الجزئية الموجبة الجزئية؛ وذلك انه ان كان كل
ﺟ
هو
ا
،
وقد كان معنا بعض
ب
هو
ﺟ
، انتج لنا ان بعض
ب
هو
ا
، وقد وضعنا في
مقدمات هذا القياس: ولا شيء من
ب ا
، هذا خلف لا يمكن.
فاذن لا يمكن في هذا الصنف ان ينتج موجبًا اصلاً، لكن يعلم انه ليس
بقياس لأنه ليس ينتج نتيجة واحدة دائمًا، وذلك انه لا يدرى الموضع الذي
يصدق فيه مع السالبة الجزئية الموجبة الجزئية، من الموضع الذي يصدق فيه معها
السالبة الكلية.
وأما
اذا كانت المقدمتان في هذا القياس جزئيتين أو مهملتين، أو احداهما
[Page 170]
جزئية والأخرى مهملة، موجبتين كانتا معًا أو سالبتين معًا، أو احداهما موجبة
والأخرى سالبة، فانه لن يكون في ذلك قياس. والحدود التي تنتج الموجب، العامة
لهذه الضروب كلها، البياض والانسان والحي؛ والتي تنتج السالب: الأبيض وغير
النامي والحي، والأبيض هو الحدّ الأوسط فيهما، والحي هو الأكبر.
[Page 171]
[Page 172]
كثيرًا في كلام الناس بالطبع؛ وكذلك اذا قلنا:
ا
في
ﺟ
لأن
ا
و ج
ﺟ
في
ب
، هذا
ايضًا قياس موجود لنا بالطبع، وهذا هو الشكل الثالث.
وأما
ان نقول ان:
ا
في
ﺟ
لأن
ﺟ
في
ب
و
ب
في
ا
، فهو شيء لا يفعله
بالطبع احد، لأن الذي يلزم منه هو غير المطلوب وهو ان
ﺟ
في
ا
، فكان هذا
بمنزلة من قال:
ا
في
ﺟ
لأن
ا
في
ب
و
ب
في
ﺟ
، وهذا شيء لا تفعله الفكرة بالطبع.
ومن هنا يبيّن ان الشكل الرابع الذي يذكره جالينوس ليس بقياس تقع عليه الفكرة
بالطبع. وذلك انه اذا طلبنا: هل
ﺟ
فيها
ا
؟ فقلنا:
ﺟ
فيها
ا
لأن
ب
في
ا
و
ﺟ
في
ب
، فنحن بين احد امرين: اما ان نلحظ اللازم عن هذا التأليف ونطرح ذلك
المطلوب بالجملة، وهو ان
ا
في
ﺟ
، وذلك خلاف ما طلبنا؛ واما ان يكون، عندما
نأتي بهذا التأليف، يبقى المطلوب في اذهاننا على ما كان عليه عند الطلب، وهو ان
يكون الموضوع فيه موضوعًا والمحمول محمولاً. وذلك ان كل مطلوب واحد فالموضوع
فيه موضوع بالطبع، والمحمول فيه محمول بالطبع؛ فاذا بقي الموضوع موضوعًا عندنا في
المطلوب والمحمول محمولاً، وذلك موجود في اذهاننا بهذه الصفة ما دام المطلوب
مطلوبًا، ثم اتينا بحدّ اوسط يكون محمولاً على محمول المطلوب وموضوعًا لموضوع
المطلوب، على ما يرى جالينوس ان هذا شكل رابع بالاضافة الى المطلوب. والا
فما ها هنا شكل رابع وانما ها هنا شكل اول: اما على المطلوب. وأما على
عكسه. لكن لننزل ها هنا ان هذا الشكل الرابع انما نتصوره على هذه الجهة،
اعني بالاضافة الى المطلوب المحدود الذي الموضوع فيه موضوع بالطبع والمحمول محمول
بالطبع، فانه ليس يتصور شكل رابع الا على هذا الوجه. فمتى طلبنا وجود شيء في
شيء، وأخذنا حدًّا اوسط فحملناه مرة على محمول المطلوب ومرة حملنا عليه موضوع
المطلوب، عاد المطلوب موضوعًا والموضوع مطلوبًا فانعكس الطلب والقياس وانتج
العكس، وذلك في غاية الاستكراه. فهذا هو السبب في ان لم تؤلفه فكرة
بالطبع على مطلوب محدود حتى يكون ها هنا قياس ينتج المطلوب المحدود بعكسين
كما يراه جالينوس في الشكل الرابع على ما يقال. والفرق بين هذا العكس
والعكس الذي يستعمل ارسطو في رد كثير من اصناف الشكل الثاني والثالث
الى الأول، ان ذلك العكس هو في تبيّن الانتاج في مقاييس طبيعية، وهذا
عكس في تبيّن الانتاج في قياس صناعي لا طبيعي. وانما لم يلتفت ارسطو الى
[Page 173]
المقاييس الصناعية لانها غير محاكية للوجود، وتكاد ان تكون غير متناهية. ولذلك
ظنّ قوم انه توجد نتائج كثيرة في كل واحد من الأشكال غير النتائج التي ذكرها
ارسطو، وذلك اما جزئياتها واما عكوسها، وتلك ان جعلت مطلوبات ثم انتجت
بتوسط النتائج الأول، فذلك انتاج بطريق غير طبيعي بل صناعي.
وارسطو يبيّن ان الصنفين الكليين من الشكل الأول، اعني اللذين ينتجان نتيجة
كلية، اكمل الأشكال كلها، لأن جميع اصناف المقاييس المنتجة التي في
الشكل الثاني ترجع الكلية منها الى الكلية في هذا الشكل، وترجع الجزئية التي فيه
الى الجزئية؛ وجميع اصناف الشكل الثالث الى الجزئية التي في الشكل الأول
وذلك ان جميع أصناف الشكل الثالث إنما تنتج جزئية. والجزئية التي في الشكل
الأول يمكن فيها ان تبيّن عن طريق الخلف بالكلية التي في الشكل الثاني، التي تبيّن
بالكلية التي في الشكل الأول. فيكون هذا الصنفان من الشكل الأول اكمل من
جميع اصناف المقاييس المنتجة، اذ كلها يمكن ان تبيّن بهذين الصنفين.
وأما
كيف تبيّن الجزئية التي في الشكل الأول على طريق الخلف، بالكلية التي
في الشكل الثاني، فعلى ما أقول. وذلك انه ان كانت
ا
موجودة في كل
ب
، و
ب
في بعض
ﺟ
، فأقول ان
ا
موجودة في بعض
ﺟ
، فان لم يكن ذلك فنقيضه هو
الصادق، وهو انه ولا شيء من
ا
في
ﺟ
، وقد كان معنا ان
ا
موجودة في كل
ب
، فينتج في الشكل الثاني ان
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، وقد كنا فرضناها
في بعض
ﺟ
، هذا خلف لا يمكن. وبمثل هذا يبيّن انتاج السالب الجزئى في الشكل
الأول بالكلي السالب من الشكل الثاني على طريق الخلف.
فقد تبيّن من هذا القول اصناف القياسات المطلقة التي توجب اثبات شيء
وابطاله.
[Page 175]
[Page 176]
المطلقة الأول قولنا: كل ماش متحرّك، ومثال الضرورية: كل انسان ناطق. وليست
المطلقة ما يحكى عن الاسكندر، ولا ما حكي عن ثافرسطس، وقد بيّنا ذلك في
مقالة افردناها لذلك، وان الضرورية تقال على ما كان موجودًا بالفعل ومشترطًا
فيه هذه الزيادة.
[Page 177]
[Page 178]
حمل شيء على الكل فهو يحمل على الجزء ضرورة بالجهة التي بها حمل على
الكل، وذلك بيّن بنفسه، فان الجزء منطو في الكل وداخل تحته.
وأما ان كانت الكبرى ليست ضرورية، لكن كانت الضرورية الصغرى،
فانه ليس تكون النتيجة ضرورية. مثال ذلك قولنا: كل
ﺟ
فهو ب باضطرار، وكل
ب
فهو
ا
بالفعل، أو لا شيء من
ا ب
بالفعل، فأقول انه ليس ينتج في هذا
التأليف ان كل
ﺟ
فهو
ا
باضطرار أو ليس
ا
باضطرار.
برهان
ذلك انه ان كان ذلك ممكنًا فلنضع ان كل
ﺟ
هو
ا
باضطرار، وقد
فرضنا ان كل
ﺟ
هو
ب
باضطرار، فينتج لنا في الشكل الأول والثالث ان
بعض ب هو
ا
باضطرار، وقد وضعنا ان كل
ب
هو
ا
لا باضطرار، وهذا خلف
لا يمكن. وبمثل هذا تبيّن اذا وضعنا المقدمة الكبرى سالبة ليست بضرورية،
وقد تبيّن ايضًا ذلك من ان
ﺟ
هي جزء من
ب
، فاذا كانت امحمولة على كل ما هو
جزء
لب
، التي هي الكل بغير ضرورة، فهي محمولة على
ﺟ
بغير ضرورة اذ
كانت جزءًا من
ب
. وهو ايضًا بيّن من الحدود ان النتيجة ليست ضرورية. مثال
ذلك ان نضع عوض
ا
متحركًا، وعوض
ب
حيًا، وعوض
ﺟ
انسانًا، فنقول: كل
انسان حي باضطرار، وكل حي متحرك لا بالضرورة، فتكون النتيجة: كل انسان
متحرك لا بالضرورة. الا ان الحدود انما تعطي انها ليست تنتج ضرورية دائمًا، لا
انها ليست تنتج ضرورية اصلاً، كما يعطي ذلك قياس الخلف ومعنى ⟪المقول على
الكل⟫.
[Page 179]
المواد. وذلك اذا وضعنا بدل ا متحركًا، وبدل ب حيا، وبدل
ﺟ
ابيض،
فيأتلف القياس هكذا: بعض الأبيض حي بالضرورة وكل حي متحرك لا
بالضرورة، فينتج بعض الأبيض متحرك لا بالضرورة.
[Page 180]
الطرف الأصغر بجهة ما، ان تكون تلك الجهة بعينها هي جهة حمل الكل، الذي
هو الطرف الأكبر، عليه.
قالوا
: فكيف ما كان يجب ان تكون جهة الحمل في النتيجة تابعة لجهة
المقدمة المطلقة. وهذا القول الاختلال فيه بيّن، وذلك ان اعتبار الكل والجزء في
القياس، من جهة ما هو قياس، منتج في الشكل الأول بحسب ⟪المقول على
الكل⟫، انما هو في المقدمة الصغرى، ولذلك اشترط فيها ان تكون موجبة، واشترط
في الكبرى ان تكون كلية ولم يشترط فيها ان تكون موجبة. واذا كان ذلك كذلك
فلا اعتبار بالكل والجزء الموجود في المقدمة الكبرى ان وجد، سواء كان ضروريًا أو
لم يكن، بل الواجب اعتبار الكل والجزء في الموضع الذي هو شرط في وجود
القياس، وهو الكل والجزء الموجود في المقدمة الصغرى. واذا كان ذلك كذلك
فتكون جهة النتيجة تابعة لجهة المقدمة الكبرى، على ما يراه ارسطو. ولو سلّمنا
لهم ان الجزء والكل يُعتبر في كل واحدة من المقدمتين، لم يكن لنا ان نجعل في
موضع الاعتبار بالجزء والكل الذي يكون في المقدمة الصغرى، وفي موضع الاعتبار
بالجزء والكل الموجود في الكبرى، حتى يتحكم على القياس هذا التحكم. وأيضًا
فمتى اعتبرنا الجزء والكل في المقدمة الكبرى، ولم نعتبره في الصغرى، لم يكن قياس
الا بالعرض، لأنه ليس يجب ان يكون الطرف الأصغر منطويًا في الحمل تحت
المقدمة الكبرى، وذلك بيّن بنفسه.
وأما
ما يحتجون به أيضًا من انه يجب ان تكون جهة النتيجة تابعة لاخسّ جهتي
المقدمتين، كالحال في الايجاب والسلب، اعني انه متى كانت احدى المقدمتين موجبة
والأخرى سالبة، ان النتيجة تتبع السالبة التي هي اخسّ، فان هذا قياس شبهي؛
وذلك ان النتيجة ليس تتبع المقدمة السالبة دون الموجبة، من جهة ان السالبة اخسّ
من الموجبة، بل من جهة ما هي سالبة؛ والمطلقة وان كانت اخسّ فهي موجبة
لا سالبة، واختلال هذا القول ظاهر بنفسه.
وأما
ما يحتجون به أيضًا من انه قد يوجد في بعض المواد ما ينتج المطلق، وهو
مؤلف من مطلقة صغرى وضرورية كبرى، مثال ذلك قولنا: كل انسان يمشي اي
بالفعل، وكل ماشٍ متحرك باضطرار، فكل انسان متحرك لا باضطرار، فان وجه
[Page 181]
التغليظ في ذلك ان الماشي ليس هو متحركًا باضطرار من جهة ما هو انسان، وانما
هو من جهة ما هو ماشٍ. فاذا اشترط هذا الشرط المأخوذ في المقدمة الكبرى في
النتيجة كانت ضرورية، وهو ان كل انسان متحرك باضطرار من جهة ما هو ماش.
[Page 182]
الكل⟫ في بعض المواد، وهي التي يصدق فيها ان ا باطلاق أو بالضرورة على كل
ما هو
ب
بالفعل أو بالقوة. وما يكون من قبل المواد فغير معتبر ها هنا. فتأمل
هذا فان ابا نصر قد وهم على ارسطو فيه.
[Page 183]
[Page 184]
القياس هي: ولا شيء من
ﺟ
هو
ا
بالضرورة، وقد كان معنا في مقدمات هذا
القياس ان كل
ﺟ
هو
ب
بالضرورة، فاذا عكسنا الموجبة الكلية كان معنا: بعض
ب
هو
ﺟ
، ولا شيء من
ﺟ
هو
ا
بالضرورة، فالنتيجة على ما تبيّن في الشكل
الأول ان بعض
ب
هو
ﺟ
، ولا شيء من
ﺟ
ليس هو
ا
بالضرورة؛ وقد كان معنا
ان ا ليس هو
ب
باطلاق فاذن عكسها صادق ايضًا وهو ان
ب
ليس هو
ا
بإطلاق؛ واذا كانت ب ليست هي
ا
باطلاق، فقد يمكن ان يكون كل
ب
هو
ا
باطلاق، لأن المطلق من طبيعة الممكن، وقد كانت النتيجة ان بعض
ب
ليست
ا
بالضرورة، هذا خلف لا يمكن. وبهذا البيان بعينه تبيّن ذلك متى كانت
الاضطرارية الموجبة هي الكبرى والسالبة المطلقة الصغرى، وهو الذي ينتج بعكسين.
وكذلك تبيّن أضًا من الحدود ان النتيجة في هذين الصنفين ليست اضطرارية.
فليكن بدل
ا
ابيض، وبدل
ب
حي، وبدل
ﺟ
انسان، فيأتلف القياس هكذا:
كل انسان بالضرورة حي، ولا ابيض واحد بالفعل حي، فينتج: ولا انسان واحد
ابيض، وذلك ليس بضروري لأنه قد يمكن الانسان ان يكون ابيض والا يكون.
[Page 185]
[Page 186]
الكبرى منه، فالأمر في ذلك بيّن، اعني انه ينتج من غير عكسنا للنتيجة. وان
عكسنا الكبرى لكونها مطلقة، فكانت الكلية الضرورية في هذا الشكل هي
الصغرى، تبيّن ذلك بعكسين: عكس المقدمة وعكس النتيجة على ما تبيّن.
[Page 187]
[Page 188]
قولنا: بالضرورة لا يكون. ولذلك ينعكس هذا حتى نقول: كل ممكن
بضروري ان يكون والاّ يكون، وما ليس بضروري ان يكون والاّ يكون فهو
ممكن. ولذلك يشبه ان يكون جنس هذا الحدّ ما يدلّ عليه لفظ ⟪الذي⟫ وهو
الشيء الذي يشمل الموجود والمعدوم كما قلنا، وفصله قولنا: ⟪ليس بضروري⟫، اذ كان
نفي الدائم الوجود والدائم العدم، ويكون ما زيد فيه من انه اذا وضع موجودًا لم
يلزم عنه محال خاصة من خواص الممكن لا فصلاً من فصوله. وهذا هو مذهب ابي
نصر في هذا الحدّ. ويحتمل ان يكون هذا القول هو الفصل الأخير في الحدّ،
ويكون المفهوم من قوله: ⟪ليس بضروري⟫ أي ليس وجوده في المستقبل
بالضرورة مثل كسوف القمر، ولأن قولنا: ⟪ليس وجوده بالضرورة⟫ يصدق على
الممتنع، زيد فيه، ومتى انزل موجودًا لم يعرض عنه محال. فيكون على هذا
جنس الممكن هو المعدوم، والفصل الذي يخصه هو اذا وضع موجودًا لم يلزم
عنه محال. وهذا هو مذهب جلّ المفسرين من المشائين.
[Page 189]
وما يمكن الاّ يوجد يمكن ان يوجد اذ كان ليس بضروري الاّ يوجد. وهذه
المقدمات التي تعدّ ها هنا سوالب هي في الحقيقة موجبات معدولة، على ما تبيّن
في ⟪باري ارميناس⟫، اذ كان حرف ⟪لا⟫ لا يقرن فيها بالجهة وانما بالكلمة
الوجودية وذلك مثل ما يقرن بالموضوع في القضايا التي ليست بذات جهة.
[Page 190]
والغرض ها هنا انما هو القول في تعريف متى يكون قياس ومتى لا يكون من
المقدمات الممكنة باطلاق، اي من جهة ما هي ممكنة، سواء كانت في الأكثر أو
في الذي على التساوي أو في الأقل، اذ كان هذا الكتاب انما ينظر فيه صورة
القياس لا في مادته.
واذ قد تقرّر هذا،
فلنقل
في المقاييس التي تأتلف من المقدمات الممكنة في
الشكل الأول.
[Page 191]
[Page 192]
الطرف الاصغر متصفًا بالأوسط، اعني متصفًا بالأوسط وصف ايجاب على ما
قيل. وأما من جهة لزوم المقدمة الموجبة في هذه المادة عن السالبة، فقد يكون قياس
الا انه غير تام اذ كان تبيّن بشيء زائد على معنى ⟪المقول على الكل⟫ وهو
اللزوم الذي يسميه ارسطو في هذه المادة عكسًا. وذلك انه اذا وضعنا بدل المقدمة
السالبة اللازم عنها، وهي الموجبة، كان واجبًا ان يكون من ذلك الصنف الأول في
هذا الشكل، وهو الذي يكون من موجبتين كليتين. وأكثر ما ينتفع بمثل هذا
القياس اذا كانت السالبة الكلية اقلية، فانها تنعكس الى الاكثرية وهي المستعملة
اكثر ذلك.
وكذلك
اذا كانت المقدمتان الكليتان في هذا الشكل سالبتين، فلن يكون قياس
تام اذ كان ليس يوجد فيها معنى ⟫المقول على الكل⟪. وقد يكون قياس غير تام اذا
عكسنا السالبتين الى الموجبتين اللازمتين لها، أو عكسنا السالبة الصغرﻯ الى الموجبة
اللازمة لها. وأكثر ما ينتفع بهذا العكس اذا كانت السوالب اقلية، فان امثال هذه
المقاييس هي نافعة في الجدل، وهي حيلة جيدة في تلك الصناعة؛ وذلك ان
السائل قد يقصد ان يتسلّم مقدمات موجبة أكثرية لينتج منها موجبة اكثرية،
فيخاف ان هو صرّح بالسؤال عن المقدمات التي تنتج له تلك النتيجة الاّ يسلّمها
له المجيب، فيسئل عن سوالبها الأقلية، فلا يشعر المجيب بما يلزم عن ذلك
فيسلّمها.
[Page 193]
لا تام ولا غير تام، موجبتين كانتا معًا أو سالبتين، أو احداهما موجبة والأخرى
سالبة، وذلك انه لا يوجد فيها معنى ⟪المقول على الكل⟫ لا بانعكاس ولا من
نفس المقدمات. وذلك انه اذا قلنا: كل
ﺟ
هو
ب
، وبعض ب هو
ا
، لم يمنع ان
تكون
ﺟ
داخلة تحت البعض الذي تفضل به
ب
على
ا
، أعني الذي يسلب
ا
سلبًا
ضروريًا، فلا يلزم لذلك ان يكون كل
ﺟ
هو
ا
بامكان، ولا الا يكون في شيء
منها بامكان، لأنه اذا لم يكن كل
ج ا
بامكان. فليس يصدق كل
ﺟ
ليس هو
ا
بامكان؛ وكذلك اذا لم يصدق ايضًا ان يكون بعض
ﺟ
ا
بامكان، فلن يصدق
أيضًا ان بعض
ﺟ
ليس هو
ا
بامكان. وقد تبيّن في جميع هذه الاصناف انها غير
منتجة، جزئيتين كانتا معًا، أو الكبرى جزئية والصغرى كلية، من الحدود، لأنها
تنتج الموجب تارة والسالب تارة، اعني السالب الضروري والموجب الضروري.
فالحدود التي تنتج الموجب مثل: الانسان والأبيض والحي، ذلك ان بعض
الناس ابيض بامكان، وبعض الأبيض حي بامكان وبعض الناس وهي
النتيجة، حي بالضرورة. والتي تنتج السالب: الثوب والأبيض والحي، وذلك ان
بعض الثياب ابيض بامكان، وبعض الأبيض حي بامكان، ولا ثوب واحد
حي بالضرورة، وهي النتيجة. وكذلك يعرض متى اخذنا الصغرى كلية، مثل ان
نقول: كل انسان ممكن ان يكون ابيض، وبعض الابيض ممكن ان يكون حيًا.
فكل انسان حي؛ وكل ثوب ممكن ان يكون ابيض، وبعض الأبيض حي
بامكان، ولا ثوب واحد حي، وهي النتيجة. وكون الحدود المأخوذة في هذا
التأليف تنتج مرة ضرورية موجبة ومرة سالبة ضرورية، يدل ان هذا التأليف ليس
بقياس اصلاً لنتيجة من النتائج، من أي مادة كانت، اعني مطلقة فرضت أو
ضرورية أو ممكنة؛ وذلك ان بانتاجه السالب الضروري تارة، والموجب الضروري
تارة، يدل على انه ليس تنتج نتيجة واحدة ضرورية، وبكونه ينتج
الضروري، يدل على انه ليس ينتج لا نتيجة مطلقة ولا ممكنة، لأن المطلقة
والممكنة ليست بضرورية.
فتكون المقاييس المنتجة في هذا الشكل في هذه المادة ثمانية اصناف، اذا لم
تعدّ المهملة غير الجزئية، اربعة تامة، وهي التي تنتج في المواد الاخر، وأربعة غير
[Page 194]
تامة، وهي الخاصة بهذه المادة. وما يقوله ثامسطيوس في ان هذه الأربعة الغير
تامة لا غناء لها اصلاً، لأنه ان كانت السوالب التي وضعت أولاً اكثرية
انعكست الى الاقلية، وتلك لا تستعمل في صناعة اصلاً، وان كانت اقلية فتلك
مقدمات غير ﻣﺴﺆول عنها في صناعة من الصنائع التي تضع المقدمات بالسؤال،
ولا موضوعة ايضًا ابتداء في الصنائع التي لا تستعمل السؤال، فهو قول باطل، لانّا
قد بيّنا الوجه الذي به تستعمل وينتفع بها في صناعة الجدل هذا ان سلّمنا ان
المقدمات الاقلية لا تستعملها صناعة، فانه يشبه ان يكون الذي يفحص عن هذه
الطبيعة يحتاج الى استعمالها، وذلك هو صاحب العلم الالهي.
[Page 195]
[Page 196]
بخلاف شرط ⟪المقول على الكل⟫ المأخوذ في الكبرى الوجودية أو الاضطرارية.
وذلك انه متى قلنا ان كل
ب
هو
ا
بالفعل أو بالضرورة، فهو بيّن ان في كثير من
المواد انما تصدق هذه المقدمات على ما هو بالفعل فقط، مثل قولنا: كل انسان
يمشي، وكل انسان ناطق، فان هاتين المقدمتين انما تصدقان على ما هو انسان
بالفعل لا على ما هو انسان بالقوة، وفي كثير منها يصدق على الأمرين جميعًا، اعني
على كل ما بالقوة وما هو بالفعل، وبخاصة الضرورية، مثل قولنا: كل متحرك
جسم، فانه يصدق على المتحرك بالفعل والمتحرك بالقوة. فاذا كان الامر كذلك،
فالعام في كل مادة في هاتين المقدمتين، اعني الضرورية والمطلقة، انما هو ان يكون
المحمول موجودًا لما هو بالفعل الحدّ الأوسط، اعني ان تكون ا موجودة بالضرورة أو
بالفعل لكل ما هو
ب
بالفعل.
فاذن ليس في هذا التأليف ⟪مقول على الكل⟫، لأن المقول على الكل
هو الذي يوجد دائمًا في كل مادة من التأليف الواحد بعينه؛ فقول ابي نصر انه
قد يوجد في هذا التأليف ⟪مقول على الكل⟫ لا معنى له. ولذلك ما يقول ارسطو
في هذا الاختلاط، انه متى كانت الكبرى مطلقة والصغرى ممكنة، ان القياسات
تكون غير تامة، لأن الصغرى اذا كانت ممكنة والكبرى مطلقة أو ضرورية لم
يتضمنها شرط ⟪المقول على الكل⟫ العام في كل مادة، فوجب ان يتجنب ما ينتج
بحسب بعض المواد كما يتجنب انتاج الموجبتين في الشكل الثاني، وان كانت قد
تنتج في بعض المواد.
وأما
المقدمة الممكنة فالأمر فيها بخلاف ذلك، اعني انه في كل مادة يصدق
فيها ان
ا
مقولة بامكان على كل ما هو
ب
بالقوة أو بالفعل، وذلك ان قولنا: كل
ما هو انسان فهو ممكن ان يمشي يصدق على كل ما هو انسان بالقوة وانسان
بالفعل، وكذلك الأمر في سائر المواد. وهذا امر ظاهر بنفسه من استقراء المواد، ولا
ادري كيف خفي هذا على المفسّرين، والأمر في ذلك في غاية البيان. واذ تقرّر
هذا
فنقول
: انه متى كان معنى قولنا: ان كل
ب
هو
ا
بامكان، أي ان
كل ما هو
ب
بالفعل أو بالقوة ان
ا
محمولة عليه بامكان، ثم وضعنا ان
ﺟ
هو
ب
بالفعل، فظاهر ان
ا
تكون مقولة على
ﺟ
بامكان.
[Page 197]
[Page 198]
برهان
ذلك انه ان كانت
ب
غير ممكنة، وأعني ها هنا بغير ممكنة رفع جميع
المعاني التي يدل عليها اسم الممكن، وهو السالب الذي يصدق على الممتنع وكان
الممكن في وقت ما هو ممكن، هو الذي يجوز ان يخرج الى الفعل، وغير الممكن
الذي لا يجوز ان يخرج الى الفعل. فان
ا
اذا فرضناها ممكنة و
ب
غير ممكنة، فانه
قد يمكن ان توجد
ا
وتخرج الى الفعل من غير ان توجد
ب
؛ وقد كنا وضعنا انه
اذا وجدت
ا
وجدت
ب
، فيجب ان تكون
ب
موجودة وغير موجودة معًا، هذا
خلف لا يمكن. فاذن واجب متى كانت
ا
ممكنة ان تكون
ب
ممكنة، اعني اي نوع
اتفق مما يقال عليه اسم الممكن. واذا تقرّر هذا فأقول انه ليس يلزم عن الكذب
الممكن كذب مستحيل. ومثال ذلك اذا فرضنا وجود
ا
كاذبًا ممكنًا، وهو
الممكن الذي ينزل موجودًا في الوقت الذي هو غير موجود، فأقول ان وجود
ب
يكون كاذبًا ممكنًا لا كاذبًا ممتنعًا، وهو الدائم الكذب. ومثل ذلك ان تكون
مقدمات القياس أو احداهها كاذبة ممكنة، فانه ليس يمكن ان تكون النتيجة كاذبة
مستحيل؛ وذلك ان
ا
اذا كانت كاذبة فهي في وقت كذبها ممكنة حقيقية. وقد كنا
فرضنا ان
ا
اذا كانت ممكنة حقيقية ان
ب
تكون ممكنة، والممكن ليس بكاذب
مستحيل، فتكون
ب
ممكنة غير ممكنة معًا، وذلك خلف لا يمكن. فاذن متى كانت
احدى مقدمات القياس أو كلتاهما كاذبة ممكنة، فليس تكون النتيجة كاذبة
مستحيلة بل كاذبة ممكنة.
فاذا تقرّر هذا فلنضع مقدمتين كليتين، كبراهما موجبة مطلقة وصغراهما
موجبة ممكنة، مثل ان تكون كل
ﺟ
هي
ب
بامكان، وكل
ب
هي
ا
بالفعل،
فأقول ان هذا التأليف ينتج دائمًا ان
ﺟ
ممكنة ان تكون
ا
.
برهان
ذلك انه ان لم تكن كل
ﺟ
ممكنة ان تكون
ا
، فليكن نقيضها وهي قولنا:
ليس يمكن ان يكون كل
ج ا
، ومعنا ان كل
ﺟ
ممكنة ان تكون
ب
. فاذا انزلنا
هذه المقدمة موجودة بالفعل، وهي ان كل
ﺟ
هي
ب
بالفعل، كانت كذبًا غير
محال؛ فاذا اضفناها الى اللازم عن قولنا: ليس يمكن ان يكون كل
ج ا
، انتج
لنا في الشكل الثالث ان بعض
ب
بالضرورة ليست في ا، لأن قولنا: ليس يمكن
ان يكون كل
ﺟ ا
، يصدق معه قولنا: بعض
ﺟ
ليس
ا
بالضرورة. فيكون معنا في
[Page 199]
الشكل الثالث مقدمتان: احداهما وجودية موجبة، والثانية سالبة ضرورية جزئية،
فهي تنتج ضرورة سالبة ضرورية جزئية على ما تقدم وهو: بعض
ب
ليس
ا
بالضرورة؛ لكن قد كان موضوعًا لنا ان كل
ب
هو
ا
بالفعل، وهو نقيض
النتيجة، هذا خلف لا يمكن. فالكذب المحال انما لزم ضرورة عن المقدمة التي
اضفناها الى المقدمة الكاذبة الممكنة وهي قولنا: ليس يمكن ان يكون كل
ﺟ
هو
ا
باضطرار، اذ كان الكاذب الممكن لا يلزم عنه كاذب مستحيل على ما تبيّن،
وما لزم عنه محال فهو محال. واذا كذب قولنا: بعض
ﺟ
ليس
ا
باضطرار، اللازم
عن قولنا: ليس يمكن ان يكون كل
ج ا
، فقولنا: انه ليس يمكن ان يكون كل
ج ا
كاذب؛ واذا كان هذا كاذبًا فنقيضه هو الصادق وهو قولنا: كل
ﺟ
ممكنة
ان تكون
ا
. فقد تبيّن من هذا ان نتيجة هذا القياس هي ممكنة.
[Page 200]
ما هي ممكنة ليست بمنطوية تحت الكبرى، اذ كان الممكن هو الموجود في الزمان
المستقبل.
فهذا هو عندي معنى ايصاء ارسطو ان تكون المقدمات الكلية المأخوذة صادقة
على الأزمنة الثلاثة، لا ما يظنه ابو نصر من ان هذه الوصية هي في معنى ⟪المقول
على الكل⟫، فانه ليس يمكن ان يوجد ⟪المقول على الكل⟫ في المقدمة الكبرى
الوجودية الحقيقية عامًا، في الأزمنة الثلاثة، الا في بعض المواد، وهي التي يصدق
فيها ان ا موجودة بالفعل لكل ما هو ب بالقوة أو بالفعل. واذا وجد الأمر بهذه
الصفة، فالتأليف من ذلك يكون منتجًا بحسب ⟪المقول على الكل⟫. فان كان
ارسطو وصى الاّ تستعمل المقدمات المطلقة الا في هذه المادة، فما باله قد قال انها
غير منتجة بحسب ⟪المقول على الكل⟫، اعني المطلقة اذا اختلطت مع الممكنة،
وبيّن انتاجها بالخلف؟ وما باله قد قال فيها انها تنتج الموجب مرة والسالب
اخرى؟ فاذن واجب ان تكون هذه المطلقة هي غير المطلقة التي بيّن انها تنتج
بطريق الخلف، ويكون السبب عن اعراضه عن المنتج منها بحسب ⟪المقول على
الكل⟫ العام، صدقه في بعض المواد لا في كلها.
