[Back to Page][Download]

DARE.fulltext: FT111

Averroes, Talḫīṣ kitāb al-burhān (تلخيص كتاب البرهان), Leiden Version.

[Page 153]
[121] ولموضع هذه الشكوك قد ينبغي أن نبتدئ ابتداء آخر ونتأمل
الأقاويل في ذلك وأيها جرى على الصواب أو على غير الصواب. إلا ان الذي
تبين
مما سلف مما ليس فيه شك هو أنه
ليس العلم الحاصل عن الحدود وعن القياس ﺷﻴﺌﺎ واخدا بعينه من جهة واحدة
ولا الحد والقياس ﺷﻴﺌﺎ واحدا بعينه، وأن الحد لا يمكن أن يتبين بالبرهان وأنه
قول تركيبه تركيب اشتراط لا تركيب حمل إلا إن أضيف إلى الحدود
فيكون مقدمة، والذى بقى هو أن نبحث هل العلم الحاصل
بالحد يمكن أن يستنبط من البرهان نفسه إذ لبس يمكن أن يبرهن عليه ـ على ما تقدم ـ
أم ليس يمكن أن يستنبط منه، وإن كان يمكن فمن أى إضافة يمكن. فنقول: أما البرهان
الذي يعطى لم شىﺀ موجود وأنه موجود، فقد فيل فيما تقدم أنه بعينه يعطى ما هو الشىﺀ.
لكن ذلك إنما يمكن إذا كان الحدود مجهول الوجود وكان السبب الذى أعطى في جواب
لم هو من الأسباب التى تقومت منها ذات الشىﺀ، فإن من هذه الأسباب تكون الحدود.
وأما البراهين التى تعطى وجود الشىﺀ، فإنما إن كانت إنما أعطت وجوده من قبل أمر
متأخر ليس هو بعلة لذلك الشىﺀ فليس يمكن أن تعطى مع وجوده ماهيته. وذلك إذا
كان الحد الأوسط أمرا ليس بجوهر بل عرضى. وأما البراهين التى تعطى وجود
الشىﺀ من قبل الأباب التى تقومت منها ذات الشىﺀ فقد يمكن أن تعطى مع العلم بوجود
الشىﺀ ماهية الشىﺀ. مثال ذلك أن الذي يبرهن على وجود الكسوف للقمر بأنه ليس يوجد
للقياس المنصوب له في تلك الحال ظل، فغير ممكن أن يستنبط ماهية الكسوف من مثل =

[Page 154] هذا البرهان. وأما الذى يبرهن أن الكسوف موجود للقمر من قبل أن الأرض قد حجزت
بينه وبين نورالشمس، فهذا قد أعطى مع وجود الكسوف ماهية الكسوف لأن حجب
الأرض له عن نور الشمس هى أكبر ماهية الكسوف. وذلك أنه كما يتفق فى البرهان
المطلق أن يعطى السبب والوجود معا، كذلك يتفق فيه أن يعطى الوجود والماهية مما
إذا عرض له أن كان السبب من الأسباب التى تقومت منها ذات الشىﺀ. ومثال هذا من
يبين وجود الرعد فى السحاب من قبل انطفاﺀ النار فيها، فإن الرعد ليس ماهية ﺷﻴﺌﺎ
أكثر من أنه صوت في الصحاب عن انطفاﺀ النار التي فيها. ولافرق بين البراهين والحدود
التى بهذه الصفة إلا في الوضع والترتيب فقط. وينبغى أن يعلم أن هذا النوع من البراهين
الذى يعطى الحد بذاته وجوره هو البرهان الذى بين فيه وجود الشىﺀ بحد، وذلك
إما على الإطلاق وإما في شىﺀ ما. وأما إذا كان المحدود بين الوجود بنفسه / وحده
مجهول، فليس يمكن أن يستنبط بالذات من البرهان ـ كما قال أرسطو قبل ـ بل إن
كان فبالعرض. فقد تبين من هذا أنه غير ممكن أن يبرهن على الحد وأنه ممكن أن
يستنبط من هذا النوع من البرهان وعلى هذا النحو من العمل، وتبين متى يكون ذلك
ومتى لا يكون. وأما الأشياﺀ التى منها يستخرج الحد المجهول على الإطلاق في كل موضع
فهى المواضع التى عددت في كتاب الجدل أعنى البراهين منها.

[Page 155] [122] قال: ولما كان يعض الأشياﺀ أسباب وجودها غيرها ـ وهى
الأمور المركبة ـ وبعضها أسباب وجودها ذواتها ـ وهى الأمور البسيطة ـ فبين أن
الأمور البسيطة ليس يمكن أن يوقف على حدودها من البراهين المطلقة ـ أعنى التى تعطى
الوجود والأسباب إذ كانت ليس لها أسباب. وإنما يتبين وجود هذه ببرهان الوجود
فقط إن لم تكون بينة الوجود بأنفسها. وليس لأمثال هذه حدود إلا باشتراك الاسم
لأنها إنما تأتلف من الأمور المتأخرة التى منها يبرهن وجودها. وأما الأشياﺀ المركبة
فهى الأشياﺀ التى لها الحرور الحقيقية وهى التى يمكن أن يوقف على ماهيتها من البرهان
نفسه لا أن تبين ما هياتها بالبرهان.