وليس هذه الوصية ايضًا مما يفهم منها ان المقدمة الوجودية عنده هى التي تشمل
الضروري والممكن، كما فهم ذلك عنه تامسطيوس؛ فان هذه المقدمة، اعني
المطلقة التي بهذه الصفة، ليس لها وجود خارج الذهن. والقصد ها هنا انما هو
احصاء جهات المقدمات المطابقة لاصناف الوجود او للمعارف للاول. فاما ان كان
قصد ارسطو بالجهات احصاء فصول المقدمات من جهة الوجود والمعرفة، فليس
ينتفع بالمطلقة على رأي ثاوفرسطس وتامسطيوس؛ وان كان اراد احصاءها من
جهة المعارف الاول التي لنا بالطبع فقد ينتفع بها، فانّا كثيرًا ما نعلم ان المحمول
موجود للموضوع، ونجهل هل هو موجود بامكان او باضطرار. ويشبه ان يكون قصد
بالمطلقة الامرين جميعًا،اعني المطلقة بحسب المعرفة والطلقة بحسب الوجود
والمعرفة، وهي التي حددنا لا التي يذكرها الاسكندر، فان تلك لا يأتلف منها
قياس الا بالعرض أي في وقت ما مخصوص، واذا خلطت مع الممكن فليس
يأتلف منها قياس اصلاً، اعني ان تكون الصغرى ممكنة.
[Page 201]
فعلى هذا التأويل تنحل الشكوك الواردة على كلام هذا الرجل، مع انه
التأويل الحق اللائق بمذهبه في هذه الصناعة. وارسطو يبيّن من الحدود المأخوذة من
المواد انه اذا اخذت في مثل هذا الاختلاط المطلقة الموجودة في زمان معيّن
بالفعل انه لا يكون قياس منتج اصلاً لانه ينتج جنسًا سالبًا ضروريًا وجنسًا موجبًا
ضروريًا. والحدود التي تنتج السالب هي: الانسان والمتحرك والفرس، والاصغر
هو الانسان، والاوسط هو المتحرك، والاكبر هو الفرس؛ وذلك ان كل انسان
يمكن ان يكون متحركًا، وكل متحرك قد يكون في وقت ما فرسًا اذا لم يوجد شيء
متحرك الا فرس، والنتيجة سالبة ضرورية وهي: ولا انسان واحد فرس. والحدود
التي تنتج الموجب: الانسان والمتحرك والحي. فان كل انسان يمكن ان يكون
متحركًا، وكل متحرك في وقت ما قد يكون حيًا اذا توهمنا انه لا يتحرك في ذلك
الوقت شيء الا الحيوان، والنتيجة موجبة ضرورية وهو ان كل انسان حي.
[Page 202]
بنفسه. فاذا كان معنا ان بعض
ﺟ
هو
ا
بالضرورة، وان كل
ﺟ
هو
ب
بالفعل،
وذلك بنقل المقدمة الممكنة في هذا الشكل الى الوجودية، كان معنا قياس في
الشكل الثالث من مقدمتين موجبتين: احداهما جزئية ضرورية كبرى، والثانية
كلية مطلقة صغرى، وقد تبيّن ان هذا قد ينتج جزئية ضرورية بالافتراض وذلك انه
يرجع من موجبتين كليتين في الشكل الثالث، كبراهما ضرورية وهي ان بعض ب
هي
ا
باضطرار وقد كان موضوعًا لنا في القياس انه ولا شيء من
ب ا
، هذا خلف
لا يمكن. والخلف لم يلزم عن الكذب الممكن، وانما لزم عن وضعنا ان بعض
ﺟ ا
بالضرورة. لكن اذا كذب هذا فنقيضه هو الصادق وهو قولنا: ليس بالضرورة
بعض
ﺟ
هو
ا
وهذا يصدق معه ان يكون
ﺟ
ليس ،
ا
بامكان وليس
ا
بالضرورة. فلذلك تكون نتيجة هذا القياس مرة سالبة ضرورية ومرة سالبة ممكنة.
وقد يبيّن هذا المعنى من الحدود. فليكن بدل
ﺟ
انسان وبدل
ب
مفكر،
وبدل
ا
غراب، فيأتلف هكذا: كل انسان يمكن ان يكون مفكرًا، ولا مفكر
واحد غراب، ينتج: ولا انسان واحد غراب، وهي سالبة ضرورية. وليكن
ﺟ
ايضًا انسانًا، و
ب
عالمًا، و
ا
متحركًا، فيأتلف القياس هكذا: كل انسان يمكن ان
يكون عالمًا، ولا عالم واحد متحرك بعلمه، فتكون النتيجة: كل انسان يمكن
الاّ يكون متحركًا بعلمه، وهي سالبة ممكنة.وينبغي اذا اريد ان يحصل من
هذا يقين، او ما يقارب اليقين، ان يستقرأ الامر في هذا التأليف في اكثر من
مادة واحدة، فانه سيوجد الامر فيه هكذا،اعني انه ينتج مرة سالبة ضرورية ومرة
سالبة ممكنة.
وقد شك ابو نصر في هذا المثال لما اعتقد ان الوجودية هي التي يوجد المحمول
فيها لكل الموضوع في زمان مشار اليه، مثل ما حكاه وقال: ان قولك: ولا مفكر
واحد هو ضروري لا وجودي الا ان يريد بالتفكر التخيل. وهذا كله لعدم التفاته
الى الفرق بين المطلقة والضرورية عند ارسطو لان الضروري عند ارسطو هو الذاتي،
وليس امتناع الفكرة من الغراب من الواجب الضروري عند جميع الناس مثل سلب
الانسان عن الغراب. والوجودية هي الصادقة عنده فقط، والصادق ايضًا هو غير
الضروري عنده. وبالجملة اذا اخذ الفكر بالفعل، كانت المقدمة ضرورية بالعرض،
مطلقة بالذات.
[Page 203]
فان كانت الصغرى في هذا الشكل سالبة ممكنة فانه لا يكون قياس تام، اذ
كان من شرط الانتاج في هذا الشكل ان تكون الصغرى موجبة. لكن اذا
عكست السالبة الممكنة الى موجبة ممكنة كان القياس الذي تقدم. وكذلك يعرض
متى كانت المقدمتان في هذا الاختلاط سالبتين، وكانت الصغرى هي الممكنة،
اعني انه لا ينتج شيئًا حتى تعكس الممكنة الى موجبة. فان كانت الصغرى في هذا
الشكل سالبة مطلقة، فانه لن يكون قياس منتج، كانت الكبرى سالبة ممكنة او
موجبة ممكنة. والحدود التي تنتج الموجب الضروري هي: الثلج والحي والابيض،
وذلك انه ولا ثلج واحد حي، وكل حي يمكن ان يكون ابيض، والنتيجة: كل
ثلج ابيض، وهي موجبة ضرورية. والحدود التي تنتج السالب هي: القار والحي
والابيض؛ وذلك ان كل قار ليس بحي، وكل حي يمكن ان يكون ابيض،
والنتيجة: ولا قار واحد يمكن ان يكون ابيض، وهي سالبة ضرورية.
فقد تبيّن اذا كانت المقدمتان كليتين في هذا الاختلاط متى يكون قياس منتج
ومتى لا يكون؛ واذا كان فما منه تام وما منه غير تام. وتبيّن ما يكون بيّن الانتاج
من غير التام بقياس الخلف، وما يكون بيّنًا بالانعكاس.
[Page 204]
المقدمتان كليتان، ومنها ما يبيّن بالعكس، وهي متى كانت الصغرى الجزئية سالبة
ممكنة كالحال فيها اذا كانت سالبة كلية.
واما اذا كانت الصغرى سالبة مطلقة، فانه لن يكون قياس. والحدود التي تنتج
الموجب هي: الثلج والحي الابيض، وذلك ان بعض الثلج ليس بحي، وكل حي
يمكن ان يكون ابيض، والنتيجة: بعض الثلج ابيض؛ والتي تنتج السالب فالقار
والحي والابيض، وذلك ان بعض القار ليس بحي، وكل حي يمكن ان يكون
ابيض، والنتيجة: بعض القار ليس بابيض، وهي سالبة ضرورية جزئية.
[Page 205]
[Page 206]
تام. مثال ذلك قولنا: كل
ﺟ
هو
ب
بامكان، وكل
ب
هو
ا
بالضرورة، فاقول انه
ينتج: كل
ﺟ
هي
ا
بامكان، وانه قياس غير تام، لان شرط ⟪المقول على الكل⟫
في المقدمة الضرورية ان تكون
ا
محمولة على ما هو
ب
بالفعل لا بالقوة. فاما ما به
يتبيّن ان النتيجة ممكنة فبقياس الخلف، على النحو الذي بان في نظير هذا من
الاختلاط الآخر؛ وذلك بأن نأخذ نقيض النتيجة، وهي سالبة ضرورية، لان غير
الممكن يصدق على السالبة الضرورية، ونضيف اليها المقدمة الممكنة من القياس،
وهي الصغرى، بعد ان ننقلها الى الوجود، فيلزم عنه نقيض المقدمة الكبرى، وهي
السالبة الضرورية، لان الكبرى كانت موجبة ضرورية.
[Page 207]
الموجبة الضرورية صدق نقيضها وهي السالبة المطلقة؛ فاذا صدقت السالبة الوجودية
امكن ان تصدق معها السالبة الممكنة، اذ المطلق ممكن الوجود.
فان كان المقدمة الكبرى سالبة ممكنة، والصغرى موجبة اضطرارية، فانه يكون
قياس تام وتكون النتيجة ممكنة على ما تبيّن من معنى ⟪المقول على الكل⟫. وارسطو
يقول انه ليس يمكن ان يتبيّن بقياس الخلف انه ينتج مطلقة. فان كانت المقدمة
السالبة صغرى وكانت ممكنة، فانه لا يكون قياس تام، لكن يكون قياس غير
تام بعكس السالبة الممكنة الى الموجبة، على ما تقدم. فان كانت الصغرى السالبة
اضطرارية، لم يكن قياس؛ ولا اذا كانتا جميعًا سالبتين وكانت الصغرى
الاضطرارية. والحدود التي تنتج الموجب: الثلج والحي والابيض؛ وذلك انه: ولا
ثلج واحد حي، والحي ابيض بامكان، والنتيجة موجبة ضرورية وهي ان كل ثلج
ابيض. والحدود التي تنتج السالب: القار والحي والابيض، وذلك ان النتيجة:
ولا قار واحد ابيض، وهي سالبة. وكذلك اذا اخذنا سالبتين، وذلك ان القار ليس
بحي، والحي ليس بابيض، والقار ليس بأبيض؛ و ايضًا فان الثلج ليس بحي،
والحي ليس بابيض بامكان، والثلج ابيض.
[Page 208]
فان كانت المقدمة الكلية هي الصغرى والجزئية هي الكبرى، وكانت الجزئية
اضطرارية والكلية ممكنة، موجبة كانت او سالبة، فانه لا يكون قياس. والحدود
التي تنتج الموجب: الانسان والابيض والحي؛ وذلك ان كل انسان يمكن ان يكون
ابيض، وبعض ابيض ليس بحي، والانسان حي بالضرورة. والانسان يمكن الّا
يكون ايضًا ابيض، وبعض البيض حي، فالانسان حي بالضرورة. واما الحدود
التي تنتج السالب فالثوب والابيض والحي؛ وذلك ان الثوب يمكن ان يكون
ابيض، وبعض الابيض ليس بحي، والثوب ليس بحي؛ وايضًا فان الثوب يمكن
الاّ يكون ابيض، وبعض الابيض حي، والثوب لا يمكن ان يكون حيًا. سواء
كانت الصغرى سالبة او موجبة، اذا كانت كلية وممكنة، فانها غير منتجة.
وكذلك اذا كانت الصغرى كلية واضطرارية، سالبة كانت او موجبة، والكبرى ممكنة
جزئية، فانه لا ينتج اصلاً. والحدود التي تنتج الموجب اذا كانت سالبة: الغراب
والابيض والحي؛ وذلك ان الغراب ليس بابيض بالضرورة، وبعض الابيض حي
بامكان، والغراب حي بالضرورة، وهي النتيجة. واما الحدود التي تنتج السالب
فالقار والحي والابيض؛ وذلك ان القار ليس بابيض، وبعض الابيض حي، والقار
ليس بحي. واما الحدود التي تنتج الموجب اذا كانت الصغرى كلية موجبة
واضطرارية فهي الققنس والابيض والحي؛ وذلك ان كل ققنس ابيض بالضرورة،
وبعض الابيض حي، والنتيجة: وكل ققنس حي، وهي ضرورية؛ والتي تنتج
السالب فالثلج والابيض والحي، وذلك ان الثلج ابيض، وبعض الابيض حي،
والثلج ليس بحي بالضرورة، وهي النتيجة. وكذلك لا يكون في هذا الصنف ايضًا
قياس اذا كانت المقدمتان مهملتين او جزئيتين او احداهما مهملة والاخرى
جزئية، كانت الكبرى هي الممكنة والصغرى هي الضرورية او بالعكس. والحدود
العامة لهذه الاصناف كلها: اما التي تنتج الموجب فالانسان والابيض والحي، واما
التي تنتج السالب فالغير المتنفس والابيض والحي، وتركيبها قريب على من تأملها.
فقد تبيّن من هذا القول ان اصناف المقاييس المركبة في هذا الشكل من
اختلاط الممكن والمطلق هي مساوية لاصناف المقاييس المركبة من الممكن
والضروري، المنتج منها للمنتج وغير المنتج لغير المنتج، والمنتج التام للمنتج التام
[Page 209]
والمنتج غير التام لغير التام. والطريق الذي يبيّن به غير التام هو فيهما واحد
بعينه. وتبيّن ان النتائج منها في الموجبات ممكنة، وكذلك في السوالب اذا كانت
المقدمات الكبرى منها هي الممكنة؛ واما اذا كانت الضرورية او الوجودية فانها
تكون: اما في المختلطة من الممكنة والوجودية فسالبة ضرورية او ممكنة، واما في
المختلطة من الممكنة والضرورية فسالبة مطلقة او سالبة ممكنة.
[Page 215]
[Page 216]
فالموجبة الممكنة الكلية تنعكس كلية، وقد تبيّن انها لا تنعكس، هذا خلف لا
يمكن. وايضًا فان كونها لا تنعكس دائمًا يظهر من المواد، وذلك انه اذا كان كل
ﺟ
يمكن الاّ يكون شيئًا من
ا
، فقد يمكن ان يكون بعض
ا
ليس هو
ﺟ
بالضرورة.
مثال ذلك ان كل انسان يمكن الاّ يكون ابيض، وبعض الابيض ليس هو
انسان بالضرورة مثل الثلج وققنس؛ واذا امكن ان يكون بعض
ا
بالضرورة ليس
هو
ﺟ
، فليس يصدق مع ذلك ان كل
ا
يمكن الاّ يكون
ﺟ
، لان بعضه واجب
وضروري الا يكون.
قال
: وقد يظن ان السالبة الممكنة قد يبيّن انعكاسها بطريق الخلف. ومثال
ذلك ان يقول قائل ان قول القائل: كل ا يمكن الاّ يكون شيئًا من ب ينعكس
صادقًا، وهو ان كل
ب
يمكن الا يكون شيئًا من
ا
.
برهان
ذلك انه ان لم يكن صادقًا قولنا: كل ب يمكن الا يكون ا، فنقيضه
اذن هو الصادق وهو: كل
ب
غير ممكن الاّ يكون
ا
. ولما كان قولنا: كل
ب
غير ممكن الاّ يكون
ا
يلزمه ان بعض
ب
بالضرورة
ا
، وكان هذا قد تبيّن انه
ينعكس اذ كانت جزئية ضرورية، فبعض
ا ب
بالضرورة؛ وقد كنا فرضنا ان كل
ا
يمكن الاّ يكون
ب
، هذا خلف لا يمكن. لكن في هذا القول مغالطة،
وذلك انه ليس اللازم عن قولنا: كل
ب
غير ممكن الاّ يكون في شيء من
ا
،
فقولنا: ان بعضف
ب
بالضرورة
ا
، بل وقد يلزمه ان بعض
ب
بالضرورة ليست
ا
،
لانه يناقض قولنا: كل ب يمكن الاّ يكون
ا
، قولنا: بعض
ب
بالضرورة ليست
ا
، كما يناقض قولنا: بعض
ب
بالضرورة
ا
، قولنا: كل
ب
يمكن ان يكون
ا
. ولما
كان قولنا ان كل
ب
ممكن ان يكون
ا
، يلزمه ان كل
ب
ممكن الاّ يكون
ا
،
وكان قولنا: كل
ب
ممكن ان يكون
ا
يناقضه قولنا: بعض
ب
بالضرورة
ا
؛ وقولنا
كل
ب
يمكن الاّ يكون
ا
. يناقضه قولنا: بعض
ب
بالضرورة ليست
ا
، فاذن
قولنا: كل ب ممكن ان يكون
ا
، يناقضه قولنا: بعض
ب
بالضرورة
ا
، وبعض
ب
بالضرورة ليست
ا
. وكذلك يناقض هاتين الجزئيتين المقدمة السالبة الممكنة وهي
قولنا: كل
ب
يمكن الاّ يكون
ا
والذي يناقض هذا يلزم نقيضه، فاذن قولنا:
كل
ب
يمكن الاّ يكون يناقضه شيئان: احدهما بعض
ب
بالضرورة ليست
ا
،
[Page 217]
والثاني بعض
ب
بالضرورة هو
ا
. فقولنا في قياس الخلف: كل
ب
غير ممكن
الاّ يكون
ا
قد يلزمه مرة ان بعض
ب
بالضرورة
ا
، ومرة ان بعض
ب
بالضرورة
ليست
ا
. فان كان اللازم هو السالبة الجزئية الضرورية لم يفض القول الى محال لانه
ليس تنعكس السالبة الضرورية، بل قد يكون كل
ا
ممكن الاّ يكون
ب
،
وبعض
ب
ليس بالضرورة
ا
. مثل قولنا: كل انسان يمكن ان يكون ابيض، وبعض
الابيض ليس هو انسانًا بالضرورة، مثل الثلج وققنس.
فاذ قد تبيّن ان السوالب الممكنة لا تنعكس، فلنضع مقدمتين كليتين
ممكنتين، احداهما موجبة والاخرى سالبة في الشكل الثاني، مثل قولنا: كل
ﺟ
هو
ب
بامكان، وكل
ا
يمكن الاّ يكون
ب
. فاقول ان هذا التأليف لا ينتج شيئًا
لانه لا يمكن ان تنعكس السالبة الممكنة، كما امكن ذلك في المادة المطلقة
والضرورية. ولا بقياس الخلف يبيّن ايضًا انه يكون قياس، لانه ان اخذنا نقيض
النتيجة الممكنة الحقيقية، لم يعرض عن ذلك محال اذا كانتا متلازمتين، اعني
الموجبة الممكنة والممكنة السالبة. وكذلك ان اخذنا النقيض جزئية ضرورية موجبة او
سالبة.
وبالجملة ان كان عن هذا التأليف قياس فانه انما ينتج بالذات نتيجة ممكنة، اذ
كانت المقدمتان ممكنتين، لا نتيجة مطلقة ولا ضرورية، اذ كان ليس في هذا
القياس مقدمة بهذه الصفة. فان كان ينتج نتيجة ممكنة: فاما ان تكون سالبة
ممكنة، واما موجبة ممكنة. لكن تبيّن من الحدود انها تنتج مرة سالبة ضرورية،
ومرة موجبة ضرورية؛ وبكل واحدة من هاتين النتيجتين يبطل ان تنتج سالبة ممكنة او
موجبة ممكنة، وذلك ان السالبة الضرورية تناقض الممكنة الموجبة والسالبة الممكنة،
وكذلك الموجبة الضرورية تناقض كليهما. فالحدود التي تنتج في هذه المادة سالبة:
الانسان والابيض والفرس، والابيض هو الحدّ الاوسط، والانسان الاصغر. ويأتلف
القياس هكذا: كل انسان يمكن ان يكون ابيض، وكل فرس يمكن الاّ يكون
ابيض، والنتيجة: ولا انسان واحد فرس، وهي سالبة ضرورية. واذا كانت
ا
مسلوبة عن
ﺟ
باضطرار، لم يصدق ان كل
ا
ممكنة ان تكون في
ﺟ
، ولا كل
ا
ممكنة الاّ تكون في
ﺟ
، لانها تنعكس على الموجبة.
[Page 218]
فمن ها هنا يبيّن ان هذا التأليف ليس بمنتج نتيجة ممكنة، لا سالبة ولا
موجبة. ـ وقد تبيّن ذلك ايضًا من انه ينتج في بعض المواد موجبة ضرورية،
وذلك اذا اخذنا بدل الفرس الحي، وذلك انه ينتج كل انسان حي وهي موجبة
ضرورية، وليس يمكن ان يصدق معها لا الموجبة الممكنة ولا السالبة الممكنة؛
وذلك ان مناقضتها للسالبة الممكنة بيّن بنفسه، ومناقضتها للموجبة الممكنة من
اجل لزومها للسالبة الممكنة. وكذلك تبيّن انه لا يكون قياس في هذا الشكل وان
غيّر مكان السالبة، اعني ان جعلت صغرى بعد ان كانت كبرى او بالعكس.
وكذلك تبيّن انه لا يكون قياس وان اخذت كلتا المقدمتين موجبتين او سالبتين،
والبرهان على ذلك بهذه الحدود باعيانها ولن يعسر ذلك على من تأملها.
[Page 219]
[Page 220]
يكون صحيحًا، وكل فرس هو صحيح، والنتيجة ولا انسان واحد فرس، وهي
سالبة ضرورية.
[Page 221]
[Page 222]
فان كانت المقدمتان متشابهتين في الكيفية، فانهما ان كانتا سالبتين فانه يكون
قياس، اذا انعكست السالبة الممكنة الى الموجبة التي تلزمها، لانه يكون تأليفًا من
مقدمتين: الموجبة ممكنة والسالبة ضرورية، وقد تبيّن ان هذا منتج وسواء كانت
السالبة هي الصغرى او الكبرى.
فان كانت المقدمتان الكليتان موجبتين فانه لن يكون قياس، لانه بيّن ان
النتيجة ليس يمكن ان تكون سالبة لا مطلقة ولا اضطرارية، لانه لم يؤخذ في
القياس مقدمة سالبة لا اضطرارية ولا مطلقة، ولا ايضا سالبة ممكنة ولا موجبة
اضطرارية، لانه تبيّن من الحدود انها تنتج سالبة ضرورية، وما ينتج سالبة ضرورية
فليس يمكن ان ينتج دائمًا لا موجبة ضرورية ولا ممكنة ولا مطلقة، وكذلك لا
يمكن ان ينتج سالبة ممكنة. فاما الحدود التي تنتج السالب الضروري فالانسان
والابيض والققنس؛ فان كل انسان يمكن ان يكون ابيض، وكل ققنس ابيض،
والنتيجة: ولا انسان واحد ققنس.
فهذه هي الضروب المنتجة في هذا الشكل في هذا الضرب من الاختلاط، وغير
المنتجة اذا كانت المقدمتان كليتين.
[Page 223]
انه اذا انعكست الممكنة السالبة الى الموجبة فانه يكون قياس، كما يكون اذا كانتا
كليتين على ما تقدم.
وكذلك لا يكون قياس اذا كانت المقدمتان مهملتين او جزئيتين، والبرهان على
ذلك هو البرهان الذي استعمل فيما تقدم وبتلك الحدود باعيانها.
فقد تبين انه متى وضعت المقدمة السالبة الكلية اضطرارية انه يكون ضرورة
قياس ينتج اما سالبة مطلقة واما سالبة ممكنة، وانه متى وضعت الموجبة اضطرارية
انه لا يكون قياس. وهو بيّن ان بترتيب واحد للحدود في المقاييس المطلقة والضرورية
يكون قياس او لا يكون، وهو بيّن ان هذه المقاييس كلها غير تامة.
[Page 225]
[Page 226]
وابيض وحي، وذلك ان بعض الابيض يمكن ان يكون انسانًا، والابيض يمكن
ان يكون حيًا، والانسان بالضرورة حي؛ والتي تنتج السالبة: الانسان والابيض
والفرس، وذلك ان الابيض يمكن ان يكون انسانًا، والابيض يمكن ان يكون
فرسًا، والنتيجة: ولا انسان واحد فرس. وبهذه الحدود باعيانها يتبيّن ذلك
اذا كانتا سالبتين، او احداهما موجبة والاخرى سالبة، لانها يمكن ان تؤلف هذا
التأليف.
[Page 227]
[Page 228]
[Page 229]
[Page 230]
[Page 231]
[Page 232]
فنقول
: انه متى احتجنا ان نبيّن ان شيئًا موجود في شيء، مثل ان نحتاج ان
نبيّن ان
ا
محمولة علي
ب
، اما على جهة السلب واما على جهة الايجاب، فهو من
الظاهر انه يجب ان نأخذ في بيان ذلك على جهة الحمل ان شيئًا موجود لشيء
ومحمول على شيء. فان اخذنا في ذلك ان
ا
محمولة على
ب
، فمن البيّن انّا قد اخذنا
الشيء في بيان نفسه وذلك مستحيل وغير مفيد علمًا زائدًا في المطلوب. وكذلك
ايضًا ان اخذنا في ذلك قضية مباينة بالمحمول والموضوع للمطلوب، فهو بيّن ايضًا
انه ليس يلزم عنه شيء في المطلوب لا ايجاب ولا سلب، مثل قولنا ان
ا
محمولة
على
ب
لان
ﺟ
محمولة على
د
. واذا امتنع هذان الوجهان، فلم يبق الا ان يكون
القول المأخوذ في بيان ان
ا
موجودة في
ب
: اما قول مشارك له في احد الطرفين،
او مشارك لهما معًا. ثم ان كان مشاركًا لاحد الطرفين فلا يخلو: ان يكون محموله هو
محمول المطلوب بعينه وموضوعه غيره، او يكون موضوعه موضوع المطلوب ومحموله
غيره، او يكون محمول المطلوب هو موضوعه، او موضوع المطلوب هو محموله، فانه
لا يخلو القول المشارك لاحد الطرفين من هذه الاقسام. ثم لا يخلو ايضًا هذا
المشارك: اما ان يوجد حكمًا واحدًا بنفسه من غير ان يشاركه حكم آخر، او
قضية اخرى، واما ان يوجد مشاركًا لقضية اخرى وذلك من غير ان يتصل
بالمطلوب. فان اخذ المشارك لاحد طرفي المطلوب الذي هو
ا
وب قضية واحدة
فقط، مثل ان نأخذ ان
ا
مشاركة ل
ﺟ
يحمل احدهما على صاحبه، فهو بيّن انه
ليس يلزم عن ذلك ان تكون
ا
مشاركة ل
ب
، اي محمولة بايجاب او بسلب على
ب
، ما لم يشارك
ﺟ ب
، وان اخذنا
ا
مشاركة ل
ﺟ
و
ﺟ
مشاركة ل
د
يحمل بعضها
على بعض، فهو بيّن ايضًا انه يكون عن ذلك قياس، الا انه يكون قياس على
المطلوب الذي طلب، اعني على وجود
ا
في
ب
او سلبها عنه. ولو اخذنا الامور
المشاركة لاحد الطرفين الى غير نهاية من غير ان يشارك الطرف الآخر، مثل ان
نأخذ ان
ا
مشاركة لل
ﺟ
، وال
ﺟ
وال
د
، الد لل
ه
، فانه ليس يلزم عن ذلك ان
تكون
ا
مشاركة ل
ب
، اما بحمل ايجاب او سلب، ما لم يكن المشارك لل الف
مشاركًا لل
ب
. فان القياس غير المحدود انما يكون عن مقدمات غير محدودة، اعني
ان القياس يكون على غير مطلوب محدود.
واما
القياس المحدود، اعني الذي يكون على مطلوب محدود، فانه يجب ان
[Page 233]
يأتلف من مقدمات محدودة مشاركة لطرفي المطلوب. ولذلك ما يجب ان يكون اقل
القياس المحدود انما يأتلف من مقدمتين تشتركان بحدّ اوسط وتختلفان بطرفي المطلوب،
والا لم يمكن ان يبيّن ان شيئًا محمول على شيء من اجل حمل شيء على شيء،
مثل ان تكون
ا
مشاركة لل
ﺟ
، واﳉ مشاركة لل
ب
، فحينئذٍ يجب ان تكون
ا
مشاركة لل
ب
.
فقد تبيّن من هذا ان كل قياس فانه يكون من مقدمتين وثلاثة حدود:
حدّ اصغر واوسط واكبر.
[Page 234]
فقد تبيّن من هذا القول ان كل قياس حملي فانه انما يكون ضرورة احد هذه
الاصناف الثلاثة، وان كان المطلوب الواحد بعينه يتبيّن باوساط كثيرة، مثل ان
يبيّن ان اﻝالف موجودة في ال
ب
بوجود
ا
في ال
ﺟ
وال
ﺟ
في ال
د
وال
د
في ال
ه
وال
ه
في ال
ب
؛ فهو قياس مركب من واحد من هذه الاشكال الثلاثة او من
اثنين منها او ثلاثة.
[Page 235]
احدهما ⟪القياس المتصل⟫ وهو الذي يتركب من المتلازمات ويرتبط بحروف
الشرط التي تعطي الاتصال، مثل قولنا: ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.
والشيء الذي يلزم عنه الشيء يسمى المقدم، واللازم التالي. وهو صنفان: احدهما
يستثنى فيه المقدم بعينه فينتج التالي بعينه، مثل قولنا: لكن الشمس طالعة فالنهار
موجود؛ والثاني يستثنى فيه مقابل التالي فينتج مقابل المقدم، مثل قولنا: لكن
النهار غير موجود فالشمس ليست بطالعة.
والجنس الثاني ⟪الشرطي المنفصل⟫، وهو يتركب من المعاندة التامة العناد وتقرن
به حروف الشرط التي تدل على الانفصال، مثل قولنا: هذا الوقت اما ليل واما
نهار. وهذه اربعة اصناف وذلك انه: يستثنى فيه المقدم بعينه فينتج مقابل التالي،
ويستثنى فيه التالي بعينه فينتج مقابل المقدم، ويستثنى فيه مقابل المقدم فينتج
التالي، ويستثنى فيه مقابل التالي فينتج المقدم؛ وذلك انّا قد نقول: لكنه ليس
بليل فهو نهار، او لكنه ليس بنهار فهو ليل، او لكنه ليل فليس نهارًا، او
لكنه نهار فليس بليل.
واذا كانت اجناس القياسات الشرطية الاول هي هذان الجنسان،
فكلاهما اذا تؤمل الامر فيهما ظهر ان المطلوب فيهما هو الذي تبيّن فيهما بجهة
الشرط، واما المستثنى فانه يحتاج الى ان يبيّن بقياس حملي في الشرطي المنفصل
والمتصل اذا كان التعاند والاتصال فيها بيّنا بنفسه. وذلك انه اذا كان الاتصال فيها
بيّنا بنفسه والمستثنى بيّنا بنفسه، كان اللازم بيّنا بنفسه، وذلك ظاهر جدًا في
الشرطي المنفصل. فانه اذا كان التعاند بيّنا بنفسه والمستثنى بيّنا بنفسه فالمطلوب بيّن
بنفسه؛ لانه ان كان بيّنا ان العالم لا يخلو ان يكون اما محدثًا واما قديمًا،
وكان بيّنا بنفسه انه ليس بقديم، فكونه محدثًا بيّن بنفسه ضرورة. ويشبه ان يكون
الامر كذلك في الشرطي المتصل، فانه اذا كان وجود الحركة بيّنا بنفسه. ووجودها
عن الطبيعة بيّنا بنفسه من غير وسط، فوجود الطبيعة بيّن، وكذلك ان كانت افعال
النفس بيّنة الوجود بنفسها، وبيّنة الوجود عن النفس، فالنفس بيّنة الوجود
بنفسها؛ وكذلك ان كانت الحركة معلومة الوجود، ومعلوم بنفسه وجودها عن
محرك، فالمحرك معلوم الوجود بنفسه، وان كان عدم الحركة في شيء ما بيّن الوجود
بنفسه فعدم المحرك هنالك بيّن الوجود بنفسه.
[Page 236]
وبالجملة فانت اذا تأملت البراهين التي تخرج مخرج الشرط في العلوم، وذلك
في المطلوب بالطبع، وجدت ⟪اما⟫ الاتصال فيها بيّنا بوسط و⟪اما⟫ الاستثناء،
وهذا انما يلزم في المقاييس الشرطية التي ليست هي حملية بالقوة وهي الشرطية
الحقيقية؛ واما التي هي بالقوة حملية فتلك حملية اخرجت مخرج الشرط،
ولذلك امكن في هذه ان يبيّن بها المطلوب بذاتها ومفردة بزيادة مقدمة. وهذا النوع
من الشرطيات هو الذي يشارك المقدم التالى بحدّ واحد، وقد تقصّينا ذلك في قول
افردناه لذلك.
واما
اذا كان الامران في القياس الشرطي معلومين بانفسهما فانه لا يستعمل اصلاً
في بيان شيء مجهول بالطبع، وان كانت قد تستعمل في بيان ما هو اقل خفاء من
المجهول بالطبع مثل استعمال الاستقراء وما اشبهه.
وليس لقائل ان يقول انه كما قد تكون المقدمتان في القياس الحملي معلومتين
بانفسهما والنتيجة مجهولة، كذلك قد يتفق ان يكون الامر في القياس الشرطي، اعني
ان تكون المقدمتان معلومتين بانفسهما اعني الشرطية والمستثناة، وتكون النتيجة
مجهولة. فانه انما اتفق ان كانت المقدمتان في القياس الحملي معلومتين والنتيجة مجهولة
لان المقدمتين لم تأتلفا بعد في الذهن التأليف الذي يلزم عنه النتيجة. واما
المقدمتان في القياس الشرطي فانها ليست محتاجة الى التأليف في لزوم ما يلزم عنها
لان اللزوم هو احد المقدمات، ولذلك لا يدخل تحت حدّ القياس كما ظن ابو نصر اذ
اللزوم في القياس الحملي يتولّد عن المقدمتين وهو في القياس الشرطي احد ما يوضع.
فما قاله ابو نصر من انه يدخل تحت حدّ القياس لكونه من مقدمتين احداهما المقدم
والثاني اللزوم ليس بصحيح لان اللزوم ليس هو جزءا من القياس وانما هو تابع؛ ولو
كان القياس الشرطي قياسًا لكان يوجد قياس من مقدمة واحدة لان اللزوم هو فعل
القياس.
فهكذا ينبغي ان يفهم هذا الموضع من ارسطو، لا على ما يقوله في ذلك
ابو نصر، ولا على ما يتشكك في ذلك عليه ابن سينا. وبالجملة فبالاستقراء
الذي ارشدنا اليه يظهر ما يقوله ارسطو في هذا الامر ظهورًا بيّنًا، لانه قد تبيّن من
قولنا ان كثيرًا من الاشياء المعلومة بانفسها، مثل وجود النفس وغيرها، انما علمناها
[Page 237]
بهذا النحو من البيان، ومحال ان يكون طريق واحد بعينه يستعمل في الوقوف على
المعلوم بنفسه والمجهول بالطبع. وكذلك المقاييس التي نسميها ⟪الاقترانية⟫ وهي المؤتلفة
من مقدمتين شرطيتين تشتركان بحدّ اوسط وهي مقاييس حمليه في الحقيقة اخرجت
مخرج الشرط، وقد بيّنا ذلك في غير هذا الموضع.
فقد تبيّن ان جميع اجناس المقاييس انما يتم بالشكل الاول، وانها تنحلّ الى
الكلية منها على ما سلف، وذلك ان ما عدا الحملية تتم بالحملية والحملية تتم
بالشكل الاول، والجزئية التي في الشكل الاول بالمقاييس الكلية التي فيه على ما
تبيّن .
[Page 238]
خير. ولذلك ان انتجت امثال هذه دائمًا فغير المطلوب، مثل ان يكون قولنا:
بعض اللذات خير صادقًا على لذة العلم، وكذلك المهملة ينتج عن ذلك ان لذة
العلم خير الا انه ليس هي المطلوب. واما ان اخذ المطلوب نفسه فهو بيّن انه ليس
يكون قياس.
فلا بدّ في القياس المنتج من ان يكون الطرف الاصغر منطويًا تحت الاوسط
انطواء الجزﺋﻲ في الكلي حتى تكون نسبة احداهما الى الآخر هي نسبة الجزء الى
الكل، وذلك بالفعل في الشكل الاول، وبالقوة في الشكل الثاني والثالث. ومن هنا
تبيّن انه واجب ان تكون المقدمة المنطوية تحت المقدمة الكلية موجبة، لانها ان
كانت سالبة لم تنطو تحتها ولا وجدت فيها هذه النسبة. ولذلك كان معنى ⟪المقول
على الكل⟫ الذي يتضمن هذه النسبة موجودًا بالفعل في الشكل الاول وفي الثاني
والثالث بالقوة.
فقد تبيّن من هذا القول ان كل قياس فواجب ان تكون فيه مقدمة كلية
وموجبة، وان النتيجة الكلية انما تبيّن عن مقدمات كلية، وان النتيجة الجزئية قد
تبيّن عن مقدمتين احداهما جزئية، وذلك في الشكل الاول والثاني، وقد تبيّن عن
مقدمتين كليتين وذلك في الشكل الثالث. واذا كان ذلك كذلك فالنتيجة الكلية لا
تبيّن ضرورة الا عن مقدمتين كليتين. واما النتائج الجزئية فقد تبيّن عن الصنفين
جميعًا، اعني عن الكليتين وعن الكلية والجزئية. وهو بيّن ايضًا انه واجب ان تكون
كلتا المقدمتين او احداهما شبيهة في جهتها وكيفيتها بالنتيجة، اعني انه ان كانت
النتيجة ضرورية او ممكنة او مطلقة فانه اما ان تكون كلتا المقدمتين بتلك الجهة او
احداهما، وذلك في المقاييس التي تنتج نتيجة واحدة وهي المنتجة بما تتضمن من
معنى ⟪المقول على الكل⟫. وهو بيّن ايضًا مما قيل متى يكون قياس منتج ومتى يكون
غير منتج، والمنتج ايضًا متى يكون ناقصًا ومتى يكون تامًا، وانه متى كان قياس
حملي فبالضرورة ان تكون الحدود فيه مرتبة احد تلك الانحاء الثلاثة التي
وصفنا.
[Page 239]
[Page 240]
المفروضة، واما ان تكون النتيجة احدى مقدمتي
ﺟ د
، واما ان تكون النتيجة شيئًا
آخر غير هذين.
ثم في كل واحد من هذه الاقوال الثلاثة لمقدمتي
ا ب
لا تخلو ايضًا مقدمتا
ج د
من ان تكون نسبة احداهما الى الاخرى نسبة الكل الى الجزء او لا
تكون؛ فان كانت فتحدث عنهما ضرورة نتيجة، ثم هذه النتيجة ايضًا لا تخلو من
تلك الاحوال الثلاثة: اما ان تكون نتيجة
ﮪ
المطلوبة، واما ان تكون النتيجة
احدى مقدمتي
ا ب
، واما ان تكون النتيجة شيئًا آخر غير هذين.
فان كانت النتيجة الحادثة عن مقدمتي
ا ب
هي نتيجة
ﮪ
المطلوبة،
وكانت عن مقدمتي
ﺟ د
نتيجة ما بأن تكون نسبة احداهما الى الاخرى
نسبة الكل الى الجزء، فانه ان كانت تلك النتيجة هي نتيجة
ﮪ
او هي احدى
مقدمتي
ا ب
، فانه تكون قياسات كثيرة على نتيجة واحدة وذلك شيء غير ممتنع.
وان كانت نتيجة مقدمتي
ﺟ د
غير نتيجة
ﮪ
وغير احدى مقدمتي
ا ب
، فانه تكون
مقاييس كثيرة على مطالب كثيرة غير متصل بعضها ببعض. واما ان لم تكن نسبة
مقدمتي
ج د
احداهما الى الاخرى نسبة الكل الى الجزء فانه ليس يكون لها
غناء في نتيجة ﻫ الا ان تؤخذ على جهة الاستقراء لتصحيح مقدمتي القياس، او
لستر النتيجة واخفائها، او لغير ذلك من الاشياء التي تؤخذ له المقدمات التي
ليست ضرورية في الانتاج، على ما تبيّن في ⟪الثامنة من الجدل⟫.
فهذا ما يلزم متى
فرضنا ان نتيجة مقدمتي
ا ب
هي
ﻫ
.
واما ان كانت نتيجة مقدمتي
ا ب
غير ال
ﮪ
، وغير احدى مقدمتي
ﺟ د
،
فانه ايضًا لا يخلو ان تكون نتيجة مقدمتي
ﺟ د
: اما نتيجة
ﮪ
، واما احدى
مقدمتي
ا ب
، واما اشياء اخر غير هذين، واما ان تكون مقدمتا
ﺟ د
غير
منتجة اصلاً. فان كانت نتيجة مقدمتي
ا ب
غير ال
ﮪ
وغير احدى مقدمتي
ﺟ
د
، وكانت نتيجة مقدمتي
ﺟ د
غير ال
ﮪ
وغير احدى مقدمتي
ا ب
، فانه ليس
يكون قياس على مطلوب واحد فضلاً على المطلوب بعينه وتكون مقاييس كثيرة.
وان كانت نتيجة مقدمتي
ﺟ د
هي ال
ﮪ
فانه ايضًا تكون مقاييس كثيرة على
مطالب كثيرة. وان كانت مقدمتي
ﺟ د
احدى مقدمتي
ا ب
فانه تكون ايضًا
مقاييس كثيرة على مطلوب واحد الا انه غير المطلوب. وان كانت مقدمتا
ﺟ د
غير
[Page 241]
منتجة فانه لا يكون لها غنا في نتيجة مقدمتي
ا ب
مع ان نتيجة مقدمتي
ا ب
هي
غير المطلوب. واما ان كانت نتيجة مقدمتي
ا ب
احدى مقدمتي
ﺟ د
فان مقدمتي
ﺟ د
لا تخلو ايضًا من تلك الثلاثة احوال: اما ان تكون نتيجة ل
ﮪ
، واما
لاحدى مقدمتي
ا ب
، واما لشيء آخر غيرها. فان كانت نتيجتها
ﮪ
فانه تكون
مقاييس كثيرة على المطلوب الواحد وقد تبيّن ان ذلك غير ممتنع، وان كانت نتيجتهما
احدى مقدمتي
ا ب
فانه يكون البيان دورًا ولا يكون هنالك قياس على المطلوب.
وان كانت نتيجتهما، اعني مقدمتي
ﺟ د
، غير ال
ﮪ
وغير احدى مقدمتي
ا ب
،
فانه تكون ايضًا مقاييس كثيرة على مطلوب واحد الا انه غير المطلوب. واما ان
كانت مقدمتا
ﺟ د
غير منتجة اصلاً فانه ليس يكون لها غنا في الانتاج ويكون
باطلاً، ويكون هنالك قياس واحد لكن على غير المطلوب.
فقد تبيّن ان جميع الوجوه التي يمكن ان يتصور بها ان مطلوبًا واحدًا يبيّن عن
قياس واحد مركب من اكثر من مقدمتين مستحيل. وبهذا بعينه تبيّن انه لا يمكن
ان يبيّن مطلب واحد بقياس واحد هو مركب من اكثر من ثلاثة حدود، وذلك
ما قصدنا بيانه.
واذ
تبيّن ان كل قياس بسيط فانه لا يكون من اكثر من ثلاثة حدود،
وكانت الثلاثة حدود هي مقدمتان فقط، فكل قياس لا يكون باكثر من
مقدمتين وثلاثة حدود، وقد كان تبيّن انه لا يكون بأقل. فكل قياس بسيط فلا
يكون باكثر من ثلاثة حدود ولا باقل.
[Page 242]
لان عن كل مقدمتين نتيجة. والقياس المركب الذي بهذه الصفة يسمى ⟪الموصول⟫ وهو
الذي يصرح فيه كما قلنا بجميع المقدمات الضرورية في انتاج المطلوب ويصرح فيه
بالمقدمات الوسط مرتين: مرة من حيث هي نتائج، ومرة من حيث هي مقدمات.
واعني بالوسائط المقدمات التي بين المطلوب الاول وبين المقدمات الاول التي
ائتلفت منها الاقيسة البسائط التي اليها ينحل القياس المركب وهي المعروفة بنفسها.
مثل ان نبيّن ان ا موجودة في
ب
بمقدمتي
ﺟ
و
د
، ونبيّن كل واحدة من هاتين
المقدمتين بمقدمتين ايضًا. مثال ذلك ان نبيّن مقدمة
ﺟ
بمقدمتي
ﻫ ز
، ومقدمة
د
بمقدمتي
ﺣ ك
، وتكون مقدمات
ﻫ ز ﺣ ك
الاربعة بيّنة بنفسها. فتكون جميع
مقدمات هذا القياس، ما خلا هذه الاربع: مرة هي نتائج، ومرة هي
مقدمات، اعني نتائج بالاضافة الى ما تحتها، مقدمات بالاضافة الى ما فوقها.
[Page 243]
ومن الحدّ الذي يليه نتيجة، وانما يجتمع منه ومن الحدّ الثالث ثم منه ومن الرابع
وهكذا الى آخر الحدود. وسواءً كان الحدّ المزيد في الطرف الاسفل وهو ان يكون
موضوعًا للموضوع الاول، او في الطرف الاعلى وهو ان يكون محمولاً على المحمول
الاخير، او كان ايضًا مزيدًا في الوسط، وذلك انه اذا كان في الوسط عمل ايضًا
مع الحدود التي فوقه والتي تحته نتائج ما خلا الحّدين اللذين يليانه اللذين احدهما
من فوق والآخر من اسفل. مثال ذلك انه اذا كانت معه حدود اربعة، وهي
حدود
ا ب ﺟ د
، فانه يكون عن هذه الحدود ثلاث نتائج: نتيجة لحدود
ا ب
ﺟ
، ونتيجة لحدود
ا ﺟ د
، ونتيجة لحدود
ب ﺟ د
، فان زيد عليها حدّ واحد وهو
مثلاً
ﮪ
، حدثت ثلاث نتائج: نتيجة لحدود
ﻫ د ج
، ونتيجة لحدود
ﻫ ﺟ ب
،
ونتيجة ايضًا لحدود
ﻫ د ا
فتكون اكثر من الحدود، وتكون النتائج الحادثة عن الحدّ
المزيد اقل من الحدود التي اضيف اليها الحدّ المزيد بواحد.
فبهذه السبارات يمكن ان يوقف على معرفة نوعي القياس المركب الموصول
والمفصول. فانه اذا لم تلف فيه هذه الخواص، ولم تكن هنالك مقدمات
زيدت لغرض من الاغراض التي تزاد فيه المقدمات التي ليس لها غناء في
انتاج المطلوب، فهو بيّن ان القول ليس بقياس مركب اصلاً لا موصولاً ولا
مفصولاً، وما وجدت فيه خواص الموصول فهو موصول، وما وجدت فيه خواص
المفصول فهو مفصول.
[Page 244]
لنا من ذلك اي ضرب من ضروب النتائج والمطلوبات يكون وجود القياس عليه
اصعب، واي ضرب من ضروب النتائج يكون وجود القياس عليه اسهل. لانه من
البيّن ان الضرب الذي يتبيّن عن مقاييس اكثر اشكالاً واكثر اصنافًا من اصناف
الشكل الواحد بعينه، اسهل من التي تتبيًن عن مقاييس اقل اشكالاً واقل اصنافًا.
فاما الموجب الكلي فقد تبيّن انه لا يتبيّن الا في الشكل الاول وذلك في صنف
واحد منه؛ واما السالب الكلي فقد تبيّن ايضًا انه يتبيّن في شكلين: في الاول وفي
الثاني، ويتبيّن في الاول في صنف واحد فقط، وفي الثاني في صنفين اثنين. واما
الموجب الجزﺋﻲ فقد تبيّن ايضًا انه ينتج في الشكل الاول والثالث: اما في الشكل
الاول ففي صنف واحد منه، واما في الثالث ففي ثلاثة اصناف منه؛ وكذلك تبيّن
ان السالب الجزﺋﻲ ينتج في الاشكال كلها: اما في الاول ففي صنف واحد، واما في
الثاني ففي صنفين، واما في الثالث ففي ثلاثة اصناف.
واذا كان هذا كله كما وصفنا فان اعسرها اثباتًا هو الموجب الكلي اذ كان يثبت
بطريق واحد، وانه اسهلها كلها ابطالاً اذ كان يبطل باثبات السالب الجزﺋﻲ،
والسالب الجزﺋﻲ اسهلها اثباتا اذ كان يثبت باكثرها طرقًا، وايضًا فانه يثبت بالسالب
الكلي. وبالجملة فابطال الكلي اسهل من اثباته اذ كان يبطل بثبوت نقيضه وهو
الجزئي، وبثبوت مضاده وهو الكلي. والسالب الكلي يثبت في شكلين ويبطل في
شكلين، الا ان ابطاله اسهل من اثباته وذلك انه يبطل باثبات الجزئي الموجب
والكلي الموجب ويثبت بجهة واحدة وهو انتاجه نفسه.
واما المطلوبات الجزئية فاثباتها اسهل من ابطالها، وذلك انها تثبت من جهتها
انفسها. وهي تتبيّن باشكال كثيرة وفي اصناف كثيرة ومن جهة اثبات الكلي الذي
يشتمل عليها، وتبطل من جهة الكلي المناقض لها فقط. ولذلك كان اعسرها ابطالاً
هو السالب الجزئي اذ كان انما يبطل باعسرها اثباتًا وهو الموجب الكلي.
وبالجملة فاثبات الموجب اعسر من اثبات السالب، وذلك ان السالب الجزئي
يتبيّن بطرق اكثر من الطرق التي يتبيّن بها الموجب الجزئي. وكذلك
السالب الكلي يتبيّن بطرق اكثر من الاي يتبيّن بها الموجب الكلي، ولان اثبات
السلب هو ابطال الوجود. فعلى هذه الجهة قد يصح ان يقال ان الابطال اسهل من
[Page 245]
الاثبات، واما اذا اخذ الاثبات والابطال للكلي والجزئي، كان ابطال الكلي اسهل
من اثباته والجزئي بالعكس.
فقد تبيّن مما قيل كيف يكون ترتيب الحدود في المقاييس، ومن كم من
حدود، ومن كم من مقدمة تكون، وكيف ينبغي ان تكون نسبة المقدمات
بعضها الى بعض، واي مطلوب يتبيّن في اي شكل، وما يتبيّن منها في اشكال
قليلة وما يبيّن منها في اشكال كثيرة.
وهنا انقضى الفصل الاول من هذه المقالة.
[Page 247]
[Page 248]
البرهان⟫، فان هنالك يبيّن ان الأشياء المحمولة بعضها على بعض تنتهي بالجملة الى
محمول آخر يحمل عليه محمول اصلاً.
واذا تقرر هذا، وكان بيّنًا على اكثر الفحص والطلب انما هو في الاشياء
المتوسطة بين هذين الطرفين، اعني التي تحمل على شيء ويحمل عليها شيء، فهو بيّن
ان كل مطلوب يكون في هذا الجنس ان المحمول فيه والموضوع يلحقه انه يحمل كل
واحد منهما على شيء ويحمل عليه شيء.
[Page 249]
وينبغي الاّ يؤخذ من اللواحق الا اللواحق العامة لكلى الحدين وهي المحمولة
على كل واحد منهما، لا اللواحق الخاصة وهي الجزئية، اعني المحمولة على بعضها.
مثال ذلك انه ان كان المطلوب: هل الانسان كذا؟ فانه ليس ينبغي ان نختار ما هو
لاحق لانسان ما، بل ما هو لاحق لكل انسان، لانه لا يكون قياس الا من
المقدمات الكلية كما تبيّن.
وكذلك لا ينبغي ان تؤخذ المقدمات مهملة لان المهملة قوتها قوة الجزئية على ما
تبيّن، وليس يبيّن من امرها هل هي كلية ام ليست بكلية.
وكذلك ينبغي ان نختار من الاشياء التي يلحقها كل واحد من الحدّين الاشياء
الكلية. مثال ذلك ان نختار ما يلحقه الانسان كله لا بعضه، والسور ابدًا يجب ان
يقرن بموضوع المقدمة المستنبطة لا بمحمولها، لأنه اذا قرن بمحمولها كان اما مستحيلاً واما
غير نافع في القياس، على ما تبيّن في الكتاب المتقدم.
واذا كان احد الحدّين من المطلوب الذي نلتمس اخذ لاحقه محاطًا بأمر كلي،
فلا فرق في هذا الموضع بين ان نلتمس لاحقه نفسه او لاحق ذلك الكلي المحيط
به. مثال ذلك انه اذا التمسنا لواحق الانسان مثل الحي، وقد علمنا ان الحي محيط
بالانسان، لم يكن في هذا الموضع فرق بين ان نجد لاحقًا من لواحق الانسان او
لا حقًا من لواحق الحي، لان كل ما لحق المحيط بالانسان فقد يلحق الانسان.
وكذلك ايضًا متى التمسنا لاحق احد الحدّين، وكان الحدّ الذي التمس لاحقه
محيطًا بموضوعات ما، فليس ينبغي ايضًا ها هنا ان نشتغل بتصحيح ان ما هو
لا حق لذلك الحدّ فهو لاحق لموضوعه، اذ كان معلومًا ان ما لحق الشيء فهو لاحق
لما يحيط به ذلك الشيء، وانما ينبغي ان نصحح ان ذلك الحدّ الذي اخذ لاحقه محيط
بذلك الموضوع. مثال ذلك انه اذا كان الحي لاحقًا للانسان ومحيطًا به فهو بيّن انه
لاحق لكل ما يحيط به الانسان، وانما الذي ينبغي ان نصحح ان هذا الشيء يحيط
به الانسان او ليس يحيط به.
وينبغي ان نختار من هذه اللواحق اللواحق المناسبة للمطلوب. فان كان المطلوب
في الممكن الاكثرى اخذنا من اللواحق الممكنة الاكثرية لان قياس المطالب التي
[Page 250]
تكون في الممكنة الاكثرية انما تكون من مقدمات اكثرية، كما ان قياس المطالب
التي تكون في المادة الضرورية انما تكون من مقدمات ضرورية.
فهذه هي القوانين التي بها نلتمس اكتساب المقدمات في كل قياس نقصد
عمله.
[Page 251]
متحرك، والجرم السماوي ازلي، ينتج: بعض المتحرك ازلي. وقد يتفق ذلك في
الشكل الاول متى الفينا احد موضوعات المحمول هو بعينه احد المحمولات على
بعض موضوع المطلوب.
فان اردنا ان ننتج سالبًا كليًا فان ذلك يتفق بأحد وجهين: اما بأن ننظر في
لواحق موضوع المطلوب وفيما لا يمكن ان يكون موضوعًا لمحمول المطلوب، فان
الفينا لاحق موضوع المطلوب هو بعينه الموضوع الذي لا يمكن ان يوضع للمحمول
انتج لنا ذلك في الشكل الاول ان محمول المطلوب ليس يمكن ان يوجد في شيء
من موضوع المطلوب. مثال ذلك ان يكون مطلوبنا: هل النفس غير مائتة؟ فنجد
المتحرك من تلقائه لاحقًا من لواحق موضوع هذا المطلوب وهو بعينه الموضوع الذي لا
يمكن ان يوجد منه محمول هذا المطلوب، فيأتلف القياس هكذا: كل نفس
متحركة من ذاتها، ولا شيء متحرك من ذاته مائت، ينتج عن ذلك ان كل
نفس غير مائتة. والوجه الثاني ان ننظر في لواحق الحدّ المحمول فان الفينا فيها ما
هو مسلوب عن الموضوع انتج لنا عن ذلك في الشكل الثاني ان المحمول مسلوب عن
جميع الموضوع. مثال ذلك ان يكون مطلوبنا: هل الخلاء احد الموجودات
الطبيعية؟ فنجد الموجود المحسوس موجبًا للموجودات الطبيعية ومسلوبًا عن
الخلاء، فيأتلف القياس هكذا: الخلاء ليس بمحسوس، والموجودات الطبيعية
محسوسة، النتيجة: فالخلاء ليس واحدًا من الموجودات الطبيعية.
فان اردنا ان ننتج سالبة جزئية فان ذلك يتفق على وجوه ثلاثة اذ قد تبيّن ان
هذا المطلوب ينتج في الاشكال الثلاثة: احدها ان ننظر في لواحق الموضوع وفيما
لا يمكن ان يكون في المحمول، فان كان بعض اللواحق هو بعينه ما لا يمكن في
المحمول فانه ينتج في الشكل الثاني ان المحمول ليس في بعض الموضوع. مثال ذلك
ان يكون مطلوبنا: هل بعض الانفس غير مائتة؟ فنجد بعض الانفس يلحقها ان
يكون فعلها جوهرها والمائت ليس فعله جوهره، فيأتلف القياس في الشكل الثاني
هكذا: بعض الانفس فعله جوهره، وكل مائت ليس فعله جوهره، فيرجع الى
الشكل الاول بعكس السالبة فينتج فيه ان بعض الانفس غير مائتة. وقد تبيّن
ذلك في الشكل الثالث بأن نأخذ موضوعات موضوع المطلوب والاشياء التي يسلب
[Page 252]
عنها المحمول، فان وجدنا من هذه شيئًا هو واحد بعينه انتج لنا في الشكل الثالث
ان المحمول مسلوب عن بعض الموضوع. وقد يتفق هذا في الشكل الاول بأن نجد
لواحق الموضوع هي بعينها ما لا يمكن ان يوجد فيها المحمول الا انه ينتج هذا
المطلوب بمقدمات كلية في الشكل الثالث فقط، وقد كانت الوصية ها هنا ان
نتخير المقدمات الكلية.
وينبغي ان نختار من اللواحق للطرفين والموضوعات لها ما هو اكثر عموما واكثر
كلية، لانه اذا وجد القياس من امثال هذه المقدمات فقد وجد القياس لما هو اقل
عمومًا منها اذ هو منطو فيها؛ واذا لم يوجد القياس مما هو اكثر عمومًا فقد يمكن ان
يوجد مما هو اقل عمومًا وقد يمكن الاّ يوجد. مثال ذلك انه اذا وجدنا القياس
على الانسان مركب من الاضداد من جهة انه متغذ فقد وجدنا القياس على ذلك
من جهة انه حساس، اذ كان الحساس اخص من المتغذي ومنطويًا فيه، ومتى
وجدنا الاضداد في المتغذي فقد وجدناها في الحساس، ومتى وجدنا المتغذي في
الحساس فقد وجدنا المتغذي في الانسان. فاذن متى وجدنا الاضداد في الانسان
بتوسط المتغذي فقد وجدناها فيه بتوسط الحساس؛ وان لم نجد القياس على ذلك
من انه متغذ فقد يمكن ان نجد القياس على ذلك من جهة انه حساس وقد يمكن
الاّ نجد.
وهو بيّن ان هذا النظر ليس يتجاوز ان يكون بمقدمتين وثلاثة حدود على ما
تبيّن من امر القياس، وانه لا يكون قياس الا في الاشكال الثلاثة التي ذكرت
ومن هذه في المنتجة منها. ولذلك ما ينبغي ان يتجنب في اكتساب المقدمات
واخذ اللواحق والموضوعات ما يأتلف منه شكل غير منتج. مثل انه ليس ينبغي ان
نأخذ اللاحق للطرفين اذا كانا امرًا واحدًا بعينه لانه لا يكون من ذلك موجبتان في
الشكل الثاني، وقد تبيّن انه غير منتج. وكذلك لا ينبغي ان نأخذ ما هو مسلوب
عن الطرفين لانه قد تبيّن انه لا ينتج من سالبتين. وكذلك اذا كان موضوع محمول
المطلوب وما يسلب عن موضوع المطلوب شيئًا واحدًا فليس ينبغي ان نأخذه لانه
تكون المقدمة الصغرى سالبة في الشكل الاول، وقد تبيّن ان ذلك غير منتج. وهو
بيّن انه انما يكون قياس اذا اخذ شيء واحد مكررًا مرتين، اعني اذا نسب الى
[Page 253]
الحدين نسبة حمل او وضع وهو الحدّ الاوسط، وانه ان كان الحدّ الاوسط
شيئين انه لا يكون قياس يوجب احد الطرفين موجود للآخر او مسلوب عنه.
[Page 254]
مطلوب يبيّن بقياس الخلف فيمكن ان يبيّن بتلك الحدود باعيانها بقياس حملي.
مثال ذلك انه اذا كان عندنا ان
ب
موجودة في كل
ا
، وغير موجودة في شيء من
ﮪ
، واردنا ان نبيّن بهاتين المقدمتين ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﮪ
بطريق الخلف
قلنا: ان
ا
غير موجودة لشيء من
ﮪ
، والا فلتكن
ا
موجودة لبعض
ﮪ
، وقد كان
معنا ان
ب
موجودة في كل
ا
، فينتج لنا ان
ب
موجودة في بعض
ﮪ
، وقد كانت
غير موجودة في شيء من
ﮪ
، هذا خلف لا يمكن. وان اردنا ان ننتج ذلك على
طريق الحمل قلنا: ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﮪ
لان
ب
غير موجودة في شيء
من
ﮪ
وموجودة في كل
ا
.
وكذلك يبيّن الامر في جميع المطالب، وذلك ان كلا القياسين، اعني الجزمي
والسائق الى المحال، انما يكتسبان بأخذ لواحق الطرفين او بموضوعاتهما وبأخذ شيء
واحد يكرر فيهما. وانما الفرق بينهما ان القياس السائق الى المحال يأتلف من
مقدمتين: احداهما المقدمة الحق والاخرى كذب فينتج نقيض المقدمة الحق
الثانية؛ والقياس الحملي يأتلف من المقدمتين الحق لا غير، فلا بدّ في كل قياس
منهما من الاعتراف بمقدمتين، وذلك يكون بالطرق التي وصفنا، فان اكتفي بهما
كان القياس حمليًّا، وان اخذ نقيض المطلوب واضيف اليه احدهما كان قياس
خلف. وسيبيّن ذلك اكثر اذا تبيّنت انواع المقاييس الحملية الواقعة في قياس
الخلف.
وكذلك المقاييس الشرطية مضطرة الى هذا النحو من النظر اذ قد تبيّن انه لا
يبيّن مطلوب بالطبع بقياس شرطي دون ان يقترن به قياس حملي، وهو الذي يبيّن
به اما صحة المستثنى واما صحة الاتصال. فهذا النحو من النظر يبيّن كل مطلوب
كان في مادة ضرورية او في مادة ممكنة.
وهو بيّن انه ليس فقط بهذه السبيل يمكن ان يستخرج كل قياس، بل وانه
ليس يمكن ان يستخرج قياس بغير هذه السبيل، لانه قد تبيّن ان كل قياس انما
يكون بواحد من الاشكال الثلاثة، وان هذه الاشكال الثلاثة انما تكون من
الامور المحمولة على الطرفين والموضوعة للطرفين. فاذن ليس يمكن ان يوجد
قياس الا من النظر في هذه الاشياء، اعني اللاحقة والموضوعة. فان كان ايضًا
[Page 255]
بيّنا ان كل قياس انما يكون من النظر في هذه الاشياء فهو بيّن من ذلك ان كل
قياس انما يكون بواحد من الاشكال الثلاثة وفي مقدمتين وثلاثة حدود.
[Page 256]
الكواكب المتحيرة امكن ان توجد البراهين على معرفة افلاكها. وكذلك الامر في
كل صناعة وفي كل علم الحاجة فيه الى التجربة ضرورية. فانه اذا اكتسبنا بالتجربة
جميع الأوائل والمقدمات الموجودة في ذلك الجنس، امكننا بسهولة ان نجد البراهين
على جميع الاشياء المطلوبة في ذلك الجنس، وان نعرف ما يمكن ان يبرهن في
ذلك الجنس مما لا يمكن.
فقد قلنا على العموم كيف ينبغي ان نكتسب المقاييس والمقدمات؛ واما القول على
الاستقصاء والخصوص بجنس جنس من اجناس المطالب فسيقال فيه في
⟪كتاب الجدل⟫.
[Page 257]
غير مائت، وكان معلومًا عندنا بمقدمتين: احداهما ان الانسان حيوان، والمقدمة
الثانية ان الحيوان اما مائت او غير مائت، واردنا ان نبيّن من هاتين المقدمتين
ان الانسان اما حيوان واما غير مائت، اعني احد هذين المتقابلين، ليحصل لنا من
ذلك حدّه وهو انه حيوان مائت او غير مائت، فألّفنا القول هكذا: الانسان
حيوان، والحيوان اما مائت او غير مائت، فالذي يلزم عن هاتين المقدمتين هو
ان الانسان اما مائت او غير مائت، لا انه احدهما على التحصيل الذي كان
مطلوبًا لنا الا ان كان بينًا بنفسه او معلومًا بقياس من الاقيسة المذكورة. فاذن
الحدّ الاوسط في هذا القياس، الذي هو الحيوان، اعم من المطلوب الذي هو
المائت او غير المائت. وكذلك ان كان معلومًا عندنا ان الانسان حيوان مائت، وان
المائت منه ذو رجلين ومنه ذو ارجل كثيرة، واردنا ان نعرف ايّ هو الانسان من
هذين، لم نستفد ذلك من طريق القسمة بوجه من الوجوه.
فاذن القسمة ليست قياسًا بوجه من الوجوه لا في مطلوب مطلق مثل ان
الشيء موجود او غير موجود، ولا في مطلوب مفيد هل الشيء عرض او جنس او
خاصة او حدّ، ولكنها نافعة في القياس.
فقد قيل من اي شيء تكتسب المقاييس، والى اي شيء ينبغي ان نقصد في
كل نوع من انواع المطالب.
[Page 259]
[Page 260]
المطلوب، وهل صرّح بهما معًا في ذلك الكلام القياسي ام انما صرّح بالواحدة
منهما؛ وان كان صرّح بواحدة وسكت عن واحدة فايّ هي المسكوت عنها المحذوفة:
هل الكبرى او الصغرى؟ فانه كثيرًا ما يعرض في الكلام المتلو والمقرو ان يصرّحوا
بالكبرى ويحذفوا الصغرى، او يصرّحوا بالصغرى ويحذفوا الكبرى، وكثيرًا ايضًا ما
يضعون في القياس مقدمات ليست نافعة لا في اثبات النتيجة ولا في ابطالها،
وذلك اما للايضاح واما للاقناع واما لغير ذلك من الوجوه التي عددت في الثامنة
من الجدل. فينبغي لذلك ان نفحص هل اخذ في ذلك القول القياسي مقدمة زائدة
او نقص منه مقدمة ضرورية لنرفض الزائد ونضع الناقص حتي نجد المقدمتين اللتين
منهما ائتلف القياس، لانه متى لم نجد المقدمتين لم يمكن ان نردّ القول القياسي الى
احد الاشكال المتقدمة.
[Page 261]
يبطل الجوهر، وما هو غير جوهر فلا يبطل ببطلانه الجوهر، فينتج في الشكل الثاني ان
اجزاء الجوهر ليست غير جوهر، ثم يضاف الى هذا: وما ليس هو غير جوهر فهو
جوهر، فينتج ان اجزاء الجوهر جوهر. ومثال ما نقص منه بعض المقدمات ومعرفة ذلك
سهل قولنا: ان كان الانسان موجودًا فالحي موجود، وان كان الحي موجودًا فالجوهر
موجود، فان كان الانسان موجودًا فالجوهر موجود؛ وذلك انه نقص من هذا: و
كل انسان حي، وكل حي جوهر.
وسبب الغلط في هذا هو ان يظن بما لزم باضطرار انه
لازم لزومًا قياسيًا.
فاذن متى وجدنا شيئًا قد لزم عن شيء فليس ينبغي ان نتوهمه قياسًا تامًا الا اذا
وجدنا فيه المقدمتين معًا؛ فاذا وجدنا فيه مقدمتي القياس بهذا الفعل فينبغي ان
نقسم المقدمتين ايضًا الى الثلاثة حدود ونميز الحدّ الاوسط الذي هو الحدّ المشترك
للحدين اللذين هما طرفا المطلوب، فانه لا بد في كل قياس من حدّ اوسط.
فان الفينا الحدّ الاوسط محمولاً على الاصغر وموضوعًا للاكبر، او محمولا على
الاصغر مسلوبًا عن الاكبر، فانه يكون الشكل الاول؛ فان كان الحد الاوسط
محمولاً في احدهما مسلوبًا عن الآخر على جهة الحمل لا على جهة الوضع، فانه
يكون الشكل الثاني؛ وان كان الحدّ الاوسط موضوعًا للطرفين اما على طريق
الايجاب، او لاحدهما على طريق الايجاب وللثاني على طريق السلب، فانه يكون
الشكل الثالث؛ لانه قد نبرهن انه ليس ها هنا نسبة رابعة للحدّ الاوسط الى
الطرفين والطرفان على المجرى الطبيعي في الحمل. وسواء كانت المقدمتان كلية، او
كانت احداهما كلية والثانية جزئية، ما لم تقع الجزئية كبرى في الشكل الاول
والثاني، فان الحد الاوسط وضعه في ذلك واحد.
واذا كان هذا هكذا فهو بيّن ان اي قول لم يوجد فيه شيء واحد مكرر مرتين،
ان ذلك القول ليس بقياس، لانه اذا لم يوجد فيه حدّ واحد مكرر مرتين فليس
فيه حدّ اوسط، واذا لم يكن هنالك حدّ اوسط فليس هنالك قياس. ولانه قد تبيّن
انه ليس يبيّن كل مطلوب في كل شكل، وان منها ما يبيّن في شكل واحد، وهو
الكلي الموجب، ومنها ما يبيّن في شكلين وهو السالب الكلي والموجب الجزئي، ومنها
ما يبيّن في الثلاثة الاشكال وهو السالب الجزئي، فهو بيّن انه ليس ينبغي ان
[Page 262]
نلتمس المطلوب في اي شكل اتفق لكن في الشكل الخاص به. فكل ما كان من
المطلوبات يتبيّن باكثر من شكل واحد، فانما يعرف الشكل الذي به يبيّن
بوضع الحدّ الاوسط فيه من الطرفين؛ وكل ما كان انما تبيّن في شكل مخصوص
فقد يعرف الشكل الذي يبيّن به من المطلوب نفسه، كما نعرفه عن وضع الحدّ
الاوسط؛ وما كان منها يتبيّن في شكلين فانّا نلتمس فيه ان نجد وضع الحدّ
الاوسط فيه الوضع الذي يكون في ذلك الشكلين فقط.
فهذه هي التي منها يمكن ان نقف على شكل القياس الذي به انتج المطلوب
في القول القياسي المكتوب او المتلو.
[Page 263]
[Page 264]
[Page 265]
للثالث. مثال ذلك قولنا: الحكمة علم، والحكمة للفاضل، والنتيجة ان العلم
للفاضل. وقد يكون عكس هذا، اعني ان يكون الحدّ الاوسط صفة للاخير،
والاول غير صفة للاوسط. مثل انه ان وضعنا في كل ضد علمًا، والخير ضد،
فان النتيجة تكون ان في الخير علمًا. وقد يتفق الا يكون الاول صفة للاوسط، ولا
الاوسط للاخير، ويكون الاول صفة للاخير وهي النتيجة. مثال ذلك ان في الخير
علمًا، والعلم له جنس، والخير جنس.
وعلى هذا ينبغي ان يفهم الامر في السلب، فانه ليس متى سلب شيء عن
شيء يدل على ان هذا هو غير هذا، بل احيانًا على ان هذا ليس لهذا او ليس في
هذا، وما اشبه ذلك من ضروب النسب. مثال ذلك انه يصدق قولنا: ليس للحركة
حركة، ولا يصدق قولنا: الحركة ليست هي حركة؛ وكذلك نقول الكون ليس له
كون، ولا نقول: الكون ليس هو كونًا، فاذا اضفنا الى هذا ان اللذة كون، انتج انه
ليس للذة كون لا ان اللذة ليست كونًا.
قال
: بالجملة وبالقول الكلي اما الحدود الموضوعة فينبغي ان تؤخذ بالجهة
التي بها تؤخذ مفردة، يريد بالرفع، لانه بهذه الجهة يستدل على المقدمات منها؛
واما المقدمات فينبغي ان تؤخذ على النحو الذي تكون به صادقة، سواءً كانت
مرفوعة او غير مرفوعة، فغير مرفوعة مثل قولنا: العشرة ضعف للخمسة والثوب
من كتان.
[Page 266]
[Page 267]
[Page 268]
على الكل⟫ وذلك انه فرق كبير بين ان نقول في المقدمة الكبرى ان الذي يوجد فيه
الباء يوجد الالف في كله او بين ان نقول ان الالف توجد في كل ما توجد فيه
الباء. فانه اذا اضفنا الى قولنا: ان الالف توجد في كل ما فيه الباء، ان الباء
موجودة في كل الجيم، انتج لنا بالضرورة ان الالف موجودة في كل الجيم. واما
متى اضفنا الى قولنا ان الذي توجد فيه الباء توجد الالف في كله، ان الباء توجد
في كل الجيم، لم يلزم عن ذلك ان تكون الالف موجودة في كل الجيم، اذ كان
الشرط انما هو ان الشيء الذي توجد فيه الباء توجد الالف في كله، فقد يكون
ذلك الشيء بعض ما توجد فيه الباء لا كله، فليس يلزم عن ذلك ان تكون الالف
موجودة في كل الجيم اذ قد يمكن ان تكون الجيم من البعض الذي يتصف بالباء ولا
توجد فيه الالف. وكذلك متى كانت الكبرى سالبة، اعني انه فرق كبير بين ان
نقول ان
ا
مسلوبة عن كل الشيء الذي توجد فيه الباء، وبين ان نقول ان
ا
مسلوبة عن كل ما فيه الباء. فهو بيّن انه اذا اخذ في الحدود ان الف مقولة على
كل الشيء الذي تقال عليه الباء، وان الباء مقولة على كل الجيم، انه ليس يلزم ان
تكون الف مقولة على كل الجيم، وان اخذ ان الالف مقولة على كل ما تقال عليه
الباء لزم ان تكون الالف مقولة على كل الجيم.
[Page 269]
كنسبة الكل الى الجزء، فانه لا يكون عن ذلك قياس؛ لكن أخذنا بدل الامثلة
الداخلة تحت هذا القول الحروف لانه اسهل في التعليم، اذ كان اعطاء المثال
ضروريًا في التعليم.
[Page 270]
يمكن ان يحلّ القول الذي استعمل في بيان ذلك المطلوب الى اكثر من شكل
واحد.
[Page 271]
واما متى كانت السالبة في الشكل الثاني جزئية، فان الجزئية السالبة لا تنعكس
والكلية ايضًا ان انعكست تكون جزئية.
وكذلك التي في الشكل الثالث اذا كانت السالبة هي الكلية، امكن رجوع
مقدماتها الى الشكل الاول لان السالبة الكلية تنعكس والموجبة تنعكس جزئية،
كانت كلية او جزئية. وان كانت السالبة هي الجزئية فان القياس لا ينحل الى الشكل
الثاني لان السالبة الجزئية لا تنعكس.
فقد تبيّن من هذا القول اي اصناف القياسات التي تشترك في مطلوب واحد
من الاجناس الثلاثة من اجناس القياس يمكن فيها ان ينحل بعضها الى بعض
وايّها لا يمكن ذلك فيها.
[Page 272]
قولنا: ⟪زيد يمكن الا يمشي⟫. ونسبة قولنا: ⟪زيد يوجد ابيض⟫ الى قولنا: ⟪زيد
ليس يوجد ابي⟫، هي نسبة قولنا: ⟪زيد يمكن ان يمشي⟫ الى قولنا: ⟪زيد ليس
يمكن ان يمشي⟫. فكما ان الممكنين قضيتان موجبتان على ما تبيّن في الكتاب
المتقدم، كذلك قولنا: ⟪زيد ابيض⟫، ⟪زيد لا ابيض⟫؛ فان كان قولنا: ⟪زيد لا
ابيض⟫ بمنزلة قولنا: ⟪زيد ليس بابيض⟫، فيجب ان يكون كل شيء اما ابيض
واما ليس بابيض. وهو بيّن ان الاشياء المعدومة وكثيرة من الاشياء الموجودة لا
يصدق عليها انها بيض ولا انها لا بيض، واما انها بيض او ليست ببيض
يفيصدق على جميع الاشياء. وايضًا لو كان قولنا: ⟪زيد هو قادر الاّ يمشى⟫
بمنزلة قولنا: ⟪زيد ليس هو قادر ان يمشي⟫، لكان الايجاب والسلب يجتمعان
في شيء واحد بعينه؛ لانه كما ان قولنا في زيد انه قادر ان يمشي والاّ يمشي
يصدقان معًا، كذلك كان يجب ان يكون قولنا فيه انه قادر وانه ليس بقادر، اعني
لو كان معنى السلب في ذلك هو معنى العدل، وبيّن ان قولنا قادر وليس بقادر لا
يجتمعان معًا في شيء واحد بعينه.
فالقضية المعدولة تفارق السلب: اما حينًا فبأنها توجد هي ومقابلتها معًا في شيء
واحد، واما حينًا فبأنها قد يخلو الموضوع من كل واحد منهما. واما القضية السالبة
والموجبة فيخصهما انهما لا يجتمعان في شيء واحد، ولا يخلو من احدهما شيء من
الأشياء. ولذلك كان قولنا في سقراط انه عادل وانه لا عادل كاذبين معًا اذا
كان سقراط ميتًا، وقولنا انه عادل او ليس بعادل يقتسمان الصدق والكذب،
اعني انه ليس يخلو سقراط من ان يوصف بواحد منهما كان ميتًا او حيًا. وكذلك
قولنا في زيد انه يقدر ان يمشي ويقدر الا يمشي المتقابلان صادقان معًا فيه، وقولنا
فيه انه يقدر ان يمشي وليس يقدر ان يمشي، احدهما صادق والآخر كاذب. واذا
كانت القضايا المعدولة موجبات فلها سوالب، واذا قيست القضايا البسيطة
والمعدولة، الموجبات فيها والسوالب، ظهر لبعضها الى بعض نسبتان: نسبة تقابل
ونسبة لزوم.
فلنفرض بدل الموجبة البسيطة، وهي قولنا: ⟪زيد خيّر⟫ حرف ا، وبدل سالبتها
وهي قولنا: ⟪زيد ليس بخيّر⟫ حرف
،البا
، وبدل الموجبة المعدولة، وهي قولنا:
[Page 273]
⟪زيد لا خير⟫، حرف
الدال
، وبدل سالبتها، وهي قولنا: ⟪زيد ليس هو لا
خيّر⟫ حرف
الجيم
. ولنضع تحت
الالف ﺟ
وتحت
البا د
. فكل شيء اما ان
يوجد فيه
ا
واما
ب
، وليس يمكن ان يجتمعا في شيء واحد اذ كانت احداهما
موجبة والثانية سالبة، وكذلك حال
ﺟ
مع
د
اذ كانت احداهما ايضًا موجبة
والاخرى سالبة. وهو بيّن ايضًا ان كل ما يوجد فيه
د
فبالضرورة يوجد في كله
ب
، لانه ان كان قولنا في زيد انه ⟪لا خيّر⟫ صدقا فواجب ان يكون قولنا فيه انه
⟪ليس بخيّر⟫ ايضًا صدقا، لانه واجب ان يصدق عليه قولنا انه خيّر وانه ليس
بخيّر. واذا كذب عليه انه خيّر فواجب ان يصدق عليه انه ليس بخيّر. فلأن كل ما
يوجد فيه
د
يوجد فيه
ب
، فب لا حقة لد وموجودة حيث وجدت. وليس
ينعكس هذا حتى تكون
د
موجودة في كل ما يوجد فيه
ب
، لانه اذا كان زيد
معدومًا صدق عليه انه ليس بخير ولم يصدق عليه انه لا خيّر. فهذه حال
د
مع
ب
في اللزوم. واما حال
ا
مع
ﺟ
فبعكس هذا، اعني ان
ﺟ
لاحقة للالف
وموجودة حيث وجدت، وليس ينعكس ذلك حتى تكون
ا
لا حقة
ﻟﺟ
وموجودة حيث وجدت، لان ما يصدق عليه قولنا انه خيّر يصدق عليه انه ليس
لا خيّر، لانه اما ان يصدق عليه قولنا انه ليس لا خيّر او انه لا خيّر، وليس
ينعكس هذا حتى يكون ما يصدق عليه قولنا انه ليس لا خيّر يصدق عليه قولنا انه
خير؛ فان زيدًا المعدوم يصدق عليه قولنا: ليس لا خير اذ كان لا بد ان يصدق
عليه قولنا انه لا خيّر وانه ليس لا خيّر، لان هذين القولين احدهما موجب والآخر
سالب، وليس يخلو من احدهما شيء ولا يجتمعان في شيء واحد. واذا كان هذا هكذا
فبيّن انه ليس يمكن في
ﺩ
وهي السالبة المعدولة وفي
ﺟ
وهي الموجبة المعدولة ان يجتمعا في
شيء واحد، لأن ما يصدق عليه ا يصدق عليه
ﺟ
وما صدق عليه جيم كذب عليه د،
اذ احداهما موجبة والأخرى سالبة. واما جيم وهي السالبة المعدولة، و ب وهي السالبة
البسيطة، فقد يجتمعان في شيء واحد لأنه ليس يلزم وجود
د
فيما توجد فيه
ب
وانما
الأمر بالعكس، اعني ان
ب
توجد فيما توجد فيه
د
.
وقد يمكن ان نغلط في هذا الترتيب حتى نظن ان
ا
متى كانت موجودة، اعني
الموجبة البسيطة، ان السالبة المعدولة موجودة، وانه متى كانت السالبة المعدولة
موجودة ان الموجبة البسيطة موجودة؛ وكذلك الامر في السالبة البسيطة مع المعدولة.
[Page 274]
وذلك انما يعرض متى غلطنا فظننا ان المعدولة سالبة، مثل ان يظن فيما هو خير انه
مقابل ما هو لا خير على جهة الايجاب والسلب لا على جهة العدل. وذلك انه متى
اخذنا
ا
و
ب
موجبة وسالبة، واخذنا ايضًا
ا
و
د
المعدولة موجبة وسالبة، عرض ضرورة
ان يكون متى وجدت
ا
وجدت
ﺟ
ومتى وجدت
ﺟ
وجدت
ا
، وكذلك متى وجدت
ب
وجدت
د
ومتى وجدت
د
وجدت
ب
، وذلك خلاف الترتيب الذي تبيّن. فأما
كيف يعرض ذلك فلانه اذا وضعنا
ا
و
ب
يقتسمان الصدق والكذب على جميع
الموجودات، ووضعنا ان
ا
و
د
، وهي المعدولة، هي بهذه الصفة، لزم ضرورة متى
وجدنا
ب
ان توجد
د
، ومتى وجدنا
د
ان توجد
ب
، لان
ا
و
ب
و
ا
و
د
لما كانا يقتسمان
الصدق والكذب على جميع الموجودات لزم متى كذبت
ا
ان تصدق
ب
و
د
لان
ا
و
ب
متقابلان على جهة الايجاب، والسلب وكذلك
ا
و
د
. فاذن متى وجدت
ب
وجدت
د
، ومتى وجدت
د
وجدت
ب
، وكذلك يلزم في
ا
مع
ﺟ
.
وهذا اللزوم المظنون من هذه الاربعة الحدود التي هي
ا
و
ﺟ
و
ب
و
د
ليس هو
في الوجود فقط، بل في الوجود والارتفاع، اعني انهما متلازمان في الوجود
والارتفاع، وذلك خلاف ما تبيّن. والسبب في هذا الغلط ان ظن بالمعدولة انها
سالبة تقتسم الصدق والكذب، واذا تقرر ان الموجبة البسيطة ليست كالموجبة
المعدولة.
مثال ذلك انه ليس سلب قولنا: ⟪كل انسان ابيض⟫ قولنا:
⟪كل انسان لا ابيض⟫، بل قولنا: ⟪ليس كل انسان ابيض⟫، وكانت العلة في
ذلك هي العلة التي ذكرنا. وذلك ان قولنا: ⟪كل انسان ابيض⟫ و⟪كل انسان لا
ابيض⟫ يكذبان معًا وليس يوجد احدهما بالضرورة في اي شيء كان من الاشياء،
كالحال في قولنا: ⟪كل انسان ابيض⟫، ⟫ليس كل انسان بابيض⟪.
فاذن القياس الذي ينتج به قولنا:⟪كل انسان لا ابيض⟫ هو غير القياس الذي
ينتج به انه ⟪ولا انسان واحد ابيض⟫. وذلك ان قولنا: ⟪كل انسان لا ابيض⟫
هي موجبة، وقد تبيّن انها لا تنتج الا في الشكل الاول، وقولنا: ⟪ولا انسان
واحد ابيض⟫ هي سالبة كلية وهي تنتج في الاول والثاني، وذلك في صنف واحد
من الاول وفي صنفين من الثاني، فهي تنتج في ثلاثة اصناف من المقاييس.
وكذلك متى كانت المقدمة الصغرى في الشكل الاول معدولة، فليس ينبغي ان يظن
[Page 275]
به انه غير منتج كحالها اذا كانت سالبة، ولا متى كانت المقدمتان معدولتين كحالها
اذا كانتا سالبتين. والمقدمة المعدولة تتميز من السالبة بأن حرف العدل هو جزء من
المقدمة، ولذلك يدخل ايضًا عليه حرف السلب، وليس حرف السلب جزءًا
من المقدمة؛ ولذلك محمول الموجبة وموضوعها هو بعينه محمول السالبة وموضوعها.
وهنا انقضت المعاني التي تضمنتها هذه المقالة الاولى.
يتلوه المقالة الثانية من انالوطيقل الاول
وهو ⟪كتاب القياس⟫
والحمد اللّه وحده، وهو المعين لا رب غيره.
[Page 277]
المقالة الثانية
من كتاب انالوطيقى الاولى
ا
[Page 279]
[Page 280]
سالبة جزئية فليس تنتج غير النتيجة الاولى؛ والسبب في ذلك ان النتائج الكلية
والجزئية الموجبة تنعكس، والسالبة الجزئية ليس تنعكس. والقياس الذي ينتج نتيجة
كلية موجبة يعرض له ان ينتج الجزئية المنطوية تحت تلك الكلية، والجزئية التي
تنعكس اليها الكلية الموجبة؛ والذي ينتج سالبة كلية يعرض له ان ينتج عكسها
والسالبة الجزئية المنطوية تحتها؛ والذي ينتج الموجبة الجزئية يعرض له ان ينتج
عكسها، واما الذي ينتج السالبة الجزئية فليس يعرض له ان ينتج غيرها اذ كانت
غير منعكسة ولا محيطة بغيرها.
فمن هذه الجهة يعرض للقياس الواحد بعينه ان ينتج اكثر من نتيجة واحدة،
الا ان الذي ينتج بالذات واولاً هي واحدة، وسائر ما ينتجه انما ينتجه من جهة انه
يلحق النتيجة الاولى وبوساطتها فكأنها نتائج بالعرض. ولذلك لم يعدد امثال هذه في
نتائج المقاييس في المقالة الأولى، وغلط في ذلك قدماء المفسرين فعددوها.
وقد
يمكن ان يظن انه قد يكون عن القياس الواحد بعينه نتيجة اكثر من واحدة على جهة
اخرى، الا ان ذلك في الظن لا في الحقيقة.
وذلك اما في الشكل الاول فانه يعرض ذلك على وجهين:
احدهما
متى بيّنا ان
محمولاً ما يوجد لموضوع ما، وكان ظاهرًا عندنا ان شيئًا ما موضوع لموضوع
المطلوب، فقد يظن انه اذا تبيّن ان محمول المطلوب موجود في موضوعه، انه قد
تبيّن مع ذلك انه موجود في موضوع الموضوع. مثال ذلك ان يكون المطلوب:
هل العالم محدث؟ فانه اذا تبيّن لنا ان العالم محدث، تبيّن لنا ان السماء محدثة وذلك
انه ظاهر بنفسه ان السماء جزء من اجزاء العالم. فهذا احد ما يظن به انه قد يكون
عن قياس واحد بهذه الجهة اكثر من نتيجة واحدة، وليس ذلك حقيقيًا، فان
قولنا السماء محدثة في هذا المثال انما انتج بمقدمتين: احداهما ان السماء جزء
من اجزاء العالم، والثانية ان جميع اجزاء العالم محدث، فيلزم ان السماء محدثة.
والوجه الآخر
انه متى بيّنّا ان شيئًا ما موجود لموضوع بمقدمتين، وكان ظاهرًا بنفسه
ان الحدّ الاوسط في المقدمتين منطو تحته موضوع آخر مع موضوع المطلوب، فقد
يظن انه ينتج عن ذلك نتائج اكثر من واحدة: احداها النتيجة المطلوبة،
والاخرى التي موضوعها منطو تحت الحدّ الاوسط مع موضوع المطلوب. مثال ذلك
[Page 281]
ان يبيّن ان العالم محدث بمقدمتين: احداهما ان العالم مؤلف، والثانية ان المؤلف
محدث؛ فانه قد يظن انه ينتج لنا من هاتين المقدمتين نتيجتان: احداهما ان العالم
محدث، والثانية ان الجسم محدث، لانه ظاهر بنفسه ان الجسم منطو تحت المؤلف
على مثال انطواء العالم تحته. واكثر ما يعرض هذا اذا كانت الكبرى بيّنة عن قياس.
وهما في الحقيقة قياسان يشتركان في المقدمة الكبرى ويفترقان في الصغرى؛ وهذا
بعينه يعرض في الشكل الاول الذي ينتج السوالب الكلية. كما يعرض في الذي
ينتج الموجبة الكلية. واما الذي ينتج الجزئية فليس يعرض فيه الصنف من
النتائج الذي يكون من قبل انطواء موضوعها تحت موضوع النتيجة لكون النتيجة
جزئية، ويعرض فيه الصنف الثاني لكون المقدمة الكبرى كلية في جميع اصناف
المقاييس في هذا الشكل، الكلية والجزئية.
واما
الشكل الثاني فانه يعرض في الاصناف الكلية منه ان يظن به انه ينتج
نتيجة وما هو منطو تحت موضوع النتيجة لغرب ذلك في بادئ الراي، وفي الحقيقة
انما هي نتيجة قياس في الشكل الاول، اعني وجود الطرف الاعظم لموضوع
موضوعه، وليس يظن فيه انه ينتج مع نتيجته ما هو موضوع للحدّ الاوسط لان
ذلك ان انتج فانما ينتج بترتيب الشكل الثاني، والفكرة لا تقع بالطبع على شعور
الانتاج في الشكل الثاني كوقوعها على ذلك في الشكل الاول. فلذلك يظهر ان
وجود الطرف الاعظم لما هو موضوع للحدّ الاوسط في الشكل الثاني هو بقياس
ثان، وليس يظن به انه ينتج بالقياس الاول بخلاف ما هو موضوع لموضوع النتيجة.
مثال ذلك قولنا: الجسم السماوي ليس بمحدث، والجسم المركب محدث. فانه يلزم
عن هذا القياس ان الجسم السماوي ليس بمركب، وان فلك الكواكب الثابتة غير
مركب اذ كان انطواؤه تحت الجسم السماوي ظاهرًا بنفسه. واما ان يظن انه
يلزم عن هذا القياس وجود الطرف الاعظم لما هو موضوع للحدّ الاوسط فيه.
مثل ان يكون بينّا بنفسه ان الاسطقسات ليست بمحدثة، فانه ليس يلزم عن ذلك
ان الاسطقسات ليست بمركبة الا بقياس هو غير القياس الذي لزم به ان الجسم
السماوي ليس بمركب، وذلك في الحقيقة وفي بادئ الراي.
وكذلك الحال في الشكل الثالث، اعني انه ليس يظن به انه ينتج مع نتيجتة
[Page 282]
الا وجود الطرف الاكبر لما هو موضوع للطرف الاصغر فقط لا لما هو موضوع
للحد الاوسط، ولذلك ليس يظن بالمقاييس الجزئية منها انها تنتج غير نتيجتها اذ
موضوع المطلوب فيه جزئي.
[Page 283]
[Page 284]
شيئًا واحدًا، وانما اخذت بدل المقدمتين الصادقتين التي نسبة احداهما الى
الاخرى كنسبة الكل الى الجزء؛ وذلك انه اذا كان قولنا:
ا
مقولة على كل
ب
صادقًا، وب مقولة على كل
ﺟ
صادقًا ايضًا، فباضطرار ان يكون قولنا
ا
مقولة على
كل
ﺟ
صادقًا ايضًا والا عرض ان يكون الصادق غير صادق. ولما كان ليس يلزم
عن ارتفاع المقدم ارتفاع التالي، لم يلزم اذا كانت
ا
كاذبة ان تكون
ب
، التي هي
النتيجة، كاذبة، لأن لزوم النتيجة عن القياس ليس لزومًا متكافئًا اعني منعكسًا.
وهذا البرهان بعينه هو عام للقياس الذي ينتج السالب او الموجب، اعني انه لا
يمكن ان يكون فيه من مقدمات صادقة نتيجة كاذبة.
[Page 285]
موجودة لشيء من
ﺟ
الذي هو الطرف الاصغر، وتكون
ا
موجودة ﻟ
ب
الذي هو
الاوسط، و
ب
غير موجودة ﻟ
ﺟ
؛ فاذا اخذ ان
ا
غير موجودة لشيء من
ب
،
و
ب
موجودة لكل
ﺟ
، كانتا كاذبتين الا انه ينتج ان
ا
غير موجودة ل
ﺟ
وهو
صدق. مثال ذلك قولنا: كل انسان حجر، ولا حجر واحد صنم، فولا
انسان واحد صنم. وكذلك يبيّن متى اخذت المقدمتان كلتاهما كاذبتين بالجزء.
فان
كانت المقدمة الواحدة كذبًا وكانت المقدمة العظمى، وكانت كاذبة
بالكل، فاقول ان النتيجة لا تكون صدقًا. وبيان ذلك ان تكون
ا
غير موجودة في
شيء من
ب
و
ب
موجودة في كل
ﺟ
، فانّا ان اخذنا ان
ا
موجودة في كل
ب
وذلك كذب، واخذنا ان
ب
موجودة في كل
ﺟ
وهو صدق، فمحال ان تكون
ا
موجودة في كل
ﺟ
، اعني ان يكون قولنا
ا
في كل
ﺟ
صدقًا؛ وذلك انه قد كان
الصادق ان
ا
ليست توجد في شيء مما هو موضوع ﻟ
ب
، و
ﺟ
موضوعة ﻟ
ب
.
فاذن ليس يمكن ان يكون حمل
ا
على
ﺟ
صادقًا، وذلك بيّن بنفسه من معنى
⟪المقول على الكل⟫، وسواءً كانت المقدمة الكبرى اذا اخذت كاذبة بالكل سالبة او
موجبة.
واما
اذا كانت المقدمة الكبرى كاذبة بالجزء فقد تكون النتيجة صادقة لانه يمكن
ان تكون
ا
موجودة في كل
ﺟ
وفي بعض
ب
، وتكون
ب
في كل
ﺟ
؛ فاذا اخذت
ا
محمولة على كل
ب
، و
ب
على كل
ﺟ
، كان حمل
ا
على كل
ب
كاذبًا بالجزء،
وحمل
ب
على
ﺟ
صادق بالكل والنتيجة صادقة بالكل. مثال ذلك قولنا: كل
ققنس ابيض، وكل ابيض حي, فكل ققنس حي، والنتيجة صادقة، والكبرى
كاذبة بالجزء و هي قولنا: كل ابيض حي. وكذلك يعرض متى كانت المقدمة الكبرى
سالبة، اعني الكلية، واخذت كاذبة بالجزء. مثال ذلك كل ثلج ابيض، ولا ابيض
واحد حي، النتيجة: ولا ثلج واحد حي، وهي صدق.
فان
اخذت المقدمة الصغرى كلها كاذبة، والكبرى كلها صادقة، فان النتيجة
قد تكون صدقًا لانه ليس شيء يمنع ان تكن
ا
موجودة في كل واحدة من
ب
و
ﺟ
، وتكون
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
. فان اخذت
ا
موجودة في كل
ب
، و
ب
موجودة في كل
ﺟ
، ينتج ان
ا
موجودة في كل
ﺟ
، وهي صدق،
[Page 286]
والصغرى كاذبة وهي قولنا:
ب
موجودة في كل
ﺟ
. وهذا يعرض في النوعين
اللذين تحت جنس واحد، اعني ان الجنس يحمل عليهما جميعًا ولا يحمل احدهما
على الثاني؛ فمتى اخذ ان الجنس موجود في احدهما بوجوده في الثاني، ووجود
الثاني في الذي اخذ ان الجنس فيه اولاً موجود، فقد اخذت نتيجة صدق من
مقدمتين: كبراهما صدق، وصغراهما كاذبة بالكلية. مثال ذلك قولنا: كل
انسان فرس، وكل فرس حي، فكل انسان حي. وكذلك يعرض متى كانت المقدمة
الكبرى سالبة. وهذا يعرض في الجنس مع الانواع التي تحت جنس آخر، اعني ان
يكون الجنس مسلوبًا عن كل واحد من النوعين، وكل واحد من النوعين مسلوب عن
صاحبه، فاذا اخذ احدهما موجودًا في الثاني واخذ الجنس غير موجود فيه، انتج
ان الجنس مسلوب عن الذي اخذ عنه مسلوبًا من اجل سلبه عن الثاني. مثال ذلك
قولنا: كل موسيقى طب، ولا طب واحد حيوان، ولا موسيقى واحدة
حيوان.
وكذلك
ان كانت المقدمة الصغرى كاذبة بالجزء، فان النتيجة ايضًا قد تكون
صادقة لانه قد يمكن ان تكون
ا
موجودة في كل واحد من
ب
و
ﺟ
، وتكون
ب
موجودة في بعض
ﺟ
، او تكون
ا
غير موجودة في شيء من
ب
و
ﺟ
، وتكون
ب
ايضًا موجودة في بعض
ﺟ
. فاذا اخذ ان
ب
موجودة في كل
ﺟ
، و
ا
موجودة في
كل
ب
، انتج ان
ا
موجودة في كل
ﺟ
، وتلك نتيجة صادقة من مقدمتين:
كبراهما صادقة بالكل والاخرى كاذبة بالجزء. وهذا يعرض للجنس الذي يوجد في
النوع وفي الفصل، كالحي فانه موجود في كل انسان وفي كل مشاء، والانسان
موجود في بعض المشاء لا في كله؛ فاذا قيل: كل مشاء انسان، وكل انسان حي،
لزم عن ذلك نتيجة صادقة وهو ان كل مشاء حي. ويعرض ان تكون
ا
غير موجودة
في شيء من
ب
و
ﺟ
و
ب
في بعض
ﺟ
، كالحال في الجنس مع الفصل والنوع
الذي تحت جنس آخر كالنبات، فانه ليس في شيء من الانسان ولا في شيء من
المتخيل، وبعض المتخيل انسان؛ فاذا قلنا: كل متخيل انسان، ولا انسان واحد
نبات، انتج لنا: ولا متخيل واحد نبات. فهذا ما يعرض للنتيجة مع
المقدمات الكاذبة في الصنفين الكليين من الشكل الاول.
[Page 287]
واما
في الصنفين الجزئيين منه فقد يمكن اذا كانت المقدمة الكبرى كلها كذبًا،
والاخرى كلها صدقًا، ان تكون النتيجة صادقًا، وذلك خلاف ما عرض للاصناف
الكلية من هذا الشكل. وقد يمكن ذلك ايضًا اذا كانت كاذبة بالجزء، او كانت
كلتاهما كاذبتين اما بالكل واما بالجزء. اما كون النتيجة صادقة مع ان الكبرى كاذبة
بالكل فذلك ممكن لانه ليس يمتنع ان تكون
ا
غير موجودة في
ب
وموجودة في
بعض
ﺟ
، وتكون
ب
موجودة في بعض
ﺟ
، كالحي فانه غير موجود في شيء من
الثلج، وموجود في بعض الابيض، والثلج موجود في بعض الابيض، فاذا قيل:
بعض الابيض ثلج، وكل ثلج حي، انتج ان بعض الابيض حي، وذلك نتيجة
صادقة عن مقدمتين: كبراهما كاذبة بالكل، وصغراهما صادقة. وكذلك يعرض
اذا كانت المقدمة الكبرى سالبة، فانه يمكن ان تكون
ا
موجودة في كل
ب
وغير
موجودة في بعض
ﺟ
، وتكون
ب
موجودة في بعض
ﺟ
، مثل الحي فانه موجود في
كل انسان، وغير موجود في بعض الابيض، واما الانسان فموجود في بعض
الابيض؛ فاذا قيل: بعض الابيض انسان، ولا انسان واحد حي، انتج ان بعض
الابيض ليس بحي، وتلك نتيجة صادقة عن مقدمتين: كبراهما كاذبة بالكل،
وصغراهما صادقة.
وكذلك
يعرض ان كانت المقدمة الكبرى كاذبة بالجزء، لانه ليس يمنع مانع
ان تكون
ا
في بعض
ب
وفي بعض
ﺟ
، وتكون
ب
موجودة في بعض
ﺟ
. مثال
ذلك الحي فانه موجود في بعض الجيّد وفي بعض الكبير، والجيّد في بعض الكبير؛
فاذا قيل: بعض الكبير جيّد، وكل جيّد حي، انتج ان بعض الكبير حي، وهي
نتيجة صادقة عن مقدمتين: كبراهما بالجزء وصغراهما صادقة. وكذلك يعرض
اذا كانت المقدمة الكبرى سالبة، وذلك بيّن بهذه الحدود بعينها بأن نقول: بعض
الكبير جيّد، ولا جيّد واحد حي، فينتج لنا: بعض الكبير ليس بحي، وذلك
صدق عن مقدمتين: كبراهما كاذبة بالجزء وصغراهما صادقة.
وكذلك
ان كانت الكاذبة هي المقدمة الصغرى، فقد يكون عن ذلك نتيجة
صادقة، لانه يمكن ان تكون
ا
موجودة في كل
ب
وموجودة في بعض
ﺟ
، وتكون
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
. مثال ذلك الحي فانه موجود في كل ققنس وفي
[Page 288]
بعض الاسود، والققنس غير موجود في شيء من الاسود؛ فاذا قيل: بعض
الاسود ققنس، وكل ققنس حي، انتج ان بعض الاسود حي، وذلك صدق عن
مقدمتين: صغراهما كاذبة وكبراهما صادقة. وكذلك يعرض اذا كانت الكبرى
سالبة، قد يمكن ان تكون
ا
غير موجودة في شيء من
ب
وغير موجودة في بعض
ﺟ
، وتكون
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، مثل الجنس ينسب الى نوع من
جنس آخر والى العرض الموجود في انواع ذلك الجنس المنسوب. مثال ذلك الحي
فانه غير موجود في شيء من العدد وغير موجود في بعض الابيض، والعدد غير
موجود في شيء من الابيض، فاذا قيل: بعض الابيض عدد، ولا عدد واحد
حي، انتج ان بعض الابيض ليس بحي، وتلك نتيجة صادقة عن مقدمتين:
كبراهما صادقة وصغراهما كاذبة.
وكذلك
يعرض ان تكون النتيجة صادقة ان كانت المقدمة الكبرى كاذبة
بالجزء والصغرى كاذبة بالكل، لانه يمكن ان تكون
ا
موجودة في بعض
ب
وفي
بعض
ﺟ
، وتكون
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، وذلك يعرض اذا كانت
ب
ضد اﻟ
ﺟ
وكانا جميعًا عرضين في جنس واحد؛ مثل الحي فانه في بعض
الابيض وفي بعض الاسود، والابيض غير موجود في شيء من الاسود. فاذا قيل:
بعض الابيض اسود، وكل اسود حي، انتج ان بعض الابيض حي، وتلك نتيجة
صادقة عن مقدمتين كاذبتين كبراهما كاذبة بالجزء. وكذلك يعرض ان كانت
المقدمة الكبرى سالبة، وذلك يبيّن من هذه الحدود بعينها؛ وذلك انه اذا اخذ:
بعض الابيض اسود، ولا اسود واحد حي، انتج ان بعض الابيض ليس بحي،
وذلك صدق.
وكذلك
اذا كانت المقدمتان كاذبتين، وكانت الكبرى كاذبة بالكل، فقد يعرض
ان تكون النتيجة صادقة، لانه قد يمكن ان تكون
ا
غير موجودة في شيء من
ب
وموجودة في بعض
ﺟ
، وتكون
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، مثل الجنس فانه
غير موجود في النوع الذي من جنس آخر، وهو موجود في العرض الذي يوجد
لانواعه، وذلك العرض غير موجود في النوع. مثال ذلك قولنا: بعض الابيض
عدد، وكل عدد حي، فبعض الابيض حي، وذلك نتيجة صادقة عن مقدمتين
كاذبتين. وكذلك يعرض اذا كانت المقدمة الكبرى سالبة. مثال ذلك قولنا: بعض
[Page 289]
الاسود ققنس، ولا ققنس واحد حي، فانه ينتج ان بعض الاسود حي، وذلك
صدق عن مقدمتين كاذبتين.
فهذه هي اصناف ما ينتج في الشكل الاول من مقدمات كاذبة نتيجة صادقة.
[Page 290]
فانه موجود في كل انسان وفي كل فرس، والفرس غير موجود في واحد من الناس.
فمتى اخذ ان الحي موجود في الواحد وغير موجود في الآخر، فان المقدمة الواحدة
تكون كلها كذبًا والاخرى كلها صدقًا، وتكون النتيجة كلها صدقًا في اي ناحية
صيّرت السالبة، اعني كبرى او صغرى. مثال ذلك قولنا: ولا فرس واحد حي،
وكل انسان حي، فانه ينتج انه ولا فرس واحد انسان، وتلك نتيجة صادقة عن
مقدمتين: احداهما كاذبة والاخرى صادقة. وكذلك يعرض اذا كانت بعض
المقدمة الواحدة كذبًا، وكانت الاخرى كلها صدقًا، لانه ايضًا قد يمكن ان تكون
ب موجودة في بعض
ا
وفي كل
ﺟ
، وتكون
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
،
كالحي فانه موجود في بعض الابيض وفي كل غراب، والابيض غير موجود في
واحد الغربان. فاذا اخذ انه ولا ابيض واحد حي، وكل غراب حي، فانه ينتج:
ولا غراب واحد ابيض، وهذه نتيجة صدق عن مقدمتين: احداهما كاذبة
بالجزء وهي قولنا: ولا ابيض واحد حي، والثانية صادقة بالكل وهي قولنا: كل
غراب حي. وكذلك يعرض ان كانت الكاذبة بالجزء هي الموجبة، وكانت السالبة
صادقة بالكل، مثل قولنا: كل ابيض حي، ولا زفت واحد حي، فانه ينتج:
ولا ابيض واحد زفت، وهي نتيجة صادقة عن مقدمتين: احداهما موجبة كاذبة
بالجزء وهي قولنا: كل ابيض حي، والثانية سالبة صادقة بالكل وهي قولنا: ولا
زفت واحد حي.
وكذلك
يعرض ان تكون النتيجة صادقة اذا كانت كلتا المقدمتين كاذبتين بالجزء.
مثال ذلك قولنا: كل ابيض حي، ولا اسود واحد حي، فانه ينتج عن هذا: ولا
ابيض واحد اسود، وتلك نتيجة صادقة عن مقدمتين كاذبتين بالجزء، وذلك ان
بعض الابيض حي وبعض الاسود حي. وسواءً فرضت السالبة هي الكبرى او
الصغرى بأن نقول: ولا ابيض واحد حي، وكل اسود حي، اعني في انه تكون
النتيجة صادقة عن مقدمتين كاذبتين بالجزء.
فهذه حال المقاييس الكلية مع المقدمات الكاذبة في هذا الشكل.
واما المقاييس الجزئية فانه قد يعرض ايضًا فيها مثل ما عرض في الكلية. وذلك
انه قد تكون الكبرى كاذبة بالكل والجزئية صادقة، فتكون النتيجة صادقة. مثال
[Page 291]
ذلك قولنا: بعض الابيض حي، ولا انسان واحد حي، فينتج عن ذلك ان
بعض الابيض ليس بانسان، وهي صدق عن مقدمتين: الجزئية صادقة والكلية
كاذبة بالكل. وكذلك يعرض ان صيّرت الكلية الكاذبة هي الموجبة. مثال ذلك
قولنا: بعض الابيض ليس بحي، وكل غير متنفس حي، فينتج عن ذلك ان
بعض الابيض غير متنفس، وهو صدق عن جزئية سالبة صادقة وموجبة كلية
كاذبة. وكذلك يعرض ان وضعت المقدمة الصادقة هي الكلية والكاذبة الجزئية.
مثال ذلك قولنا: بعض غير المتنفس حي، ولا عدد واحد حي، فانه ينتج عن
ذلك ان بعض غير المتنفس ليس بعدد، وهو صدق عن جزئية كاذبة وكلية سالبة
صادقة. وكذلك يعرض اذا اخذت الكلية الصادقة موجبة والجزئية الكاذبة سالبة.
وذلك شيء يعرض للجنس مع الانواع الموجودة فيه وفصول تلك الانواع، وذلك
انه لا يصدق ان نقول: بعض المشاء ليس بحي، وكل انسان حي، فينتج عن
ذلك ان بعض المشاء ليس بانسان، وذلك صدق عن مقدمة صادقة كلية وكاذبة
جزئية.
وكذلك
اذا كانت المقدمتان كلتاهما كاذبة: الجزئية والكلية، فانه قد يكون عن
ذلك نتيجة صادقة، سواءً كانت السالبة هي الجزئية او الكلية. مثال ذلك قولنا:
كل علم هو قوة حيوانية، وبعض الانسان ليس له قوة حيوانية، فانه ينتج عن ذلك
ان بعض الانسان ليس له علم، وذلك صدق عن مقدمتين كاذبتين. وكذلك
يعرض ان كانت السالبة هي الكلية والجزئية الموجبة، مثل ان نقول: ولا انسان
واحد له قوة حيوانية، وبعض العلم هو قوة حيوانية، فانه ينتج عن ذلك ان بعض
الناس ليس بعالم او ليس له علم.
[Page 292]
وذلك انه ليس يمنع مانع من ان يكون شيئان غير موجودين في شيء آخر
واحدهما موجود في الثاني، فمتى اخذ ان كل واحد منهما موجود في ذلك الشيء
لآخر حدث هناك نتيجة صادقة عن مقدمتين كاذبتين بالكل. مثال ذلك قولنا:
كل غير متنفس مشاء، وكل غير متنفس انسان، فانه ينتج في هذا الشكل ان بعض
المشاء انسان، وذلك صدق عن مقدمتين كاذبتين بالكل. ومثال ذلك يعرض اذا
كانت الواحدة سالبة والاخرى موجبة، لانه قد يمكن ان تكون ج، التي هي مثال
الاصغر، غير موجودة في شيء من
ب
، الذي هو الاوسط، وتكون
ا
، التي هي
الحدّ الاكبر، موجودة في كل
ب
وغير موجودة في بعض
ﺟ
. فاذا اخذنا ان
ﺟ
موجودة في كل
ب
، و
ا
غير موجودة في شيء من
ب
، انتج لنا ان
ا
غير موجودة في
بعض
ﺟ
. مثال ذلك قولنا: كل ققنس اسود، ولا ققنس واحد حي، فانه ينتج
ان بعض الاسود ليس بحي، وهو صدق عن مقدمتين كاذبتين بالكل.
وكذلك اذا كانت كل واحدة من المقدمتين كاذبتين بالجزء فقد يمكن ان
تكون النتيجة منهما صادقة، لانه يمكن ان تكون
ا
و
ﺟ
موجودتين في بعض
ب
،
وتكون
ا
موجودة في بعض
ﺟ
، كالابيض والجيّد فانهما موجودان في بعض الحي
والجيّد موجود في بعض الابيض. فاذا وضعنا كلتا
ا
و
ﺟ
موجودتين في كل
ب
، فانه ،
يعرض ان تكون
ا
في بعض
ﺟ
، وذلك صدق عن مقدمتين كاذبتين بالجزء. مثال
ذلك قولنا: كل حي ابيض، وكل حي جيّد، فانه ينتج ان بعض الابيض جيّد، وهو
صدق. وكذلك يعرض اذا كانت الكبرى سالبة وهي مقدمة
ا ب
، لانه لا شيء
ايضًا يمنع ان تكون
ا
غير موجودة في بعض
ب
، وتكون
ﺟ
موجودة في بعض
ب
،
وتكون
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
التي هي النتيجة. مثال ذلك قولنا: ولا حي جيّد،
وكل حي ابيض، فانه ينتج عن ذلك ان بعض الابيض ليس بجيّد، وذلك صدق عن
مقدمتين كاذبتين بالجزء.
وكذلك
قد تكون النتيجة صادقة اذا كانت احدى المقدمتين كاذبة بالكل
والاخرى صادقة لانه قد يمكن ان تكون كلتا
ا
و
ﺟ
موجودتين في
ب
،
ا
وتكون
غير موجودة في بعض
ﺟ
. فاذا اخذنا
ا
غير موجودة في شيء من
ب
، و
ﺟ
موجودة في كل
ب
، انتج لنا ان
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، وذلك صدق عن
[Page 293]
مقدمتين احداهما كاذبة. مثال ذلك قولنا: كل ققنس حي، ولا ققنس واحد
ابيض، فانه ينتج عن ذلك ان بعض الحي ليس بابيض، وذلك صدق عن
مقدمتين احداهما كاذبة. وكذلك يعرض اذا كانت مقدمة
ﺑﺠ
، التي هي
الصغرى، كاذبة، ومقدمة
ا ب
، التي هي الكبرى، صادقة. والحدود التي تبيّن
ذلك منها هي الاسود وققنس وغير المتنفس؛ وذلك انه اذا وضعنا ان كل ققنس
اسود، ولا ققنس واحد غير متنفس، انتج لنا ان بعض الاسود غير متنفس،
وذلك صدق عن مقدمتين صغراهما كاذبة بالكل. وكذلك يعرض اذا اخذت
كلتا المقدمتين موجبتين، اعني الصادقة والكاذبة. والحدود التي يتبيّن منها ذلك
هي الحي والققنس والاسود؛ وذلك انّا نقول: كل ققنس اسود، وكل ققنس
حي، فينتج لنا عن ذلك ان بعض الاسود حي، وهو صدق عن مقدمتين موجبتين
احداهما كاذبة، وسواءً كانت الصادقة هي الكبرى او الصغرى. والبرهان على
ذلك هو بهذه الحدود باعيانها.
وكذلك
قد تكون النتيجة صادقة اذا كانت احدى المقدمتين صادقة والاخرى كاذبة
بالجزء، لأنه قد يمكن ان تكون
ﺟ
موجودة في كل
ب
، وتكون
ا
موجودة في بعض
ب
، وتكون
ا
موجودة في بعض
ﺟ
التي هي النتيجة. مثال ذلك ذو الرجلين فانه
موجود في كل انسان، والجيّد غير موجود في كل انسان، والجيّد موجود في بعض
ذي الرجلين. فان اخذت
ا
و
ﺟ
موجودتين في كل
ب
، فان مقدمة
ب ﺟ
تكون
صادقة كلها وبعض مقدمة
ا ب
كاذبة، والنتيجة صادقة. مثال ذلك قولنا: كل
انسان ذو رجلين، وكل انسان جيّد، والنتيجة ان بعض ذي الرجلين جيّد. وكذلك
يعرض ان اخذت مقدمة
ا ب
، اعني الكبرى، صادقة، ومقدمة
ب ﺟ
،
اعني الصغرى، كاذبة بالجزء. وبيان ذلك هو بهذه الحدود باعيانها اذا صيّرنا
الطرف اكبر وفرضنا مطلوبنا المنتج عكس الاول وهو ان بعض الجيّد ذو رجلين.
وكذلك يعرض ان اخذت المقدمة الواحدة سالبة والاخرى موجبة، فانه قد تبيّن
في الشكل الثالث انه اذا كانت
ﺟ
في كل
ب
، و
ا
غير موجودة في بعض
ب
،
ﻓ
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
؛ فان اخذت
ﺟ
في كل
ب
، و
ا
غير موجودة
في شيء من
ب
، فانه يعرض ان تكون المقدمة السالبة كذبًا، وتكون الاخرى كلها
صدقًا، وتبقى النتيجة صادقة بعينها. وكذلك يعرض ان كان الكذب الجزئي في
[Page 294]
الموجبة، وذلك انه قد تبيّن في الشكل الثالث انه اذا كانت
ا
غير موجودة في
شيء من
ب
و
ﺟ
موجودة في بعض
ب
، ان
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
. فاذا
عرض ان نأخد ان
ا
غير موجودة في شيء من
ب
، و
ﺟ
موجودة في كل
ب
،
بقيت النتيجة بعينها صادقة وهي ان
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، فتكون النتيجة
صادقة عن مقدمتين: احداهما صادقة بالكل، وهي السالبة، والاخرى كاذبة
بالجزء وهي الموجبة.
وهذا
الذي قلنا انه يعرض في القياسات الكلية من هذا الشكل، هو بعينه
يعرض في القياسات الجزئية. وبيان ذلك يكون بتلك الحدود التي بيّنا الامر بها في
المقاييس الكلية، وذلك بأن نستعمل في السالبة من هذه ما استعملناه في السالبة
من تلك، وفي الموجبة من هذه ما استعملناه في الموجبة، لأن المقدمة الكلية
الكاذبة بالكل هي كاذبة بالجزء، سواء كانت موجبة او سالبة. فاذا استعملنا
تلك المقدمات الكلية الكاذبة التي تمثلنا بها هنالك كلية، جزئية في هذا الموضع
تبيّن بها ها هنا ما تبيّن هنالك.
[Page 295]
الحيوان، ومتى ارتفع الحيوان ان يرتفع الانسان، والانسان ها هنا هو مكان
القياس والحيوان هو مكان النتيجة.
وكذلك يظهر ايضًا انه ليس يجب ولا بد اذا كذبت المقدمات ان تكذب
النتيجة ولا ان تصدق، والبرهان على هذا ما اقوله. لنفرض شيئين: احدهما اول
والآخر ثان، ونفرض ان الثاني يلزم عن الاول، اعني انه متى وجد الاول وجد
الثاني، وليكن على الاول علامة
ا
، وعلى الثاني علامة
ب
، مثل ان يكون
ا
ابيض
و
ب
عظيمًا، فنقول انه متى كان من شأن
ا
اذا وجد ان توجد
ب
، فانه
ليس يلزم متى ارتفع
ا
ان توجد
ب
، وذلك انه قد تبيّن انه متى ارتفعت
ب
فواجب
ان ترتفع
ا
؛ وذلك انه ان لم ترتفع
ا
فلتكن موجودة، واذا كانت
ا
موجودة فانّا قد
فرضنا ان
ب
تكون موجودة، فتكون
ب
اذا ارتفعت لزم ان توجد
ب
وذلك خلف لا
يمكن.
واذا تقرر هذا الاصل فنقول: انه متى كانت ثلاثة حدود: اول وثانٍ
وثالث، وكان الثاني يلزم الاول، والثالث يلزم الثاني، فان الثالث يلزم الاول. واذا
تقرر هذا فنقول انه ليس يلزم ان ترتفع
ا
وتوجد
ب
، وذلك انه قد تبيّن
ان
ب
لما كانت لازمة عن
ا
ان
ب
متى ارتفعت ارتفع
ا
؛ فان انزلنا ان
ا
اذا
ارتفعت وجدت
ب
، وقد كان معنا ان
ب
اذا ارتفعت ارتفع
ا
، فيلزم اذا ارتفعت
الباء
ان توجد
الباء
، وذلك خلف لا يمكن. فلذلك ليس يلزم اذا كذبت
المقدمتان ان تصدق النتيجة، بل الصدق لها انما هو بضرب من العرض، وذلك
ما اردنا بيانه. وكذلك يظهر ايضًا انه ليس يلزم عن ارتفاع
ا
ان ترتفع
ب
، لانه
يلزم ان يكون وجود
ا
لازمًا عن وجود
ب
، وقد كانت
ب
لازمة عن وجود
ا
،
فيكون اللزوم متكافئًا ومنعكسًا، وذلك مستحيل.
فلذلك ليس يلزم اذا كذبت المقدمات ان تكذب النتيجة، فاما اذا كذبت
النتيجة فانه تكذب المقدمات لانه اذا ارتفعت ب ارتفعت
ا
.
[Page 297]
[Page 298]
وضعناها مقدمة. لكن متى اخذنا ايضًا احدى مقدمتي القياس على ما هي عليه
مع النتيجة، لم ينتج لنا ايضًا عن تلك المقدمة الاخرى. وذلك انه ان اضفنا
الى النتيجة التي هي قولنا:
ا
على كل
ﺟ
، قولنا:
ا
على كل
ب
وهي المقدمة
الكبرى لهذه النتيجة، فانه يأتي القول من موجبتين في الشكل الثاني، وذلك غير
منتج. وان اضفنا اليها الصغرى وهي قولنا:
ب
على كل
ﺟ
، اتى من ذلك
قياس من موجبتين في الشكل الثالث ينتج ان
ا
في بعض
ب
. فلذلك يجب ان
نأخذ المقدمة التي نضيفها الى النتيجة معكوسة، مثل ان نضيف كما قلناه الى نتيجة
ا
في كل
ﺟ
،
ب
في كل
ا
، فينتج لنا الصغرى وهي
ب
في كل
ﺟ
. وكذلك ان
اضفنا اليها عكس الصغرى انتجت المقدمة الكبرى.
ولذلك ما يظهر ان هذا النوع من البيان انما يمكن في المقدمات المنعكسة.
فمتى كانت المقدمتان منعكستين والنتيجة منعكسة، كان هنالك ست مقدمات:
مقدمتا القياس وعكسهما، والنتيجة وعكسها، وامكن ان يبرهن كل واحد من
هذه المقدمات بأنفسها بعضها من بعض، حتى لا يبقى فيها شيء الا يتبيّن
بقياس مأخوذ منها انفسها، فيتولد هنالك ستة مقاييس تنتج ستة اصناف من
النتائج. مثال ذلك حدود
ا ب ج
الثلاثة منعكسة بعضها على بعض وكذلك
النتيجة المتولدة عنها. مثال ذلك ان تكون كل
ا ب
وكل
ب ا
، وكذلك كل
ب ﺟ
وكل
ج ب
، وكذلك كل
ا ﺟ
وكل
ج ا
. فانه اذا برهنا ان
ا
موجودة في
ﺟ
، فأخذنا
ا
في كل
ب
و
ب
في كل
ﺟ
، فانه يمكن ان نبرهن ايضًا مقدمة
ا
في
كل
ب
وهي الكبرى بالنتيجة، وعكس مقدمة
ب ﺟ
وهي الصغرى بأن نقول
ا
:
في كل
ﺟ
، و
ﺟ
في كل
ب
، فينتج لنا ان
ا
في كل
ب
وهي الكبرى من هذا
القياس. وكذلك نبيّن مقدمة
ب ﺟ
التي هي الصغرى بالنتيجة بعينها وعكس المقدمة
الكبرى.
واذا كان هذا هكذا فقد امكننا ان نبرهن كل واحدة من مقدمتي هذا القياس.
والذي بقي لنا ان نبرهن مما اخذناه في برهان هاتين المقدمتين، هو عكس كل
واحدة من المقدمتين لان النتيجة هي التي قد تبرهنت من اول الامر، وذلك
يتفق لنا بأن نعكس النتيجة ونضيف اليها المقدمة الاخرى. اعني انه ان اردنا ان
[Page 299]
نبرهن عكس الكبرى، وهي ان
ب
في كل
ا
، اخذنا عكس النتيجة والمقدمة
الصغرى بعينها فقلنا:
ب
موجودة في كل
ﺟ
وهي الصغرى، و
ﺟ
في كل
ا
وهو
عكس النتيجة، انتج لنا من ذلك ان
ب
موجودة في كل
ا
وهو عكس الكبرى
الذي استعملناه آنفًا غير مبرهن. وكذلك متى اخذنا عكس النتيجة، واضفنا
اليها المقدمة الكبرى، انتج لنا عكس الصغرى وهو الذي اخذناه قبل غير
مبرهن بأن نقول:
ﺟ
في كل
ا
وهي عكس النتيجة، و
ا
في كل
ب
، فينتج لنا
من ذلك
ﺟ
في كل
ب
، وهو العكس الذي استعملناه غير مبرهن. فاذن لم يبق
في هذه المقدمات شيء لم نبرهنه الا عكس النتيجة وهو القياس السادس، وذلك
يبيّن بعكس المقدمتين اللتين انتجناها من اول الامر. مثال ذلك ان نقول:
ﺟ
هو
ب
، وكل
ب
هو
ا
، فكل
ﺟ
هو
ا
وهذا هو عكس النتيجة. فاذن لم يبق لنا من
هذه المقدمات شيء مأخوذ الا قد برهنا عليه. وهو بيّن ان هذا كما قلناه انما يعرض
في المقدمات المنعكسة بعضها على بعض، الا ان هذا النحو من البيان، اعني اخذ
الشيء في بيان نفسه، هو نوع من المصادرة، ولذلك لا يستعمل في البراهين الا ان
يكون ذلك مستعملاً بجهتين، وذلك بأن تكون المقدمات اعرف من النتيجة بجهة
والنتيجة اعرف منها بجهة اخرى، مثل ان تكون المقدمات اعرف من جهة معرفة
الوجود والنتيجة اعرف من جهة معرفة السبب. والذي يختص بهذا النحو من
البيان هي صناعة السفسطة.
فهكذا
يعرض البيان بالدور كما قلنا في الصنف الاول من الشكل الاول، و هو
الذي ينتج الموجب الكلي.
واما الصنف السالب منه فانه قد يمكن ايضًا ان يعرض فيه هذا النحو من
البيان. فلتكن ا غير موجودة في شيء من
ب
، و
ب
موجودة في كل
ﺟ
، فتكون
النتيجة في الشكل الاول ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
. فاذا اردنا ان نبيّن في
هذا الصنف المقدمة الكبرى بالنتيجة وعكس الصغرى، فانّا نأخذ ان
ا
غير موجودة
في شيء من
ﺟ
، و
ﺟ
في كل
ب
، فينتج لنا ا غير موجودة في شيء من
ب
وهي المقدمة الكبرى. واما اذا اردنا ان تنتج الصغرى من النتيجة وعكس المقدمة
الكبرى فانه ليس يتأتى لنا ذلك من المقدمات انفسها، وذلك انه ليس يكون
[Page 300]
قياس من سالبتين ولو كان لم ينتج الا سالبة، والذي يطلب انتاجه هي الصغرى
وهي موجبة. فلذلك اذا اردنا ان نبيّن المقدمة الصغرى من النتيجة نفسها ومن
عكس المقدمة الكبرى، فانّا نضع النتيجة على حيالها من غير ان نغيّرها وهي
قولنا:
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، ثم نأخذ المقدمة الكبرى وهي قولنا:
غير
موجودة في شيء من
ب
، فنجد يلزم عنها ان تكون
ا
غير موجودة في كل ما فيه
ب
موجودة، فنضع عكس هذا وهو ان تكون
ب
موجودة في كل ما ليس
ا
فيه
موجودة. فاذا كان معنا ان
ب
موجودة في كل ما ليس توجد فيه
ا
، واضفنا الى
هذه المقدمة ان
ا
مسلوبة عن
ﺟ
، فهو بيّن انه ينتج لنا عن ذلك ان
ب
موجودة
في كل
ﺟ
، وهي المقدمة الصغرى التي قصدنا انتاجها.
وليس هذا اصلاً ثانيًا من ⟪المقول على الكل⟫ غير الاصل الذي استعمل في
اول هذا الكتاب، كما نجد ابا نصر يومئ الى ذلك. وذلك انه يقول ان هذا
الاصل مناقض لذلك الاصل الاول، وانه اذا استعمل هذا الاصل وجد الغير
المنتج بحسب ذلك الاصل منتجًا بحسب هذا الاصل؛ وذلك ان هذا الاصل هو
ان نضع مثلاً ان
ا
موجودة لكل ما سلب عنه
ب
، وان
ا
مسلوبة عن كل ما
يسلب عنه
ب
، بخلاف ما وضعنا في الاصل الاول وهو ان تكون
ا
موجودة او
مسلوبة عن كل ما هو
ب
. وعلى هذا ينتج ما صغراه سالبة في الشكل الاول،
وينتج ايضًا ما هو من سالبتين، وذلك ان الاصل الذي استعمل في هذا الكتاب
ليس هو بالوضع وانما هو مفهوم المقدمة الكلية بعينها ودلالتها الطبيعية، اعني قولنا:
كل كذا هو كذا او ليس كذا. واما هذا للاصل الثاني فهو شيء لازم عن المقدمة
الكليبة السالبة، فلذلك ليس ينتفع به في الانتاج من سالبتين، اعني اذا وضعنا
مقدمتين سالبتين، وانما كان ينتفع به لو لزم عن قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
ان تكون ،
ا
موجودة في كل ما ليس هو
ب
ولا بد وذلك شيء غير لازم، كما
انه ليس يلزم ايضًا هذا العكس الذي وضعه ها هنا، اعني انه ليس يلزم في كل
مادة اذا كانت
ا
مسلوبة عن كل ما هو
ب
ان تكون
ب
موجودة لكل ما ليس هو
ا
، فان الابيض مسلوب عن كل ما هو اسود، وليس الاسود موجودًا لكل ما
ليس بابيض. وانما يلزم هذا العكس في الاشياء المتقابلة التي ليس يخلو من احدهما
موجود من الموجودات، لكن انما استعمل هذا العكس ها هنا ارسطو وان كان
[Page 301]
جزئيًا، كما استعمل عكس الموجبة الكلية كلية؛ فلذلك لم يخرج في هذا المعنى عن
اصله، وذلك ان عكس اللازم هو بقوة عكس المقدمة، فكأنه لم يخرج عما اخذ
في بيان الدور من انه يكون بالنتيجة وعكس احدى المقدمتين، لان قوة عكس
اللازم قوة عكس المقدمة.
فهكذا يكون بيان الدور في الاصناف القياسية الكلية من الشكل الاول.
واما
القياسات الجزئية التي في هذا الشكل، فانه ليس يمكن فيها ان تبرهن على
طريق الدور المقدمة الكلية من النتيجة والمقدمة الجزئية، لان القضية الكلية انما
تبيّن بمقدمات كلية لا جزئية. وايضًا فانه لا يكون قياس من جزئيتين اذا كان
البرهان بالدور من النتيجة وعكس احدى المقدمتين. واما المقدمة الصغرى فقد يمكن
ان تبرهن على طريق الدور. فلتكن
ا
موجودة في كل
ب
، و
ب
موجودة في بعض
ﺟ
، والنتيجة ا موجودة في بعض ،
ﺟ
فاذا اردنا ان نبرهن وجود ب في بعض
ﺟ
على طريق الدور، فانّا نأخذ
ا
موجودة في بعض
ﺟ
وهي النتيجة، وعكس المقدمة
الكبرى الكلية وهو قولنا:
ب
في كل
ا
، فينتج لنا في الشكل الاول ان
ب
في
بعض
ﺟ
، ويكون الحدّ الاوسط فيه
ا
. وكذلك اذا كان القياس الجزئي سالبًا فليس
يمكن ان نبرهن المقدمة الكلية للعلة التي قلنا؛ واما الجزئية فقد يمكن ان تبرهن على
طريق الدور اذا فعلنا في المقدمة السالبة الكلية ما فعلنا في القياس السالب الكلي،
اعني ان نبيّن انه يلزم عن قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
، ان تكون
ب
موجودة
لكل ما يسلب عنه
ا
، فاذا اضفنا الى هذه المقدمة وهي ان
ا
مسلوبة عن بعض
ﺟ
، انتج لنا ان ب موجودة لذلك البعض
فهذا هو وجه البيان المستعمل بالدور في الشكل الاول.
[Page 302]
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، فالنتيجة في الشكل الثاني ان
ب
غير موجودة في شيء
من
ﺟ
، على ان الحدّ الاوسط هوا. فان اضفت الى هذا ان ب موجودة في كل
ا
،
وهي عكس الكبرى، فانه ينتج عن ذلك في الشكل الثاني ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، وهي الصغرى في القياس الاول، والحدّ الاوسط في هذا القياس هو
ب
وكان في
الشكل الاول
ا
. فان اخذنا المقدمة الكلية الكبرى في الشكل الثاني سالبة فانه يمكن بيانها
بالدور لكن في الشكل الاول؛ لانه اذا قلنا ان
ا
غير موجودة في شيء من
ب
، و
ا
موجودة في كل
ﺟ
، فبيّن انه ينتج لنا في الشكل الثاني ان
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
اذا كان
ا
هو الحدّ الاوسط. فاذا اضفنا الى قولنا:
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
وهي النتيجة، قولنا:
ﺟ
موجودة في كل
ا
وهي عكس الصغرى، انتج لنا في الشكل
الأول ان
ب
غير موجودة في شيء من
ا
لان
ﺟ
هو الحدّ الاوسط، فاذا عكسنا هذه
النتيجة حصل لنا:
ا
ولا في شيء من
ب
وهي المقدمة الكبرى السالبة في الشكل
الاول. ولذلك يخص البيان بالدور في هذا الصنف من الشكل الاّ يتحفظ فيه هذا
الشكل بعينه بل يعود الى الشكل الأول. وقد يمكن ان تبيّن المقدمة الموجبة في هذا
الشكل اذا كانت هي الصغرى بطريق الدور اذا استعملنا الاصل المتقدم وهو عكس
لازم السالبة، واما اذا كانت كبرى فليس يمكن الا بعكس النتيجة وذلك خارج
عن طريق البيان بالدور.
واما
المقاييس التي تنتج الجزئية في هذا الشكل فليس يمكن ان تبرهن فيها
المقدمة الكلية على جهة الدور اذ كانت انما تنتج ابدًا جزئية. واما المقدمة الجزئية
فيمكن ان تبرهن اذا كانت الكلية موجبة والجزئية هي السالبة. مثال ذلك ان
نفرض ان ا موجودة في كل
ب
، و
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، فتكون النتيجة ان
ب
غير موجودة في بعض
ﺟ
؛ فاذا اضفنا الى ذلك عكس المقدمة الكبرى وهو
قولنا:
ب
موجودة في كل
ا
، حصل معنا:
ب
غير موجودة في بعض
ﺟ
، و
ب
موجودة في كل
ا
، فينتج لنا ان
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، وذلك في هذا
الشكل بعينه اذا كان
ب
هو الحدّ الاوسط، وهو محمول في هذا التأليف على الطرفين
جميعًا. فان كانت المقدمة الكلية هي السالبة وهي مقدمة
ا ب
، فانه لا يمكن ان
تبرهن الصغرى الموجبة التي هي مقدمة
ا ﺟ
اذا انعكست مقدمة
ا ب
، لانه لا
ينتج نتيجة موجبة عن مقدمتين سالبتين او احداهما سالبة، ولكن قد يمكن اذا
[Page 303]
استعمل الاصل المتقدم ان تنتج الموجبة الجزئية. وذلك انه اذا كان معنا ان
ب
غير
موجودة في بعض
ﺟ
وهي النتيجة، وكان معنا
ا
ولا في شيء من
ب
، ثم عكسنا
هكذا فكان معنا
ب
ولا في شيء من
ا
، واخذنا اللازم عن هذا وهو ان كل ما فيه
ا
فليس فيه
ب
، ثم عكسنا هذا وهو ان كل ما ليس فيه
ب
فيه
ا
، فيكون
معنا
ا
موجودة في كل ما ليس فيه
ب
، فاذا اضفنا الى هذا ان
ب
غير موجودة
في بعض
ﺟ
انتج لنا ان
ا
موجودة في بعض
ﺟ
.
فهكذا يكون بيان الدور في الشكل الثاني.
[Page 304]
موجودة في بعض
ﺟ
وهي المقدمة الجزئية الكبرى؛ وذلك ان نتيجة هذا القياس
هي
ا
في بعض
ب
، فاذا اضفنا اليها عكس الصغرى وهي قولنا:
ﺟ
في كل
ب
،
فانه بيّن انه يلزم ان تكون
ا
في بعض
ﺟ
اذ كانت
ب
هي الحدّ الأوسط، وهي
موضوعة للطرفين جميعًا. واما اذا كانت احدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة،
وكانت الموجبة الكلية والسالبة جزئية، فانه يتأتى لنا برهان الجزئية. ومثال ذلك
ان تكون
ب
موجودة في كل
ﺟ
و
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، فان النتيجة تكون
ا
غير موجودة في بعض
ب
؛ فاذا اضفنا الى هذه النتيجة ان
ﺟ
موجودة في كل
ب
، فانه يلزم ضرورة ان تكون
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
على ما تبيّن في الشكل
الثالث، اذ كانت الباء هي الحدّ الأوسط. واما اذا كانت السالبة هي الكلية، فان
الجزئية الموجبة لا تتبرهن على طريق الدور الا ان استعمل ذلك الأصل
الآخر. مثال ذلك ان تكون
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، و
ب
في بعض
ﺟ
، وتكون النتيجة ان
ا
غير موجودة في بعض
ب
. فاذا اخذنا بدل قولنا:
ا
غير
موجودة في شيء من
ﺟ
، ان
ﺟ
موجودة في كل ما ليس فيه
ا
، واضفنا الى هذا
ان
ا
ليس في بعض
ب
، فهو بيّن ان
ب
يجب ان تكون في بعض
ﺟ
وهي المقدمة
الجزئية الموجبة.
فقد تبيّن ان البيان الذي يكون بالدور:
اما في الشكل الاول فيكون الشكل الاول ويكون بشيء يشبه الشكل
الثالث، وهو اذا استعملنا ذلك الأصل المتقدم، اعني ان نأخذ بدل قولنا:
ا
ولا
على شيء من
ب
ان اﻟ
ب
موجودة في كل ما ليس فيه
ا
. ووجه شبهه بالشكل
الثالث ان
ا
و
ب
محمولان على شيء واحد احدهما بايجاب والآخر بسلب، وهذا
الوضع هو وضع الحدّ الاوسط في الشكل الثالث من الطرفين. فعلى هذه الجهة
قال ارسطو في هذا انه شكل ثالث، لا على انه شكل ثالث في الحقيقة.
واما البيان بالدور في الشكل الثاني فيكون ايضًا بالشكل الثاني نفسه، ويكون
بالاول، ويكون بالبيان الذي يشبه الشكل الثالث.
وكذلك البيان الذي بالدور في الشكل الثالث يكون بالاول، والثالث، والاصل
الذي يشبه الثالث.
[Page 305]
وهو بيّن ان المقدمات التي قلنا انها لا تبيّن على طريق الدور، وذلك في الشكل
الثاني والثالث، ان قولنا ذلك فيها: اما من قبل انه لا يمكن في بعضها ان يبيّن
على طريق الدور، واما من قبل ان فيها ما يمكن ان يبيّن بطريق الدور، لكن
نوعًا من طريق الدور ناقصًا .
[Page 306]
ضدها، والشكل الثالث لا يمكن ان ينتج كلية، والمقاومة بالضد هي كلية. فالمقدمة
الكبرى في الصنف الاول من الشكل الاول انما تقاوم مقاومة جزئية لا كلية بهذا
الطريق، اعني بأخذ ضد النتيجة؛ واما الصغرى فتقاوم مقاومة كلية. ومثل هذا
بعينه يعرض في الصنف الثاني من الشكل الاول وهو الذي ينتج سالبًا كليًا، اعني
انه اذا اخذ ضد النتيجة امكن ان تقاوم الصغرى مقاومة كلية، واما الكبرى فانما
يمكن ان تقاوم مقاومة جزئية لانه يأتلف القياس عند مقاومة هذه في الشكل
الثالث.
واما
اذا اخذ نقيض النتيجة في هذين الصنفين من الشكل، فانه لا يمكن ان
تقاوم كل واحدة من مقدمتي القياس الا مقاومة جزئية لان احدى مقدمتي القياس
المقاومة تكون جزئية اذ كان النقيض جزئيًا. ولذلك يجب ان تكون النتيجة جزئية
فتكون المقاومة جزئية. فلنعدّ ذلك الصنف الاول من القياس وهو ان تكون
ا
في
كل
ب
، و
ب
في كل
ﺟ
، فتكون النتيجة
ا
في كل
ﺟ
. فان اخذنا نقيض هذه
النتيجة وهو
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، واضفنا اليها المقدمة الكبرى وهي ان
ا
موجودة في كل
ب
، فبيّن انه ينتج عن ذلك في الشكل الثاني ان
ب
غير موجودة
في بعض
ﺟ
، وذلك نقيض المقدمة الصغرى لا ضدها. وكذلك ان اضفنا الى قولنا
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
المقدمة الصغرى وهي ان
ب
موجودة في كل
ﺟ
، فانه
ينتج عن ذلك ان
ا
غير موجودة في بعض
ب
وهو نقيض الكبرى. فاذن متى اخذ
النقيض لم تكن المقاومة كلية بل جزئية. ومثل هذا يعرض بعينه في الصنف السالب
الكلي من هذا الشكل، لانه اذا اخذنا نقيض نتيجته وهو قولنا:
ا
موجودة في
بعض
ﺟ
، واضفنا اليها المقدمة السالبة الكلية وهي ان
ا
غير موجودة في شيء من
ب
، فانه ينتج لنا ان
ب
غير موجودة في بعض
ﺟ
. وكذلك يعرض ان اضفنا اليها
الموجبة مثل ان تكون
ا
في بعض
ﺟ
، و
ب
في كل
ﺟ
، فانه يلزم عنه ان تكون
ا
في بعض
ب
، وذلك نقيض السالبة الكلية.
واما
في الصنفين الجزئيين من هذا الشكل فانه اذا اخذ فيهما نقيض النتيجة
امكن ان تبطل المقدمتان فيهما جميعًا، واما اذا اخذ الضد فانه ليس يمكن ان
تبطل ولا واحدة منهما بهذا الطريق. فلتكن النتيجة ان
ا
موجودة في بعض
ﺟ
[Page 307]
بتوسط
ب
، فان اخذ نقيضها وهو ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، واضيف اليها
المقدمة الصغرى وهي ان
ب
موجودة في بعض
ﺟ
، فانه ينتج عن ذلك في الشكل
الثالث ان
ا
غير موجودة في بعض
ب
وهي نقيض الكبرى؛ وان اضفنا الى قولنا:
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
المقدمة الكبرى وهي ان
ا
موجودة في كل
ب
، فانه
ينتج لنا ان
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، وذلك نقيض الصغرى.
فاذن كلتا المقدمتين تبطلان اذا عكستا الى النقيض، وان عكسناهما الى الضد
فانه ليس تبطل ولا واحدة من المقدمتين. لانه ان كان عكس النتيجة الموجبة
الجزئية ان
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
، واضفنا اليها الكبرى وهي ان
ا
موجودة في
كل
ب
، فانه ينتج لنا من ذلك ان
ب
غير موجودة في بعض
ﺟ
؛ لكن قولنا:
ب
موجودة في بعض
ﺟ
وغير موجودة في بعض
ﺟ
قد يمكن ان يصدقا معًا.
فلذلك ليس تبطل ولا بدّ بهذا الفعل المقدمة الصغرى. فان اضفنا الى هذا
العكس الذي هو قولنا:
ا
غير موجودة في بعض
ﺟ
المقدمة الجزئية الصغرى وهي
قولنا:
ب
موجودة في بعض
ﺟ
، لم يكن عن ذلك قياس لانه يكون من جزئيتين،
وذلك غير منتج في الاشكال الثلاثة. ومثل هذا يعرض في الصنف الجزﺋﻲ الذي
ينتج السالب من هذا الشكل، اعني انه ان عكست النتيجة الى النقيض امكن
ان تبطل المقدمتان جميعًا، وان عكست الى الضد فانه ليس تبطل واحدة منهما.
وبيان ذلك هو البيان الذي تقدم في الجزﺋﻲ الموجب.
[Page 308]
وبيان ذلك ان تكون
ا
موجودة في كل
ب
وغير موجودة في شيء من
ﺟ
،
فتكون النتيجة ان
ب
غير موجودة في شيء من
ﺟ
. فان اخذنا ضدها وهو ان
ب
موجودة في كل
ﺟ
، واضيف اليها المقدمة الكبرى وهي ان
ا
في كل
ب
، فهو بيّن
انه يلزم عن ذلك في الشكل الاول ان
ا
موجودة في كل
ﺟ
وذلك ضد المقدمة
الصغرى. فان استعملنا هذا العكس بعينه في ابطال المقدمة الكبرى بأن نأخذ ان
ب
موجودة في كل
ﺟ
وهو ضد النتيجة، ونضيف اليها
ا
ولا في شيء من
ﺟ
وهي
الصغرى، فان تأليف القول يأتى في الشكل الثالث وينتج ان
ا
ليست موجودة في
بعض
ب
وذلك نقيض المقدمة الكبرى لا ضدها، فيكون الابطال لها غير كلي. فان
عكست نتيجة
ب ﺟ
الى النقيض فان المقدمات تبطل بالنقيض، اعني ابطالاً
جزئيًا. وذلك انه ان اخذنا نقيض نتيجة الصنف من القياس المتقدم وهي قولنا
ب
:
موجودة في بعض
ﺟ
، واضفنا اليها المقدمة الصغرى وهي ان
ا
ليست في شيء من
ﺟ
، فبيّن انه ينتج في الشكل الثالث ان
ا
ليست بموجودة في بعض
ب
وذلك
نقيض المقدمة الكبرى. وايضًا ان اخذنا هذا النقيض بعينه وهو قولنا:
ب
موجودة
في بعض
ﺟ
، واضفنا اليها المقدمة الكبرى وهي قولنا:
ا
في كل
ب
، فهو بيّن انه
ينتج في الشكل الاول ان
ا
في بعض
ﺟ
وذلك نقيض الصغرى.
فقد تبيّن بهذا القول ان المقاييس التي تستعمل في ابطال مقدمات هذا الصنف
من الشكل الثاني هي كلها جزئية، وابطالها ابطال جزئي ما عدا المقدمة الصغرى
فانه يمكن ان تبطل كليًا وجزئيًا. وبمثل هذا يبيّن ذلك في الصنف الكلي الآخر من
الشكل الثاني، اعني الذي كبراه سالبة كلية وصغراه موجبة كلية.
واما الصنفان الجزئيان من هذا الشكل فانه اذا عكست النتيجة فيهما الى الضد،
لم يكن بذلك ابطال ولا واحدة من المقدمتين. والسبب في ذلك هو السبب بعينه
الذي من اجله عرض ذلك في الشكل الاول، فان عكست النتيجة الى المناقض
فانه يتأتى بذلك ابطال كل واحدة من المقدمتين. وبيان ذلك ان نضع
ا
ليست
بموجودة في شيء من
ب
، وان
ا
ايضًا موجودة في بعض
ﺟ
، فتكون النتيجة ان
ب
ليست في بعض
ﺟ
. فان وضع مضادها وهو ان
ب
في بعض
ﺟ
، واضيف الى
ذلك المقدمة الكبرى وهي
ا
ولا في شيء من
ب
، فانه تكون النتيجة في الشكل
[Page 309]
الاول ان
ا
ليست موجودة في بعض
ﺟ
، ولكن هذا ليس يناقض المقدمة الثانية
وهي ان
ا
في بعض
ﺟ
، اذ قد يمكن ان تكون
ا
موجودة في بعض
ﺟ
وغير
موجودة في بعض آخر؛ وان اضفنا الى هذه المقدمة الجزئية فانه لا يكون قياس
لانه تكون المقدمتان كلتاهما جزئيتين.
فمن هذا يتبيّن انه متى عكست النتيجة الى الضد فانه لا يمكن ابطال واحدة
من المقدمتين، فاما اذا عكست الى النقيض فانه قد تبطل كل واحدة من
المقدمتين. فلنأخذ نقيض النتيجة وهي ان
ب
موجودة في كل
ﺟ
، فمتى اضفنا
اليها
ا
ليست في شيء من
ب
، انتج في الشكل الاول ان
ا
ليست موجودة في شيء
من
ﺟ
، وهي نقيض قولنا:
ا
موجودة في بعض
ﺟ
التي هي المقدمة الصغرى؛ وان
اضفنا اليها المقدمة الصغرى وهي قولنا:
ا
موجودة في بعض
ﺟ
، كان معنا
ب
موجودة في كل
ﺟ
، و
ا
موجودة في بعض
ﺟ
، فانتج لنا في الشكل الثالث ان
ا
موجودة في بعض
ب
، وهي نقيض قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
التي هي المقدمة
الكبرى. بهذه بعينه يبيّن هذا في الصنف الذي كبراه كلية موجودة، اعني الصنف
الجزﺋﻲ الثاني من الشكل الثاني.
[Page 310]
الكبرى وهي قولنا:
ا
في كل
ﺟ
، لانه يكون قياس في الشكل الثاني كبراه جزئية،
وذلك ان يكون معنا
ا
غير موجودة في بعض
ب
، و
ا
موجودة في كل
ﺟ
. وبمثل
هذا يبيّن اذا كانت احدى المقدمتين الموجبتين جزئية، اعني انه لا يمكن ان تبطل
فيها واحدة من المقدمتين بعكس النتيجة الى الضد. وذلك انه ان ريم ابطال
المقدمة الكلية، كان القياس من جزئيتين، وان ريم ابطال الجزئية اتت الكبرى
جزئية. وعلى هذا لا يكون قياس في الشكل الاول ولا الثاني، وهما الشكلان
اللذان بهما تبطل مقدمات هذا القياس.
فقد تبيّن انه متى عكست النتيجة الى الضد في الاصناف الموجبة من هذا
القياس انه ليس يمكن ان تبطل بذلك ولا واحدة من المقدمتين. فاما ان عكست
النتيجة الى النقيض فانه يمكن ان تبطل كل واحدة من المقدمتين بالمقدمة الثانية
والعكس. وبيان ذلك انّا اذا عكسنا قولنا:
ا
موجودة في بعض
ب
، وهي التي
فرضناها نتيجة الصنف الاول من هذا الشكل اعني الثالث، الى نقيضها وهي
قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
، فانه متى اضفنا اليها قولنا:
ب
في كل
ﺟ
وهي
احدى مقدمتي القياس فانه ينتج عن ذلك في الشكل الاول ان
ا
غير موجودة في
شيء من
ﺟ
، وذلك نقيض قولنا:
ا
موجودة في كل
ﺟ
التي هي المقدمة الثانية
من القياس المفروض. وكذلك ان اضفنا الى قولنا:
ا
غير موجودة في شيء من
ب
المقدمة الثانية وهي قولنا:
ا
موجودة في كل
ﺟ
، فهو بيّن انه ينتج في الشكل
الثاني ان
ب
ولا شيء من
ﺟ
، وذلك نقيض قولنا:
ب
في كل
ﺟ
التي هي
المقدمة الصغرى. ومثل هذا يعرض اذا كانت احدى المقدمتين الموجبتين جزئية؛
لانه ان كانت
ا
غير موجودة في شيء من
ب
هي ضد النتيجة، واضفنا اليها
ب
موجودة في بعض
ﺟ
التي هي المقدمة الجزئية، انتج لنا في الشكل الاول ان
ا
غير
موجودة في بعض
ﺟ
. فان اضفنا الى هذه النتيجة المقدمة الكلية كان معنا
ا
ولا في
شيء من
ب
، و
ا
موجودة في كل
ﺟ
، وذلك ينتج في الشكل الثاني ان
ب
غير
موجودة في شيء من
ﺟ
، وذلك نقيض المقدمة الموضوعة الجزئية.
وكذلك يعرض في القياس الكلي السالب من هذا الشكل، اعني الذي يكون
من مقدمتين كليتين احداهما سالبة، وفي القياس الجزئي السالب، اعني القياس
[Page 311]
الذي احدى مقدمتيه جزئية والثانية كلية واحداهما سالبة، مثل ما عرض بعينه في
الموجب الكلي والجزئي، اعني انه متى عكست النتيجة فيها الى الضد لم يمكن ان
تبطل بذلك ولا واحدة من المقدمتين، وان عكست الى النقيض امكن ان تبطل
بذلك كل واحدة من المقدمتين. والسبب في ذلك بعينه هو السبب في الصنف
الموجب الكلي والجزﺋﻲ، والبرهان على ذلك هو ذلك البرهان بعينه.
فقد تبيّن مما قيل كيف يكون القياس في كل شكل اذا عكست النتيجة الى
الضد والى النقيض، ومتى يكون ابطال ومتى لا يكون، واذا كان فمتى يكون كليًا
ومتى يكون جزئيًا؛ وان المقاييس المبطلة لكل واحدة من مقدمتي الشكل الاول اذا
انعكست نتيجته فتكون في الشكل الثاني والثالث: اما الذي يبطل منه بالشكل
الثاني فالمقدمة الصغرى، واما الذي يبطل منه بالشكل الثالث فالمقدمة الكبرى.
وكذلك تبيّن ان المقاييس التي تبطل كل واحدة من مقدمتي الشكل الثاني اذا
انعكست نتيجته تكون في الشكل الاول والثالث: اما ابطال الصغرى فبالشكل
الاول، واما ابطال الكبرى فبالشكل الثالث. وان المقاييس ايضًا المبطلة لمقدمتي
القياس التي في الشكل الثالث اذا انعكست نتيجته تكون في الشكل الاول
والثاني: اما الكبرى فتبطل بالشكل الاول، واما الصغرى فبالشكل الثاني.
[Page 312]
ذلك القياس، والمقدمة المضافة هي احدى مقدمتي ذلك القياس. واما القياس على
طريق الخلف فانما نأخذ نقيض المقصود بيانه لا نقيض نتيجة قياس، ونضيف
اليه مقدمة صادقة لا مقدمة قياس مفروض. وايضًا فان عكس القياس انما يتأتى به
ابطال الشيء الكاذب بأن يتسلّم نقيض المحال الذي هو الصادق، وفي قياس
الخلف انما تتبيّن النتيجة بوضع المحال نفسه. وكل ما تبيّن بقياس حملي، وهو
الذي يسمى ⟪المستقيم⟫، يمكن ان يبيٌن بتلك المقدمات بعينها بقياس الخلف،
وحينئذٍ يكون قياس الخلف اشبه شيء بالقياس المنعكس وذلك ان صورته
تكون تلك الصورة بعينها؛ وسبب ذلك ان القياس المستقيم اذا ردّ الى الخلف تكون
الحدود والمقدمات فيها واحدًا بعينه. مثال ذلك ان نفرض ان ا موجودة في كل ب
بقياس مستقيم بأن تكون
ا
موجودة في كل
ﺟ
، و
ﺟ
، موجودة في كل
ب
،
فينتج لنا ان
ا
موجودة في كل
ب
. فان اردنا بيان هذه النتيجة بالخلف قلنا: ان
ا
ان لم تكن في كل
ب
، فليكن عكسها الى النقيض صادقًا وهو ان
ا
ليست في
بعض
ب
، ولنضف اليها ان
ا
موجودة في كل
ﺟ
، فيلزم عن ذلك ضرورة في
الشكل الثاني ان تكون
ﺟ
غير موجودة في كل
ب
، وذلك نقيض المقدمة الصغرى
وهو محال. فاذن الموضوع وهو نقيض النتيجة او ضدها محال، واذا كذب نقيض
الموضوع صدق نقيضه وهي النتيجة وهذا بعينه هو صنعة عكس القياس. وكذلك
يعرض في سائر الاشكال لان كل قياس يقبل الانعكاس يقبل بيان نتيجته على
طريق الخلف.
وجميع المطالب الاربعة تبيّن بالخلف في كل الاشكال ما خلا الموجبة الكلية
فانها لا تبيّن بالشكل الاول وتبيّن بالثاني والثالث. فاما انه لا تبيّن الموجبة الكلية في
قياس الخلف بالشكل الاول فذلك يظهر هكذا. لننزل ان المقدمة التي نريد بيانها
هي ان
ا
في كل
ب
، فاذا رمنا بيان ذلك بطريق الخلف فان ذلك يكون ان
كان: اما بأن نأخذ نقيضها وهو ان
ا
غير موجودة في كل
ب
، او ضدها وهو ان
ا
غير موجودة في شيء من
ب
؛ ثم اذا اضفنا الى احد هذين المتقابلين مقدمة اخرى
يكون تأليفها مع مقابل النتيجة تأليف الشكل الاول فانه يجب ان تكون: اما
محمولة على
ا
، واما ان تكون موضوعة ﻟﻠ
ب
، مثل ان نقول:
ﺟ
على كل
ا
، او
على كل
ب
ﺟ
، فان كان المقابل للموضوع نقيضًا وهو ان
ا
ب
ليست في كل ،
[Page 313]
فهو بيّن انه ليس يكون قياس في الشكل الاول الى اي الطرفين وضعت المقدمة
الاخرى. وذلك انه ان كانت الصادقة ان
ﺟ
في كل
ا
، كان معنا
ﺟ
في كل
ا
و
ا
ليست في كل
ب
، وذلك غير منتج في الشكل الاول لان الصغرى سالبة؛ وان
وضعناها من ناحية
ب
يكون معنا:
ا
ليست في كل
ب
، و
ب
في كل
ﺟ
، وهذا
ايضًا غير منتج في الشكل الاول لان الكبرى فيه جزئية، وقد قيل ان ذلك غير
منتج. فان اخذنا ضد الموجبة التي رمنا اثباتها، واضفنا اليها المقدمة المعروف
صدقها من ناحية اﻟ
ب
، مثل ان نضع
ا
ولا في شيء من
ب
، و
ب
في كل
ﺟ
، فانه ينتج في الشكل الاول ان
ا
ولا في شيء من
ﺟ
وذلك محال. فاذن ما
وضعنا محال وهو قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
. الا انه ليس يلزم متى كذب قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
ان يصدق ضدها وهو قولنا:
ا
في كل
ب
الذي كان
مطلوبنا، اذ كان المتضادان يكذبان معًا كما سلف في الكتاب المتقدم. فان
اضيفت المقدمة الصادقة من ناحية
ا
لم يحدث قياس لانه تكون الصغرى سالبة في
الشكل الاول. فهو بيّن ان كل قياس على طريق الخلف فانما يكون بأخذ الضد او
بأخذ النقيض، وباضافة مقدمة صادقة الى احداهما؛ وكان قد تبيّن انه اذا
اخذ نقيض الموجبة الكلية واضيف اليها مقدمة كلية صادقة، انه لا يكون قياس،
وانه اذا اخذ الضد: فاما الاّ يكون قياس، واما ان يكون قياس لكنه لا ينتج
محالاً يلزم عن كذبه صدق الموجبة الكلية المطلوب بيانها. فاذن ليس يمكن ان تبيّن
الموجبة الكلية بقياس خلف يكون الحملي السائق فيه الى المحال في الشكل الاول.
واما
الجزئية الموجبة فانه يمكن بيانها بالخلف في الشكل الاول اذا اخذنا المقابل
لها السالبة الكلية الذي هو النقيض، لا السالبة الجزئية التي هي ضدها، وذلك
ايضًا متى كانت المقدمة الصادقة من ناحية ب لا من ناحية
ا
. فلنضع ان
ا
لم يكن
صادقًا وجوده في بعض
ب
، فلا شيء من
ا ب
، ثم نضيف الى هذا ان كل
ب ﺟ
، فينتج ان
ا
ولا في شيء من
ﺟ
وذلك كذب. فاذن الذي لزم عنه
الكاذب كاذب وهو قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
، واذا كذب هذا صدق نقيضه
وهو قولنا:
ا
في بعض
ب
، وذلك ما قصدنا بيانه. واما متى اخذت المقدمة
الصادقة من ناحية ا فانه تكون الصغرى سالبة في الشكل الاول، فلا يكون قياس.
وكذلك ان اخذ الضد لا يكون قياس، لانه ان وضعت المقدمة الصادقة الموجبة
[Page 314]
من ناحية ا كانت الصغرى سالبة، وان وضعت من جهة
ب
كانت الكبرى جزئية، وكلاهما
غير منتج في الشكل الاول.
فان اردنا ان نبيّن بقياس الخلف السالبة الكلية، فان موضوعنا المقابل لها
ينبغي ان يكون الموجبة الجزئية وهي النقيض، وهو قولنا:
ا
في بعض
ب
، فاذا
اضفنا اليها ان
ﺟ
في كل
ا
انتج المحال وهو ان
ﺟ
في بعض
ب
. فاذن قولنا:
ا
في
بعض
ب
كاذب، واذا كذب هذا صدق
ا
ولا في شيء من
ب
، وهو المطلوب.
وكذلك يعرض ان كانت المقدمة الصادقة الكلية سالبة. فان وضعنا المقدمة الصادقة
من جهة
ب
لم يحدث قياس لان الكبرى تكون جزئية في الشكل الاول، وان اخذنا
مكان النقيض الضد حدث قياس ينتج المحال الى اي ناحية وضعنا المقدمة الصادقة
من طرفي النقيض، الا انه لا ينتج محالاً يلزم عن كذبه صدق مقابله الذي هو
المطلوب.
[Page 315]
فقد تبيّن ان جميع المطالب تبيّن بالخلف في الشكل الاول ما عدا الموجب
الكلي، وان الذي ينتفع به في كل مادة في قياس الخلف هو أخذ نقيض ما يرام
بيانه لا اخذ ضده، لانه اذا كذب احد الضدين على ما تبيّن في الكتاب المتقدم لم
يلزم ان يصدق الضد الآخر، ولا هو ايضًا من المشهور ان الضد اذا كذب صدق
ضده.
[Page 316]
فان اردنا ان نبيّن السالبة الجزئية، فانّا نأخذ نقيضها وهو
ا
في كل
ب
،
ونضيف اليها
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، فيلزم المحال وهو ان
ﺟ
غير موجودة في
شيء من
ب
. فنقيض ما لزم عنه المحال صادق وهو قولنا:
ا
ليست في بعض
ب
الذي قصدنا بيانه.
فقد تبيّن من هذا ان جميع المطالب تبيّن بالخلف في الشكل الثاني.
[Page 317]
الكلية وهي قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
. فان اخذ الضد عرض في ذلك ما
يعرض في سائر الاشكال.
فان
اردنا ان نبيّن السالبة الجزئية فانّا نضع نقيضها الذي هو الموجبة الكلية، مثل
ان نضع
ا
في كل
ب
، ونضيف اليها ان
ﺟ
موجودة في كل
ب
وهي التي لا يشك في
صدقها، فينتج لنا ان
ﺟ
موجودة في بعض
ا
. فان كان ذلك كذبًا فالنقيض
الذي هو الموجبة الكلية المشكوك فيه كذب، واذا كذبت الموجبة الكلية صدقت
السالبة الجزئية.
فقد تبيّن من قياس الخلف ها هنا امران غير الذي سلف: احدهما انه انما
يكون دائمًا منتفعًا به في كل مادة بأخذ النقيض لا بأخذ الضد، والثاني ان
جميع المطالب تتأتى به في الشكل الثاني والثالث، وان الشكل الاول لا يتأتى فيه
الموجب الكلي فقط، وتتأتى فيه باقي المطالب الثلاثة.
[Page 319]
[Page 320]
المستقيم يكون في الشكل الاول والثاني: اما الموجبات ففي الشكل الاول، واما
السوالب ففي الثاني.
[Page 321]
النتيجة الكاذبة
ا
في كل
ﺟ
. فاذا اخذنا نقيضها وهو ان
ا
ﺟ
ليست في بعض ،
واضفنا اليها المقدمة الصادقة وهي ان كل
ب
في كل
ﺟ
، فبيّن ان المقدمتين
انما يشتركان في الطرف الاصغر من نتيجة الشكل الاول، فيكون القياس في
الشكل الثالث وينتج ان
ا
ليست في بعض
ب
، وذلك هو الشيء المبيّن بطريق
الخلف في الشكل الاول. ويعرض ان اخذت المقدمة الصادقة من جهة
ا
سالبة ان
يكون قياسه المستقيم في الشكل الثاني فقط.
وليكن منتجًا لنا في الشكل الاول بقياس الخلف ان
ا
موجودة في بعض
ب
بوضعنا ان
ا
غير موجودة في شيء من
ب
الذي هو النقيض، واضافتنا الى ذلك ان
ب
في كل
ﺟ
، وهي الصادقة لانه ليس يمكن ان نضيفها من جهة
ا
لان الصغرى
لا تكون سالبة في الشكل الاول، فينتج لنا ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
وهو
المحال. فاذا اخذنا نقيض هذا المحال وهو ان
ا
في بعض
ﺟ
، واضفنا اليها المقدمة
الصادقة وهي قولنا:
ب
في كل
ﺟ
، فبيّن انه ينتج لنا في الشكل الثالث ان
ا
في
بعض
ب
لان
ﺟ
هو الحد المشترك لنقيض المحال والمقدمة الصادقة وهو موضوع
للطرفين. وكذلك يعرض اذا كانت المقدمة الصادقة المضافة الى النقيض جزئية،
اعني مقدمة
ب ﺟ
.
فهذه حال جميع ما تبيّن بالخلف في الشكل الاول، فانه قد تبيّن انه لا
يتبيّن فيه الموجب الكلي.
[Page 322]
اللتين احداهما نقيض الكاذبة والاخرى الصادقة الموضوعة في قياس الخلف، لم
يشتركا: لا في المحمول فتكون في الشكل الثاني، ولا في الموضوع فتكون في
الثالث، بل الذي اشتركت فيه هو موضوع للطرف الاكبر في المطلوب ومحمول على
الاصغر، وذلك هو تركيب الشكل الاول. وليكن مبرهنًا عندنا في الشكل الثاني
بالخلف موجبة جزئية وهو ان
ا
في بعض
ب
، بوضعنا ان
ا
ولا في شيء من
ب
الذي هو المقابل، واضافتنا الى ذلك ان
ا
موجودة في كل
ﺟ
حتى يلزم ذلك ان
ﺟ
ليست في شيء من
ب
الذي هو الكاذب، فاقول ان قياسه المستقيم يكون في
الشكل الاول. وذلك انه اذا اخذنا
ا
موجودة في كل
ﺟ
وهي الصادقة الموضوعة
في قياس الخلف، و
ﺟ
في بعض البا وهي نقيض النتيجة الكاذبة، فبيٌن انه
ينتج في الشكل الاول ان
ا
في بعض
ب
.
فان كان الذي يبيّن بالخلف سالبًا كليًا في الشكل الثاني بوضعنا نقيضه وهو ان
ا
موجودة في بعض
ب
، واضافتنا الى ذلك ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
حتى
تكون النتيجة الكاذبة ان
ﺟ
ليست في بعض
ب
، فان قياسه المستقيم يكون في
الشكل الاول. وذلك انّا اذا اخذنا نقيض النتيجة الكاذب وهو قولنا ان
ﺟ
في كل
ب
، واضفنا اليها
ا
ولا في شيء من
ﺟ
وهي الصادقة، فانه ينتج لنا في الشكل
الاول ان
ا
ولا في شيء من
ب
. وكذلك ان برهنا بالشكل الثاني في قياس الخلف
سالبة جزئية وهو ان
ا
غير موجودة في بعض
ب
، بوضعنا نقيضها وهو ان
ا
موجودة
في كل
ب
، واضافتنا الى ذلك ان
ا
غير موجودة في شيء من
ﺟ
، فيلزم عن
ذلك ان
ﺟ
غير موجودة في شيء من
ب
وهي الكاذبة. فان قياسه المستقيم يكون
بأن نأخذ
ﺟ
في بعض
ب
وهو نقيض النتيجة الكاذبة، ونضيف اليها المقدمة
الصادقة وهو قولنا:
ا
ولا في شيء من
ﺟ
، فيلزم عنه
ا
ليست في بعض
ب
.
فقد تبيّن من هذا ان ما تبيّن بالخلف في الشكل الثاني فان قياسه المستقيم
يكون في الشكل الاول، وذلك في جميع المطالب.
[Page 323]
في كل
ب
بوضعنا نقيضها وهو ان
ا
ليست في بعض
ب
، واضافتنا الى ذلك ان
ﺟ
في كل
ب
، حتى يكون الكاذب اللازم ان
ا
ليست في بعض
ﺟ
، فاقول ان قياسه
المستقيم يكون في الشكل الاول. وذلك انه اذا اخذنا نقيض المنتج الكاذب وهو
قولنا:
ا
في كل
ﺟ
، واضفنا الى ذلك
ﺟ
في كل
ب
الصادقة، انتج لنا في
الشكل الاول ان
ا
في كل
ب
وهو الذي تبيّن بالخلف، لان
ا
و
ب
لا يمكن فيهما
ان يشتركا الا بشيء ثالث يكون موضوعًا للألف ومحمولاً على
ب
اللذان هما طرفا
المطلوب. وكذلك ان برهنا بالخلف موجبة جزئية في الشكل الثالث وهو قولنا
ا
:
في بعض
ب
، بوضعنا نقيضها وهو قولنا:
ا
ولا في شيء من
ب
واضافتنا الى ذلك
ان
ﺟ
في بعض
ب
، حتى يكون الكاذب المنتج ان
ا
ليست في بعض
ﺟ
، فان
قياسه المستقيم يكون في الشكل الاول. وذلك اذا اخذنا نقيض الكاذب، اعني
النتيجة، وهو قولنا:
ا
في كل
ﺟ
، واضفنا الى ذلك
ﺟ
في بعض
ب
، اعني مقدمة
القياس الصادقة، فينتج لنا ان
ا
في بعض
ب
.
وكذلك ان بيّنا بالخلف سالبة كلية في الشكل الثالث بوضعنا نقيضها وهو قولنا:
ا
في بعض
ب
، واضافتنا الى ذلك
ﺟ
في كل
ب
، حتى ينتج لنا من ذلك
ﺟ
في
بعض
ا
الذي هو الكاذب، فاقول ان قياسه المستقيم يكون في الشكل الثاني. وذلك
انّا نأخذ نقيض النتيجة الكاذبة والمقدمة الصادقة التي استعملت في بيان الخلف،
فيكون معنا
ﺟ
ولا في شيء من
ا
، و
ﺟ
في كل
ب
، ينتج لنا:
ا
ولا في شيء
من
ب
، وهو الشيء المبيّن بطريق الحلف. وكذلك يعرض ان بيّنا بطريق الخلف
السالب الجزئي بأن نأخذ نقيضه وهو الموجب الكلي، مثل ان نأخذ
ا
في كل
ب
،
ونضيف اليه
ﺟ
في بعض
ب
، فينتج لنا ان
ﺟ
في بعض
ا
وهو المحال، فاقول ان
قياسه ايضًا المستقيم يكون في الشكل الثاني. وذلك انّا نأخذ نقيض النتيجة
والمقدمة الصادقة على العادة، فيكون معنا
ﺟ
ولا في شيء من
ا
، و
ﺟ
في بعض
ب
، ينتج لنا:
ا
ليست في كل
ب
او ليست في بعض
ب
.
فقد تبيّن ان جميع المسائل التي تتبيّن بقياس الخلف في جميع العلوم يمكن ان
تبرهن بقياسات مستقيمة، وان تردّ اليها بتلك المقدمات باعيانها وبتلك الحدود ايضًا
باعيانها، وان ردّ القياس المستقيم الى الخلف هو بعينه القياس الذي يسمى
[Page 324]
⟪المنعكس⟫. وكذلك تبيّن مما تقدم انه اذا ردّت المقاييس المستقيمة الى الخلف
لايّ قياسات ترجع في الخلف. وكذلك اذا ردّت قياسات الخلف الى المستقيمات
لايّ قياسات ترجع، وتبيّن ان كل مطلوب يمكن ان يبيّن بالخلف وعلى
الاستقامة.
[Page 325]
كل علم فاضل، بعض العلوم ليس بفاضل، فينتج لنا: بعض العلوم ليس
بعلم. والسبب في امكان هذا في الشكل الثاني ان المحمول في المقدمتين فيه هو واحد
بعينه؛ وهكذا الامر في المتقابلات، وسواء فرضنا الموجبة هي الكبرى والسالبة
هي الصغرى او كان الامر بالعكس، الامر في ذلك واحد بعينه. وليس يمكن ان
ينتج المتقابلات بالحقيقة في هذا الا بأن تؤخذ الموجبة والسالبة بعينها، مثل ان
نقول: كل علم فاضل، ليس كل علم فاضلاً؛ او نأخذ ما هو جزء لاحدى
المقدمتين ومنطو تحتها بدل المقدمة نفسها الموجبة والسالبة، مثل ان نأخذ بدل كل
علم ليس بفاضل، الطب ليس بفاضل، او بدل قولنا: كل علم فاضل، قولنا:
الطب فاضل، ثم نقرن به: ولا علم واحد فاضل، فانه لا فرق بين ان نقرنه
بالمقدمة المقابلة نفسها او بما هو منطو تحتها. ومتى لم تؤخذ المقدمتان بإحدى هاتين
الجهتين، لم تكن متقابلة ولا كانت قوتها قوة المتقابلة: لا في التي تتقابل على
طريق التضاد، ولا في التي تتقابل على طريق التناقض.
واما
في الشكل الثالث فانه لا يمكن في الاصناف الموجبة منه ان يكون
القياس يأتلف من المتقابلات، احداهما موجبة والاخرى سالبة. وتلك هي العلة
بعينها التي عرضت في الشكل الاول. واما اذا كان القياس سالبًا فانه قد يمكن ان
يأتلف فيه قياس من مقدمات اذا كانت المقدمات كلية او جزئية. مثال ذلك
قولنا: كل طب علم، ولا شيء من الطب علم، فانه يجب من هذا ان يكون بعض
العلم ليس بعلم. وكذلك يعرض ان اخذت احدى المقدمتين جزئية مثل ان نقول:
بعض الطب علم، ولا شيء من الطب علم، فانه يلزم عنه ان يكون بعض العلم
ليس بعلم. واذا كانت احدى المقدمتين في هذين القياسين جزئية والاخرى كلية،
فان القياس يأتلف من المتناقضة لا من المتضادة اذ كان المتضادان كليين.
وينبغي ان تعلم ان المقاييس التي تأتلف في هذين الشكلين من الموجبة والسالبة
ائتلافًا اوليًا، اعني التي سائر ما يأتلف مما يعدّ في هذا الباب، هي تابعة لها، هي
اثنا عشر قياسًا، ستة في كل شكل. وذلك انه لما كانت المتقابلات ثلاثة
ازواج: احدها قولنا: ⟪كل⟫، ⟪ولا واحد⟫، وهي المتقابلات على طريق التضاد،
والاثنان متقابلان على طريق التناقض: احداهما ان تكون الموجبة هي الكلية
[Page 326]
والسالبة الجزئية، والثانية عكس هذا، فبيّن انه يأتلف منها في كل واحد من
الشكلين ثلاثة اقيسة. ولان المقدمتين المتقابلتين لهما وضعان في الشكل الواحد:
احدهما ان تكون الموجبة هي الصغرى والسالبة الكبرى، والوضع الآخر عكس
هذا، لزم عن ذلك ان تكون اصناف المقاييس ستة في كل شكل منها؛ ولا
يبالى في هذا الوضع كانت الصغرى في الشكل الثالث سالبة او موجبة، لانه
انما منع ان تكون سالبة فيما سلف بالاضافة الى مطلوب محدود. والغرض ها هنا
بهذه المقاييس المركبة انما هو التغليط وانتاج المحال، سواءً كان المحال هو النتيجة او
عكسها.
فقد تبيّن من هذا القول في اي الاشكال يمكن ان تأتلف المقاييس التي من
مقدمات متقابلة، وكم عدد الاوائل التي تجري فيها مجرى الاسطقسات.
وهو بيّن انه قد يمكن ان تنتج من المقاييس التي فيها مقدمات كاذبة نتيجة
صادقة، ما عدا هذا الصنف من المقاييس، لان النتيجة فيها ابدًا تكون مقابلة
للشيء المفروض وهو ان الشيء الموجود غير موجود. مثل ان الحي ليس بحي، وما
يوصف بكذا فليس كذا، وسواءً كان ذلك موجودًا خارج الذهن او غير موجود.
مثل ان ينتج ما هو عنزايل فليس بعنزايل من مقدمتين متقابلتين مثل قولنا:
الانسان عنزايل، الانسان ليس بعنزايل فانه يلزم عنه ان عنزايل ليس بعنزايل،
وذلك قول متناقض في نفسه وان لم يكن عنزايل موجودًا. فان صدق ايجابنا
الشيء بعينه وسلبه معًا مستحيل، سواءً كان الشيء موجودًا او غير موجود. وانما لزم
هذا في هذه المقاييس من قبل ان المقدمتين متناقضتان: اما بأن المحمول والموضوع
فيهما واحد بعينه، واما بأن احدهما جزء للآخر. وهو ظاهر من هذا ان المقاييس
الفاسدة التي في الصنائع من قبل فساد مقدماتها قد يمكن ان تنطوي في المقاييس
الصحيحة التي في تلك الصناعة نقائض المقدمات الفاسدة، من غير ان يشعر بذلك
الذي اعتقد في تلك المقاييس الفاسدة انها صحيحة، وذلك اما انطواء جزئيًا او
لازمًا فيلزم صاحب الصناعة التبكيت من نفس ما يضعه في تلك الصناعة
ويسلمه. مثل ان يضع واضع ان الجرم السماي غير متناه، ويضع من ذلك انه
كري الشكل، فانه يلزم عنه ان يكون المتناهي غير متناه. وكثيرًا ما ينتفع بهذا في
مقاومة الاقاويل الفاسدة في الصنائع.
[Page 327]
وينبغي ان تعلم انه لا يمكن الانسان ان يغلط فيضع مقدمتين متقابلتين في قياس
واحد بسيط بعينه. وكذلك لا يمكن السائل ان يغلّط المجيب حتى يسلّم له
مقدمتين معًا متناقضتين في قياس واحد بسيط، ولا ان يسلمها اذا سُئل عنها بجهة
واحدة، مثل ان يسلّم ان هذا الشيء خير وانه ليس بخير، وانما يمكن ذلك اذا
سُئل عنها بجهة واحدة ووضعت لجهة او وضعت جزءًا من مقاييس مركبة. اما
وضعها بجهة والسؤال عنها بجهة فمثل ان ﻧَﺴﺌَﻞ: اليس الحي الابيض ليس بابيض؟
فانه يمكن ان يسلّم لنا هذا لان الحي الابيض هو مجموع شيئين وليس هو ابيض
وحده فقط. فعلى هذا المفهوم يمكن المجيب ان يسلّم لنا هذه المقدمة عند سؤالنا اياه
عنها، فاذا سألناه بعد: اليس الانسان حي ابيض؟ امكن ايضًا ان يسلّم لنا
هذه الاخرى فينتج عليه المحال وهو ان بعض ما هو ابيض ليس بابيض. وكذلك
يمكن ايضًا ان يسلّم لنا المتقابلتين اذا وضعنا احداهما جزءًا من قياس بسيط
نحو نتيجة محدودة، ووضعنا الاخرى ايضًا جزءًا من قياس آخر بسيط نحو ايضًا
نتيجة اخرى. وبهذا بعينه يمكن الانسان ان يغلط فيضع في المقاييس المركبة
مقدمات متناقضة، مثل ان يسلّم لنا ان كل طب علم، وكل علم طب، من غير
ان يصرّح باللازم عن ذلك وهو قولنا: كل طب ظن، ثم يسلّم لنا مقدمة ثانية
وهي قولنا: ولا شيء من الطب طب، فيكون قد سلّم لنا في هذه المقدمات
الثلاث مقدمتين متقابلتين وهو ان كل الطب ظن، ولا شيء من الطب ظن، فيلزم
عنه انه ولا شيء من الطب طب. واكثر ما يعرض هذا متى سألنا عن لازم
المقابل لا عن المقابل نفسه، فانه يخفى ويسلّم لنا وبخاصة متى كان اللازم بعيدًا،
مثل ان ﻧَﺴﺌَﻞ عن ايجاب محمول لموضوع فيسلّم لنا، ثم ﻧَﺴﺌَﻞ عن سلب ذلك
المحمول عن جنس ذلك الموضوع عن نوعه او شخصه فيسلّم لنا، فيلزم عنه
سلب ذلك المحمول بعينه عن جميع ذلك الموضوع الذي اوجب له.
[Page 328]
[Page 329]
نفسه، فهو الذي يسمى في هذه الصناعة ⟪مصادرة⟫، وهو وضع المطلوب
الاول. وهذا الفعل من الغالط او المغالط يقع على وجهين:
احدهما ان يضع المطلوب نفسه مقدمة في بيان نفسه، وذلك يعرض اذا كان
المحمول او الموضوع في المطلوب اسمين مترادفين على ما سيأتي بعد.
والوجه الثاني ان يبيّن نتيجة ما بمقاييس كثيرة مركبة من مقدمات كثيرة، سبيل
احدى تلك المقدّمات ان الاّ تتبيّن اذا استعملت تلك النتيجة مقدمة في القياس المنتج
لها. مثل ان يبيّن انسان ان
ا
موجودة في
ﻫ
، بأن يأخذ ان
ا
موجودة في
ب
، و
ب
في
ﻫ
؛ ثم يبيّن وجود
ب
في
ﻫ
بوجود
ب
في
ﺟ
و
ﺟ
في
ﻫ
، ثم يبيّن وجود
ا
في
ب
بوجود
ا
في
ﻫ
التي هي النتيجة، ووجود
ﻫ
في
ب
. فانه لا فرق بين هذا الصنف والصنف
الاول، الا ان الصنف الاول انتج فيه الشيء المقصود انتاجه من الشيء نفسه، وهذا
الصنف انتج فيه الشيء المقصود انتاجه باكثر من واسطة واحدة. والغلط في هذا الصنف
الثاني يقع كثيرًا لموضع النسيان، مثل ما يعرض لمن يبرهن انه اذا وضع خط مستقيم على
خطين مستقيمين فصيّر الزاويتين اللتين في جهة واحدة مساويتين لقائمتين، ان
الخطين متوازيان بانهما إن لم يكونا متوازيين فانهما اذا اخرجا على استقامة التقيا في
احدى الجهتين فيكون هنالك مثلث تكون زواياه اكبر من قائمتين، وذلك خلف لا
يمكن، فان كون المثلث ذا زاويتين قائمتين انما يبيّن بالخطوط المتوازية.
وبالجملة يعرض لمن يستعمل هذا النوع من البيان من الشناعة ما يلحق من
يقيس فيقول: ان كان هذا الشيء موجودًا فهذا الشيء موجود، وعلى هذه
الجهة تكون الاشياء كلها معلومة بانفسها وغنية عن ان تعلم بغيرها.
فمتى كان
عندنا شيء مجهول الوجود لشيئين مختلفين، وكان وجود احد ذينك الشيئين معلومًا
بنفسه، ورمنا ان نبيٌن وجود ذلك الشيء المجهول لاحد ذينك الشيئين بوجود للشيء
الآخر، فقد بينّا المجهول بمجهول؛ لكن ليس يلزم ان يكون مثل هذا البيان هو
البيان الذي يعرف ⟪بالمصادرة⟫. مثل ان يكون عندنا مجهول وجود
ا
في
ب
وفي
ﺟ
، ووجود
ب
في
ﺟ
بيّنا بنفسه، فنريد ان نبيّن وجود
ا
في
ﺟ
بوجوده في
ب
. وانما يجب ان يكون مثل هذا البيان مصادرة: اما في الحقيقة فمتى كان الشيئان
شيئًا واحدًا بعينه بالحقيقة، اعني
و
ب
، وانما يختلفان بالاسماء وذلك اذا
[Page 330]
كان لهما اسمان مترادفان، واما في الظن المحمود فاذا ظن ﺑ
ب
و
ﺟ
انهما شيء
واحد من غير ان يكونا في الحقيقة شيئًا واحدًا بالعدد، وذلك يعرض اذا كان كل
واحد منهما منعكسًا على صاحبه، مثل ان يكون احدهما خاصة للآخر، او حدًّا، او
رسمًا، او كان احدهما يلزم الآخر؛ وان لم يكن منعكسًا مثل لزوم الحيوان عن
وجود الانسان، لكن هذه هي مصادرة في المشهور لا في الحقيقة. واما اذا كانا
مختلفين في الاسم فقط فهي مصادرة حقيقية، مثل ان يبيّن انسان في هذا الشيء
المشار اليه انه بصير لانه جمل. وكذلك متى كان عندنا شيئان مجهولا الوجود
لشيء آخر، وكلاهما معلوم الوجود للآخر، واردنا ان نبيّن وجود احدهما لذلك
المجهول بوجود الآخر له، فانه ليس تكون هذه مصادرة على المطلوب ما لم يكن
ذانك الشيئان المعلوم وجود احدهما للآخر هما في الحقيقة شيء واحد ويظن
بهما انهما شيء واحد: اما لمكان ان كل واحد منهما منعكس على صاحبه، واما
لانه يلزمه. مثل ان يكون عندنا
ا
و
ب
مجهولي الوجود في
ﺟ
، ويكون وجود
ا
ﻟ
ب
معلومًا، فانه ليس يكون ذلك مصادرة على المطلوب ما لم يظن ان
ا
و
ب
شيء
واحد بعينه، او يكونا شيئًا واحدًا بعينه.
[Page 331]
بأن نأخذ
ا
في
ب
و
ب
في
ﺟ
، فان وجود
ا
في
ب
يكون المقدمة المجهولة، ووجود
ب
في
ﺟ
يكون المقدمة المعلومة اذ كانا اسمين مترادفين او ما يظن بهما انهما
كذلك. وكذلك يعرض ان كان
ا
و
ب
هما الاسمان المترادفان، اعني ان يكون وجود
ا
في
ب
هو المعلوم، ويكون وجود
ب
في
ﺟ
هو المجهول.
واذا كان هذا هكذا فهو ظاهر ان اصناف الاقاويل المركبة هذا التركيب المسمى
⟪مصادرة⟫ يكون في كل شكل من الاشكال الثلاثة، وانه اذا كان القياس
من مقدمتين موجبتين فانه تكون الاصناف المؤتلفة من هذا الجنس في الشكل الثالث
والاول ضعف الاصناف المنتجة في واحد واحد منهما: اما كونها في كل شكل فلأن
حدودها منعكسة بعضها على بعض، اعني المقدمة المعلومة، واما كونها ضعف
المنتجة في الموجبات فلأن كل صنف منها ينقسم الى قسمين: أحدهما ان تكون
الصغرى هي المجهولة، والكبرى هي المعلومة، والصنف الثاني عكس هذا وهو ان
تكون الصغرى هى المعلومة والكبرى هى المجهولة. واما اذا كان القياس سالبًا، اعني
من مقدمتين احداهما موجبة والاخرى سالبة، فليس يتفق ان تتضاعف هذه
الاصناف لان المجهولة انما تكون ابدًا السالبة اذ لا يصح ان تكون المقدمة المنعكسة
المعلومة سالبة لانها ابدًا: اما شيء هو في الحقيقة واحد، واما ما يظن به انه
واحد.
واذا كان البيان على جهة المصادرة صنفين: اما مصادرة حقيقية وهي التي
تكون المقدمة المنعكسة فيها اسمين مترادفين، واما مصادرة بحسب الظن الجميل
المشهور، وهي المقدمة التي يظن بها من قبل انعكاسها على نفسها انها واحدة، او
من قبل انطواء احد الحدّين تحت الآخر انها واحدة، فبيّن ان صناعة البرهان انما
ترفض المعنى الحقيقي منها، وان صناعة الجدل ترفض منها الصنفين جميعًا، اعني ما
هو مصادرة حقيقية وما هو مصادرة بحسب المشهور. واما صناعة السوفسطائية فهذا
البيان خاص بها، وكذلك يشبه ان تكون الخطابة لا ترفض واحدًا من صنفي هذا
البيان.
فقد تبيّن من هذا ما هو البيان المسمى ⟪مصادرة⟫ وكم اصنافه.
[Page 332]
[Page 333]
اعني المحمول والموضوع لحدود المقدمات التي لزم عنها المحال. مثال ذلك ان يكون
الاصل الموضوع الذي نروم ابطاله
ا
في كل
ب
، فنقول: ان كان
ا
في كل
ب
،
وكان
ﺟ
في كل
د
، و
د
في كل
ﻫ
، فانه يلزم ان يكون
ﺟ
في كل
ﻫ
، وذلك
محال؛ فالمحال انما لزم عن وضعنا
ا
في كل
ب
، فاذن
ا
في كل
ب
محال. فانه
ظاهر انه ليس لكون
ا
في
ب
في هذا القول تأثير في وجود
ب
في
ﻫ
الذي هو
المحال. ومثال هذا كما يقوله ارسطو من المواد من قال ان القطر لا يشارك الضلع لانه
ان شاركه وكان المتحرك انما يقطع المسافة المتناهية بعد ان يقطع نصفها، ولا يقطع
نصفها الا بعد ان يقطع نصف ذلك النصف، وكان يوجد في العظم انصاف لا
نهاية لها، فواجب ان كانت الحركة موجودة ان يكون المتحرك قد قطع مسافة غير
متناهية في زمان متناه، وذلك محال؛ والمحال انما لزم عن قولنا ان القطر مشارك
للضلع. فانه بيّن ان هذا القول الذي لزم عنه المحال، الذي هو شك ⟪زينن⟫ في
الحركة، ليس بمتصل بجزء من اجزاء الموضوع الذي ريم بهذا القول ابطاله. ولذلك قلّ
ما يستعمل هذا.
والنحو الثاني الذي هو اخفي من الاول ان يكون الوضع الذي ريم ابطاله
مشاركًا بأحد جزأيه: اما للمقدمات التي انتجت الكذب دون النتيجة، واما للنتيجة
الكاذبة والذي تكون مشاركته للنتيجة هو اخفى وهو الذي ذكره ارسطو. واذا كان
مشاركًا للنتيجة فاما ان يكون مشاركًا بالمحمول او بالموضوع؛ ثم اذا كان مشاركًا
بواحد من هذين فاما ان يشاركها على ان يكون محمولاً، اعني في النتيجة، واما
ان يشاركها على انه موضوع قيها. فيأتلف من ذلك اربعة اضرب: وذلك انه
اذا شارك النتيجة شارك المقدمات واذا شارك المقدمات في الشكل الاول فاما ان
يشاركها من فوق وذلك بأن يكون احد طرفي الموضوع محمولاً على الطرف المحمول
الاول في المقدمات اما المحمول منه واما الموضوع، فيكون احد طرفي الموضوع محمولاً
في النتيجة الكاذبة. مثال ذلك ان يكون الموضوع الذي نريد ان يلزم ان الكذب
لزم عنه، ان
ا
في كل
ب
، وتكون المقدمات المرتبة في الشكل الاول الذي بوساطتها
انتج الكذب
ﺟ
على
د
، و
د
على
ﻫ
. فاذا اخذنا مثلاً
ا
على
ب
، و
ب
على كل
ﺟ
، و
ﺟ
. على كل
د
، و
د
على كل
و
، ثم انتجنا عن ذلك محالاً وهو ان
ب
مقولة
على كل
ﻫ
، فهو بيّن ان هذا المحال لازم دون مقدمة
ا ب
الذي هو الاصل
[Page 334]
الموضوع، وان هذه المشاركة هي الموضوع الاصل المقصود ابطاله فقط، على ان
موضوع الاصل هو محمول في النتيجة الكاذبة. وان وضعنا القياس هكذا فقلنا
ا
:
في كل
ب
، و
ا
في كل
ﺟ
، و
ﺟ
في كل
د
، و
د
، في كل
ﻫ
، ثم انتجنا عن ذلك
محالاً وهو ان
ا
في كل
ﻫ
، فهو بيّن ان هذا المحال انما شارك الاصل الموضوع
الذي قصد ابطاله في المحمول فقط الذي هو
ا
على انه محمول في النتيجة، وانه
اذا. رفعت مقدمة
ا ب
التي هي الاصل الموضوع بقي المحال كما كان. وكذلك ان
وضع الاصل الموضوع مشاركًا لهذه المقدمات بأحد طرفيه من جهة اسفل، اعني
بأن يوضع موضوعًا لموضوع المقدمة الاخيرة من المقدمات التي انتجت الكذب. مثال
ذلك ان نضع
ﺟ
على كل
د
، و
د
على كل
ﻫ
، و
ﻫ
على كل
ا
، و
ا
على كل
ب
الذي هو الموضوع، ويكون المحال اللازم
ﺟ
على كل
ا
، فهو بيّن ان الموضوع يشارك
النتيجة الكاذبة بجزء المحمول على انه موضوع لها، وكذلك ان وضعنا
ﺟ
على كل
د
، و
د
على كل
ﻫ
، و
ﻫ
على كل
ب
، و
ا
على كل
ب
، وكان المحال ان
ﺟ
على كل
ب
، فهو بيّن ايضًا ان النتيجة الكاذبة شاركت الاصل الموضوع بموضوعه
على انه موضوع فيها.
فهذه كما نرى اربعة اصناف تحدث عن مشاركة المقدمات في الشكل الاول
لاحد طرفي الاصل الموضوع، وكلها يسوغ الجواب فيها بأن يقال انه ليس من قبل
الاصل الموضوع لزم الكذب لان الاصل الموضوع الذي هو مقدمة ا ب يرتفع في
جميعها ويبقى المحال بعينه. وكذلك يعرض مثل هذا في جميع ضروب الشكل
الاول وفي الشكل الثاني والثالث. والوقوف على ذلك قريب.
فقد تبيّن من هذا انه قد يكون الموضوع متصلاً بالمقدمات الوسط التي انتجت
النتيجة الكاذبة، ولا يكون الكذب لازمًا عن الموضوع، وعلى كم جهة يعرض
ذلك. ولذلك ليس يكتفى في كون المحال لازمًا عن الاصل الموضوع بأن يكون
مشاركًا للمقدمات التي انتجت المحال. بل وان يكون مع هذا اذا رفع ارتفع
الكذب. فانه اذا اجتمع هذان الامران للموضوع علم ان الكذب لازم عنه، اعني
ان يكون مشاركًا للنتيجة الكاذبة. وان يكون اذا ارتفع ولم تخلفه مقدمة ثانية مشاركة
ارتفع الكذب لانه قد يمكن اذا ارتفع الاصل الموضوع وخلفته مقدمة ثانية مشاركة
[Page 335]
له ان ينتج ذلك الكذب بعينه. فانه قد يمكن ان ينتج شيء واحد باوساط مختلفة
واما ان ينتج نتيجة واحدة بمقاييس مختلفة الحدود بأسرها فليس يمكن، الا ان
يكون الاختلاف في الحدود الوسط فقط دون الاطراف. ولذلك ليس يمكن ان
نقول انه اذا ارتفع الاصل الموضوع وبقي المحال، ان ذلك المحال قد يمكن ان يلزم
عن ذلك الاصل الموضوع بمقاييس مباينة بجميع حدودها للقياس الذي انتج
المحال دون الموضوع. واذا رفعنا الموضوع المشارك وبقي المحال، فبيّن انه يجب ان
يكون في المقدمات الوسط بين المحال والموضوع مقدمة كاذبة، فان النتيجة الكاذبة لا
يمكن وجودها عن مقدمات صادقة على ما تبيّن.
[Page 337]
[Page 338]
النتيجة تلزم عن مقدمتين كلاهما مأخوذة بالسؤال، فهنا يجب ان يَسئَل عن
ثلاث مقدمات ويترك المقدمة الرابعة التي هي نتيجة.
والوصية الثانية ان يَسئَل عن المقدمات البعيدة ويترك السؤال عن القريبة، وذلك
يتفق ايضًا في القياس المركب اذا كانت المقدمات المنتجة للنقيض نتيجتين عن
قياس كل واحد من ذينك القياسين يأتلف عن مقدمتين، فيكون ها هنا ست
مقدمات: اربع بعيدة وهي المقدمات التي ليست نتائج، واثنتان قريبة وهي
النتائج، فيَسئَل عن الاربع ويترك الاثنين. والفرق بين هذه الوصية والاولى،
وان كان كلا الوضعين حذفت منه النتائج، ان هنالك حذفت النتائج بما هي نتائج
وهنا بما هي قريبة.
والوصية الثالثة ان يغيّر ترتيب المقدمات في السؤال، فيَسئَل عنها على غير
النظام الذي تأتلف عليه في القول. مثال ذلك اذا رام ان ينتج عليه ان
ا
موجودة
في
ز
بتوسط وجود
ا
في
ب
، و
ب
في
د
و
د
في
ﻫ
، و
ﻫ
في
ز
، فليس ينبغي ان
يَسئَل هل
ا
موجودة في
ب
، ثم هل
ب
موجودة في
د
، ولكن ينبغي ان يَسئَل
اولاً: هل
ﻫ
موجودة في
ز
، ثم بعد ذلك هل ب موجودة في
د
، وعلى هذا النحو
يفعل في السؤال عن الباقية من عدم الترتيب الموجود لها عند الانتاج، فان بذلك
يخفي الامر على المجيب. فهذا ما يجب ان يفعله السائل من الاخفاء في القياس
المركب. واما في القياس البسيط الذي يكون من مقدمتين فقط وبحدّ اوسط واحد
فانه ينبغي ان يبتدئ بالسؤال اولاً عن المقدمة الكبرى، ثم حينئذٍ يَسئَل عن
الصغرى، لانه على هذه الجهة تخفى النتيجة جدًا على المجيب، وذلك انه يتشكل
في ذهنه خلاف التشكيل المنتج.
[Page 339]
فهو بيّن انه لا يخفى عليه متى اجتمع له من المقدمات التي يتسلمها من المجيب
تبكيت له ومتى لا يجتمع ذلك. لانه قد علمنا انه متى اقرّ المجيب بمقدمات
موجبة، او كان فيها الموجب والسالب، انه قد يمكن ان يكون تبكيت، لانه قد
تبيّن انه لا يكون قياس الا بأن تكون مقدمتاه معًا موجبتين او تكون احداهما
موجبة والاخرى سالبة. فان اجتمع مع هذا ان تكون النتيجة نقيض الوضع الذي
تضمن المجيب حفظه فقد كان تبكيت بالضرورة، لان التبكيت هو قياس منتج
نقيض الوضع الذي تضمن البحيب حفظه. فاما متى لم يقرّ المجيب بمقدمة موجبة،
فانه من المحال ان يكون تبكيت لانه قد تبيّن انه لا يكون قياس من مقدمات
سالبة، واذا لم يكن قياس لم يكن تبكيت؛ واما اذا كان تبكيت فقد يجب ان
يكون قياس، واما اذا كان قياس فليس يجب ان يكون تبكيت، وذلك ان هذه
هي حال الأخص مع الأعم، مثل حال الحيوان مع الانسان، وحال القياس المطلق
مع القياس المبكت. وكذلك بيّن ايضًا انه لا يكون قياس اذا لم يقرّ بمقدمة كلية،
لان القياس المنتج قد تبيّن ان من شرطه ان تكون احدى مقدمتيه كلية والثانية
موجبة.
[Page 341]
[Page 342]
في
د
، وان
ا
غير موجودة في شيء من
د
، لانه يكون عنده علم بالشيء الواحد
بعينه وجهل معًا، وذلك محال. الا ان هذا اذا تؤمل ظهر ان الوجه الاول، وهو
الذي لا تقال فيه الحدود المتوسطة بعضها على بعض، ليس يمكن ان يعرض لنا في
المقدمة الكبرى من احد القياسين ظن كاذب مع العلم بالمقدمة الكبرى من القياس
الآخر والمقدمتين الصغريين من القياسين كليهما. ومثال ذلك انه متى كان عندنا ان
ا
في كل
ب
، و
ب
في كل
د
، و
ﺟ
في كل
د
، فانه ليس يمكن ان يغلط فيظن
ان
ا
ليست في شيء من
ﺟ
، لانه يعرض من ذلك ان تكون مقدمتا القياسين
الكبريان منها متضادتين في الاعتقاد، او قوتهما قوة المتضادة في الاعتقاد
وذلك شيء لا يمكن، اعني ان تحصل لنا معرفة متضادة في الشيء الواحد بعينه،
وانما يلزم ذلك لانه اذا علم الانسان بعلم يقين ان
ا
موجودة في كل ما توجد فيه
ب
، وعلم ان
ب
في
د
فانه يعلم ان
ا
في
د
. فان توهم ان
ا
غير موجودة
في شيء مما توجد فيه
ﺟ
، مع علمه ان
ﺟ
في كل
د
، فقد توهم ان
ا
غير موجودة في
بعض ما فيه
ب
، مع توهمه ان
ا
موجودة في كل ما توجد فيه
ب
لأن
د
جزء من
ب
، او
قد توهم ان
ا
موجودة في
د
مع توهمه ان
ا
غير موجودة في
د
؛ وكلا الوجهين محال لانه
يكون: اما توهمًا متضادًا واما توهمًا قوته قوة التوهم المتضاد وذلك مستحيل، اعني
ان يكون الانسان يظن الايجاب والسلب في شيء واحد بعينه من جهة واحدة.
واما ان
يغلط الانسان في احدى هاتين المقدمتين الكبرين اذا لم يكن عنده علم بالمقدمة الاخرى
فذلك ممكن.
فهذه هي حال الظن والعلم في القياسات التي الحدود الوسط فيها مختلفة.
واما في القياس الواحد او القياسات المحمولة حدودها الوسط بعضها على
بعض فقد يمكن ان يكون عند الانسان علم وظن في النتيجة، لكن لا من جهة
واحدة بل من جهتين مختلفتين. مثال ذلك انه يمكن ان يكون معلوم عندنا ان
ا
في كل
ب
، و
ب
في كل
ﺟ
، وتكون النتيجة مجهولة عندنا وهي ان
ا
في كل
ﺟ
،
فنخدع فنظن ان
ا
ولا في شيء من
ﺟ
لانه ليس من علم المقدمتين فقد علم
النتيجة، اذ كانت النتيجة معلومة بالقوة في المقدمتين لا بالفعل على جهة ما يعرض
للجزﺋﻲ ان لا يكون معروفًا عند من عرف الكلي. مثال ذلك انه من علم ان
ا
موجودة في كل ما توجد فيه
ب
، وكانت
ب
موجودة في كل ﺟ
ﺟ
، فقد علم ان
ا
[Page 343]
موجودة في كل
ﺟ
، الا انه علم ذلك من قبل العلم الكلي وجهلها من قبل
الجزئي. وذلك ليس يمتنع من جهة الجهل ان يعرض له فيها ظن من قياس آخر
فاسد مضاد لعلمه. ومثال ذلك من المواد انه من علم ان كل مثلث فزواياه مساوية
لقائمتين، فقد علم المثلث المشار اليه المحسوس انه بهذه الحال بالقوة لا بالفعل،
ولذلك قد يمكن ان يغلط فيه فيظن به انه ليس بمثلث ولا زواياه مساوية لقائمتين،
وذلك انه عرفه من جهة الامر الكلي وجهله من جهة الامر الجزﺋﻲ الخاص به.
وبهذه المناسبة يجب ان يحل شك ⟪مانن⟫ الذي قيل فيه ان المتعلم ان كان يجهل
المطلوب فمن اين يعلم انه قد علم اذا علم، او كيف يعلم المجهول من المعلوم، وان
كان يعلم قبل ان يتعلم فالتعلم فضل. وذلك ان الجواب في هذا ان يقال ان
المطلوب هو مجهول من جهة انه خاص ومعلوم من جهة ما هو عام، لا ما جاوب
به افلاطون من ان يسلّم ان التعلم تذكر. لانه اذا كان عندنا ان كل مثلث زواياه
مساوية لقائمتين، وكنا نجهل هذا المثلث المخفي المشار اليه انه مثلث، فعندما ظهر
لنا بالحس انه مثلث علمنا ان زواياه مساوية لقائمتين، فليس يمكنهم ان يقولوا ان ما
حصل من العلم عند ظهور المثلث بأن زواياه مساوية لقائمتين هو تذكر، فانهم
يسلّمون ان ما حصل عن الحس ليس تذكرًا.
وكما ان الجهل الذي يكون لنا بالجزئي ليس يضاد العلم الذي لنا بالكلي، كذلك
العلم بالمقدمتين ليس يضاد الجهل بالنتيجة لان المقدمتين معلومة بالفعل والنتيجة
بالقوة. وذلك ان المعرفة تقال على اربعة ضروب: اما معرفة عامة، واما خاصة
واما بالقوة، واما بالفعل، وعلى هذه الجهات الاربع ليس يمتنع ان يوجد لنا في
الشيء الواحد جهل وعلم معًا، فيعرض لنا فيه ظن وعلم، اي من جهتين مختلفتين،
وذلك شيء موجود بالحس. فانّا نجد كثيرًا من الناس تكون عنده مقدمتان معلومتان
فينخدع في النتيجة، كما يكون عنده العلم الكلي فينخدع في الجزئي. ومثال ذلك
انه قد يكون عند انسان ما ان كل بغلة عاقر، وان هذه المشار اليها بغلة، ويظن
بها انها حاملة لمكان انتفاخ يراه في جوفها، فيكون عنده ظن وعلم بالشيء الواحد
بعينه: اما علم فمن قبل مقدمتيه الصادقتين اللتين عنده، واما ظن فمن قبل قياس
فاسد حدث له في ذلك الشيء. وذلك ان من شأن الظن الذي يحدث لنا في
امثال هذه المواضع في مقابلة العلم ان ينشأ عن قياس فاسد، فمتى علم المقدمتين
[Page 344]
وجهل النتيجة، فقد علم شيئًا واحدًا وجهله، لكن علمه من جهة القوة وجهله
من جهة الفعل؛ ومتى علم المقدمة الكبرى من القياس فقط فقد جهل الصغرى من
جهة وعلمها من جهة، لكن علمها من جهة الامر الكلي وجهلها من جهة
الخاص الجزئي؛ ومتى علم الصغرى فقد علم الكبرى من جهة وجهلها من جهة،
لكن علمها من جهة الجزئي وجهلها من جهة العلم الكلي.
فقد تبيّن من هذا على اي جهة يمكن ان يحصل لنا في النتائج علم وظن معًا،
اعني لانسان واحد، وعلى اي جهة لا يمكن ذلك، وان الجهة التي لا يمكن في
انسان واحد هي ممكنة في انسانين.
[Page 345]
تستعمل مع امثال اصحاب هذه الآراء اذا استقصي امرها وجدت معادة لانواع
المتقابلات ولانواع الاشياء التي يقال عليها اسم الواحد والكثرة.
[Page 346]
عكس المقدمة الصغرى مع عكس النتيجة، وحينئذٍ يبيّن انعكاس الكبرى. واما
انعكاس النتيجة عن انعكاس احدى المقدمتين، فليس يمكن في الصنف الموجب كما
امكن ذلك ها هنا، لانه لا ينتج من موجبتين في الشكل الثاني.
[Page 347]
من المقابل الآخر. مثال ذلك انه اذا كان كل شيء اما مكوّنًا واما غير مكوّن،
واما فاسدًا واما غير فاسد، وكان كل مكوّن فاسدًا وكل فاسد مكوّنًا، فاقول ان كل
غير مكوّن غير فاسد، وكل غير فاسد غير مكوّن.
برهان
ذلك ان لم يكن غير المكوّن غير فاسد فليكن فاسدًا، ولان كل شيء قد
وضع انه اما فاسدًا واما غير فاسد، فان كان غير المكوّن فاسدًا، وكان قد وضع
ان الفاسد ينعكس على المكوّن، اي ان كل فاسد مكوّن، فانه يلزم عن ذلك ان
يكون غير المكون مكوّنًا، وذلك خلف لا يمكن لانه يأتلف القياس هكذا: غير
المكوّن فاسد، وكل فاسد مكوّن، النتيجة: فكل غير مكوّن مكوّن. وبمثل هذا
يبيّن ان غير الفاسد ينعكس على غير المكوّن.
[Page 348]
[Page 349]
الخلق اذا استعملها الانسان مقدرة بحسب فعل تلك الصناعة؛ وذلك مثل الشجاعة
الطبيعية اذا اقترنت بالفروسية يكون فعل الفروسية على التمام.
فقد تبيّن من هذا كيف حال الحدود المنعكسة بعضها على بعض، وكيف
يقايس بين الآثر والافضل بهذا النوع من الاستدلال. ويشبه ان يكون ارسطو انما
خصّ هذا الموضع بالذكر ها هنا دون سائر مواضع الآثر والافضل لقرب هذا من
طبيعة القياس، اعني في عمومه.
[Page 351]
[Page 352]
وجود الاكبر في الاوسط بوجوده في الاصغر. وانما يكون هذا البيان لازمًا عن
الاستقراء لزومًا صحيحًا، اعني مناسبًا للزوم النتيجة عن القياس الصحيح
الشكل، متى استقرينا جميع الاصناف الصغيرة المرارة فوجدنا جميعها طويل
العمر ولانه حينئذٍ يجب اذا كان
ا
و
ب
موجودتين في كل
ﺟ
اي الطويل
العمر والصغير المرارة في البغل والفرس والحمار والانسان، ان تكون
ا
موجودة في
كل
ب
كما تبيّن قبل هذا. وذلك انه اذا استقرينا جميع الحيوانات الجزئية التي
اخذنا عوضها حرف
ﺟ
، انعكس حرف
ب
على حرف
ﺟ
في العمل، فلزم عن
ذلك ان تكون في كل
ب
على ما تبيّن قبل هذا. فلهذا ما يجب ان يكون اللازم
عن الاستقراء لازمًا صحيحًا اذا استوفيت فيه جميع الجزئيات، لانه يأتلف القياس
هكذا: كل صغير المرارة فهو اما بغل واما فرس واما حمار واما انسان، وكل واحد
من هذه طويل العمر. فكل قليل المرارة طويل العمر ضرورة. واما اذا لم تستوف فيه
جميع الجزئيات فليس يلزم عنه شيء بالضرورة.
[Page 353]
التي يتردد فيها ابو نصر. فاما هل تستعمل صناعة الجدل النوع من الاستقراء
الذي لا يستوفى فيه جميع الجزئيات بل اكثرها، وهل هو استقراء او قوته قوة
مثال، فذلك شيء يفحص عنه في ⟪كتاب الجدل⟫.
[Page 354]
عثمان، وبدل ب قتل الخلفاء، وبدل
ﻫ
قتل عمر رضي اللّه عنه. فاذا اردنا ان
نبيّن ان قتل عثمان جور فانما تقدم لذلك ان قتل الخلفاء جور، ونبيّن ذلك بأن
قتل عمر رضي اللّه عنه جور. فاذا تبيّن ذلك قلنا قتل عثمان هو قتل الخلفاء،
وقتل الخلفاء جور، فقتل عثمان جور. وهو بيّن ان كون عثمان خليفة، وان
قتل عمر جور، اعرف عندنا من ان قتل عثمان رضي اللّه عنه جور. وهو بيّن انّا
انما بيّنا ان الطرف الاكبر موجود في الاوسط وهو قولنا: قتل الخلفاء جور،
بوجوده في الشبيه بالطرف الاصغر الذي هو قتل عمر الشبيه بعثمان في الخلافة
والصحبة. وكذلك يعرض ان كان تبيّن وجود الطرف الاكبر في الواسطة بوجوده
في اشياء كثيرة ما لم تستوف فيه جميع الجزئيات، فيكون الاستقراء المتقدم.
ويبيّن من هذا ان المثال هو البيان الذي يكون المصيّر فيه من جزﺋﻲ اعرف الى
جزﺋﻲ اخفى لان المتشابهين ليس احدهما تحت الآخر، وان الاستقراء هو مصيّر من
جزئيات اعرف الى كلي اخفي، والقياس من كلي اعرف الى جزئي اخفي، وهي
النتيجة الداخلة تحت المقدمة الكبرى.
[Page 355]
واستوفيت جميع الجزئيات على الشرط المذكور فيه، فقد تبيّنت النتيجة بنفس
الاستقراء، فلم يكن ما تبيّن به ينتفع به في ان يحصل جزء قياس بل يكون ذلك بيّنًا
بالاستقراء وحده من غير ان يضاف الى الاستقراء قياس. واما كونها اقل خفاءً من
النتيجة او مساوية لها في الخفاء، فلانه اذا كانت هي اخفى من النتيجة لم يمكن ان
تبيّن الا بحد اوسط لا باستقراء. وذلك ان خفاء ما يبيّن بالاستقراء واجب ان يكون
دون خفاء ما يبيّن بالقياس، والا كانت قوة القياس والاستقراء واحدة. وانما يعرض ان
يكون خفاء المقدمة التي تبيّن بالاستقراء مساوية للتي تبيّن بالقياس، اعني النتيجة، اذا
كانت النتيجة انما يجهل منها المعنى الذي يجهل من المقدمة الصغرى وهو كونها كلية.
مثال ذلك ان يكون المطلوب: هل كل فضيلة متعلمة، فنروم بيان ذلك بمقدمتين:
احداهما ان كل فضيلة علم، والثانية ان كل علم متعلم؛ فتكون الكبرى معلومة بنفسها
وهي قولنا ان كل علم متعلم، وتكون الصغرى مجهولة الكلية بمثل جهل النتيجة، لأن
من المعلوم لنا ان بعض الفضائل وهي الحكمة علم ومتعلمة، وانما المطلوب هل كل فضيلة
علم ومتعلمة. فاذا صحّ لنا بالاستقراء ان جميع الفضائل علم، فيكون قد صحّ لنا
المقدمة الصغرى وهي ان كل فضيلة علم بعد ان كان جهلنا بهما على وتيرة واحدة،
اعني بالمقدمة الصغرى وبالنتيجة، وذلك من جهة ان الوجود فيهما كان معلومًا، وانما
كان المجهول بالكلية. واما اذا كانت النتيجة مجهولة الوجود بالجزء والكل، اي على
الاطلاق، وكانت الكبرى معلومة بنفسها، والصغرى مما شأنها ان تبيّن بالاستقراء،
فانه يجب ضرورة ان تكون المعرفة بها اكثر من المعرفة بالنتيجة. وذلك يعرض اذا كانت
الجزئيات المستعملة في الاستقراء محدودة العدد، مثل ما كان عرض للمهندس القديم
حين اراد ان يبيّن ان الدائرة يوجد لها شكل مربع يساويها، بأن وضع مقدمة كبرى وهو
ان كل شكل مستقيم الخطوط فيوجد مربع يساويه، وذلك معروف عند المهندسين؛ ثم
رام ان يبيّن ان كل دائرة فانها مساوية لشكل مستقيم الخطوط بأن قسّم الدائرة الى
اشكال يسيرة العدد، مساوية للاشكال المستقيمة الخطوط، وهي الأشكال الهلالية.
فانه لو كانت الدائرة تنقسم كلها الى الاشكال الهلالية حتى تفنيها، لقد كان ما
عمل من الاستقراء في هذا الموضع يجري مجرى ما كانت المقدمة الصغرى فيه اقل خفاء
من النتيجة.
واما متى لم تكن الأوساط محدودة، فان امثال هذه المقدمات ليس تبيّن بالاستقراء
[Page 356]
وانما تبيّن بالقياس. ولذلك يقول ارسطو في امثال هذه انه ليس يسمى البيان المستعمل
فيها استقراء، لان البيان الواقع في مثل هذه المقدمة: اما ان يكون بقياس، واما بمثال،
واما باستقراء لم تستوف فيه جميع الجزئيات. وقد صرّح هو في هذا الموضع ان هذا النوع
من الاستقراء هو مثال. وكما انه اذا كانت وسائط المقدمة الصغرى كثيرة لم يسمّ
البيان المستعمل في ذلك استقراءً، كذلك ايضًا ولا اذا كانت المقدمة الصغرى معلومة
بنفسها؛ فالمقدمة التي تبيّن بالاستقراء من خاصتها ان تكون صغرى، وتكون اقل خفاء
من النتيجة او مساوية لها، وان تكون غير معلومة بنفسها.
[Page 357]
ا
مسلوبة عن كل ما يحيط
بب
ويحمل على
ب
، وليكن مثلاً
ﺟ
، فتكون
ب
موضوعة
بالطبع لجيم، و
ﺟ
موضوعة للالف، وذلك هو تأليف الشكل الأول ضرورة. وان
قاومناها مقاومة جزئية اخذنا ان
ا
مسلوبة عن بعض
ب
. وليكن ذلك البعض
د
، فيأتي
د
موضوعة بالطبع للطرفين، وذلك هو تأليف الشكل الثالث، وتكون كلتا المقدمتين
الموضوعتين للمناقضة مقابلة بالقوة للمقدمة التي يقصد ابطالها: اما من جهة انها اعم،
واما من جهة انها اخص. وكذلك يفعل اذا كانت المقدمة التي يرام ابطالها كلية سالبة.
ومثال ذلك من المواد ان يقصد الى مقاومة قول القائل: كل زوج من الاضداد علمها
واحد، فاذا اردنا ان نقاومها بمقدمة كلية سالبة، اخذنا سالبة تحيط بها وهي قولنا:
ولا زوج واحد من المتقابلات علمها واحد، ولكون الاضداد التي هي موضوع المقدمة
التي قصد لابطالها داخلة تحت المتقابلات. فيأتلف القياس في الشكل الأول وهو ان
الاضداد متقابلات، ولا زوج من المتقابلات علمها واحد، فولا واحد من الاضداد
علمها واحد. وان قاومنا هذه المقدمة الكلية بمقدمة جزئية، اخذنا المحمول فيها مسلوبًا
عن بعض الاضداد، وليكن مثلاً ان المجهول والمعلوم ليس علمها واحدًا، فيأتي
الحدّ الاوسط موضوعًا للطرفين، ويأتلف القياس هكذا: المجهول والمعلوم ليس علمها
واحدًا، والمجهول والمعلوم اضداد، فاذن بعض الاضداد ليس علمها واحدًا.
وكذلك يعرض اذا كانت المقدمة التي يقصد مقاومتها سالبة كلية، اعني ان المقاومة
لها ان كانت كلية كانت في الشكل الأول، وان كانت جزئية كانت في الثالث.
ولما كان بيّنا انه يجب ان يؤلف القياس تأليفًا يكون مطابقًا للموجود، اعني ان
تكون فيه المحمولات في الذهن على ما هي عليه بالطبع خارج الذهن، وهو الذي يعرف
بالحمل على المجرى الطبيعي، فبيّن ان المقاومة انما تأتلف في الشكل الأول والثالث لأن
مادة المقدمة التي نأخذها مناقضة بالقوة تقتضي هذا، لانها ان كانت كلية كما قلنا
كان الشكل الاول، وان كانت جزئية كان الشكل الثالث. فاما المقاومة بالشكل الثاني
فانه انما يتأتي ذلك لا بأن نضع المقدمة التي هي بالقوة مناقضة للمقدمة المقصود ابطالها
من اول الامر على انها بينة بنفسها، بل بأن نضع عكسها اولاً على انه بيّن بنفسه، ثم
نضع انها منعكسة. ولذلك يحتاج المناقض كما يقول ارسطو، بالشكل الثاني، الى
عمل كثير. ومثال ذلك انه اذا اراد ان يناقض قولنا: ا في كل ب مناقضة كلية في
الشكل الثاني، فانه يضع اولاً على انه بيّن بنفسه ان
ﺟ
المحيطة بب ليست في شيء
[Page 358]
من
ا
، ثم يضع ان هذا ينعكس حتى تعود ولا في شيء من
ﺟ
، هذا كله تكلف خارج
عن الطبع، مع انه يكون حملاً على غير المجرى الطبيعي. وكذلك الحال في المقاومة
الجزئية التي تكون في الشكل الاول.
فهذه هي اصناف المقاومات التي تكون بالأشكال الحملية. وهنا ايضًا مقاومات
مأخوذة من الضد ومن الشبيه ومن الرأي المقبول عن واحد مرتضى او نفر مرتضين.
والمقاومة من الضد ومن الشبيه تكون في المقاييس الشرطية. مثال المقاومة من الضد
ان يضع واضع ان الخيّز هو الذي يحسن الى جميع اخوانه، فيقاومه بأن يقول: لو كان
الخيّر هو الذي يحسن الى جميع اخوانه، لكان الشرير يسيء الى جميع اخوانه. ومثال
المقاومة بالشبيه ان يضع واضع ان الابصار يكون بأن يخرج من البصر شيء الى المبصر،
فيقول انه لو كان ذلك لوجب ان يكون السمع بشيء يخرج من السمع الى
المسموع. ومثال المقاومة التي تكون من الرأي المقبول قول القائل: ليس ينبغي ان يعذر
السكارى فيما جنوا لان مالكًا كان يعذرهم وكان يلزمهم الجنايات.
[Page 359]
للاكبر، فتأتلف العلامة في الشكل الاول؛ واما ان تكون محمولة عليهما فتأتلف في
الشكل الثاني؛ واما ان تكون موضوعة للطرفين فتأتلف في الشكل الثالث. مثال ذلك
في الشكل الاول قول القائل: هذه المرأة قد ولدت لانها ذات لبن، فانه يأتلف
القياس هكذا: المرأة ذات لبن، وكل ذات لبن والدة، فهذه المرأة والدة وهي
النتيجة. ومثال ائتلافه العلامة في الشكل الثالث قول القائل: الحكماء فضلاء لأن
سقراط فاضل، فيأتلف القياس هكذا: سقراط حكيم، وسقراط فاضل، فالحكيم
اذن فاضل. ومثال ائتلاف العلامة في الشكل الثاني قول القائل: هذه المرأة قد ولدت
لأنها مصفرّة، فيأتلف القياس هكذا: هذه المرأة مصفرّة، والوالدة مصفرّة، فينتج في
بادئ الرأي ان هذه المرأة والدة. فاذا صرّح في جميع هذه الاصناف الثلاثة
بالمقدمتين جميعًا سمّيت اقيسة، واذا اضمرت احدى المقدمتين اما لبيانها او لكذبها
سمّيت علامة. والعلامة التي تكون في الشكل الأول لا تنقض من قبل صحة لزوم
النتيجة عنها؛ واما التي في الشكل الثالث فتنقض من قبل ان النتيجة تؤخذ كلية وهي
في الحقيقة جزئية؛ واما التي في الشكل الثاني فتنقض من قبل ان الشكل نفسه لا
يكون فيه قياس من مقدمتين موجبتين، لانه ليس اذا كانت المرأة الوالدة في وقت ما
تلد صفراء، وكانت هذه المرأة صفراء، يجب ان تكون والدة.
فيعمّ جميع هذه العلامات الثلاث ان مقدماتها تكون صادقة، وتنفصل بعضها
ببعض بالاشكال التي تأتلف فيها. فالمسمى من هذه علامة بالحقيقة هو ما ائتلف في
الشكل الثاني والثالث، وهو ما كانت العلامة فيه اخص من الطرفين وأعم من الطرفين،
اعني طرفي المطلوب: فاذا كانتا اعم ائتلف في الشكل الثاني، واذا كانتا اخص ائتلف
في الثالث. واما العلامة التي تأتلف في الشكل الاول فهي اصدق العلامات واحمدها،
وهي التي تخصّ باسم الدليل.
[Page 360]
مثل انه من تعلم صناعة الموسيقى فقد تأثرت نفسه لكنه لم يتأثر عن ذلك بدنه،
واما من خلق شجاعًا من الحيوان بالطبع او جبانًا بالطبع فان لقائل ان يقول انه
توجد ابدان هذه الانواع من الحيوانات متأثرة عن هذه العوارض الطبيعية الموجودة
في نفوسها. فاذا سلّم هذا وسلّم انه يوجد لنوع نوع من انواع الحيوانات عارض
عارض من العوارض النفسانية الطبيعية، لزم ان يوجد لواحد واحد منها علامة
واغراض خاصة لعارض عارض من عوارض انفسها الطبيعية، واذا كان الامر
كذلك امكن ان يوجد قياس الفراسة. مثال ذلك انه لما كانت قد توجد الشجاعة
للاسد فقد يجب ان يكون في خلقته علامة تدل على الشجاعة، لانه قد وضعنا ان
النفس والبدن يتأثران عن العوارض النفسانية الطبيعية. فلتكن تلك العلامة مثلاً
عظم الاطراف العالية فيكون واجبًا ان يوجد عظم الاطراف في كل نوع من انواع
الحيوان يكون شجاعًا، لانه يجب ان تكون هذه العلامة هي خاصة بالشجاعة
اذ قد وضعنا ان لكل عارض من عوارض النفس علامة خاصية، والشجاعة قد
توجد في غير الاسد، وذلك ان الانسان وغيره شجاع. فيجب متى حصلنا
العلامات الدالة في نوع نوع من انواع الحيوانات على العوارض النفسانية التي
يختص بها نوع واحد او اكثر من نوع واحد، كان ذلك الذي يوجد في ذلك
الحيوان الواحد منها هو عارض واحد او اكثر من عارض واحد. مثل ان يكون
الاسد الشجاعة والسخاء، ولكل واحد من هذه علامة قد عرفناها ان نستعمل
الفراسة، فنحكم على ما يوجد له من الاشخاص تلك العلامة انه يوجد له ذلك
العارض من عوارض النفس.
وقياس الفراسة يكون اذا انعكس الحدّ الاوسط على الطرف الاكبر، ولم
ينعكس عليه الطرف الاصغر؛ لانه متى كان الحدّ الاوسط غير منعكس على
الاكبر، لم تكن العلامة خاصة بذلك الاثر فلم تدل عليه. مثال ذلك انه ان لم
يكن صادقًا قولنا ان كل عظيم الاطراف شجاع، لم ينتفع بذلك في بيان ان هذا
الانسان شجاع لانه عظيم الاطراف؛ وذلك انه انما كان معنا ان الشجاع عظيم
الاطراف، وعظيم الاطراف هو الحدّ الاوسط، والشجاع هو الطرف الاكبر، فمتى
لم يصحّ عكس الطرف الواحد، وهو العظيم الاطراف، على الاكبر وهو الشجاع،
لم يمكن ان يبيّن منه ان زيدًا هذا شجاع لانه عظيم الاطراف، لان هذا يبيّن
[Page 361]
بمقدمتين: احداهما ان زيدًا هذا عظيم الاطراف، وكل عظيم الاطراف شجاع،
فزيد هذا شجاع؛ وانما كان من شرطه الاّ ينعكس الطرف الاصغر على الاوسط
لانه لو انعكس لكان كل عظيم الاطراف اسدًا. وذلك ان ها هنا ثلاثة
حدود: الاسد والشجاع والعظيم الاطراف، والعظيم الاطراف هو الاوسط،
والاسد الاصغر، والشجاع الاكبر؛ فلو صدق انعكاس الطرف الاصغر على
الاوسط، وهو ان كل عظيم الاطراف اسد، ان لم يمكن ان يوجد عظم
الاطراف لغير الاسد، فلم يكن يمكن ان يبيّن بذلك في غير الاسد انه شجاع،
كما انه لو لم ينعكس الاوسط على الاكبر لم يكن عظم الاطراف علامة خاصيّة
بالشجاعة.
وهنا انقضى تلخيص المعاني التي تضمنها
هذا الكتاب وهو ⟪كتاب القياس⟫ مجمد اللّه
يتلوه تلخيص ⟪كتاب انالوطيقى الثانية⟫ وهو
⟪كتاب البرهان⟫ ان شاء اللّه عزّ وجلّ